أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
فلسطين : الغِربال والغِربان!!

بقلم :  د.شكري الهزَّيل ... .11.10.08

تنتشر في الاونه الاخيره احاديث واقاويل وتحليلات كثيره حول الوضع الفلسطيني الداخلي والازمه الفلسطينيه الداخليه اللتي تعصف بمجمل مكونات وعناصر القضيه الفلسطينيه, ومن جهة اخرى يدور الحديث عن امكانية انطلاقة انتفاضه جديده ضد الاحتلال الاسرائيلي في وقت لم يعُد فيه المفاوض الفلسطيني المزعوم "بكفي حنين" من واشنطن فقط لابل تنعي واشنطن نفسها عدم امكانية قيام دوله فلسطينيه في نهاية حقبة رئاسةرئيس امريكي معتوه سياسيا واخلاقيا بكل ماتعنيه الكلمه من معنى وفحوى الى حد الجزم ايضا في قضية ان الفلسطينيون والعباسيون والدايتونيون الذين ركضوا وراء سراب وعود معتوه واشنطن,, هم انفسهُم معتوهين سياسيا وتاريخيا ومنكوبين عقليا ووطنيا الى حد ايضا ان اسرائيل وامريكا لم تُحولهُم الى عُملاء موضوعيين فقط لابل حرقتهُم وطنيا ضمن لعبة الاوراق وقصاصات الاوراق المحروقه!!....حبر على ورق ووهم متطاير: لادوله فلسطينيه, ولا وحده فلسطينيه, ولا القدس, ولا توقف الاستيطان,, ولا عودة اللاجئين, ولا اي شئ يُذكر تحقق منذ اوسلو 1993 وحتى يومنا هذا,, والعكس هو الصحيح وهو ان القضيه الفلسطينيه تراجعت وتدهورت منذ اوسلو نحو الخلف, وتدحرجت نحو الهاويه الى ان اصبح كامل الشعب الفلسطيني اما في سجن حقيقي او سياسي, او سجن جغرافي وديموغرافي ناهيك عن تدهور الحاله الاقتصاديه والاجتماعيه الى ان اصبحت اكثرية الشعب الفلسطيني اما في دائرة الفقر المدقع او تحت خط الفقر, وعندما نشير الى ان 60% من اطفال قطاع غزه يعانون من حالة سوء االتغذيه,, فهذا فقط غيض من فيض مأساوية الوضع الفلسطيني الراهن,, وعندما نُشير الى الغنى الفاحش اللتي جلبته اوسلو ومشتقاتها على قله من الانتهازيين والفاسدين الفلسطينيون, فنحن نشير ايضا الى غيض من فيض جرائم الثلل الساقطه وطنيا واخلاقيا بحق الشعب الفلسطيني وبالتالي الاحتلال الصهيوني وامريكا ليست هُما المُكونان الوحيدان لمقومات وعناصر المأساة الفلسطينيه الراهنه لابل ان الثلل الساقطه فلسطينيا والمحروقه تاريخيا كان لها دور خطير في خلق وتأطير وتجذير المأساة الراهنه من خلال الانبطاح والفساد السياسي والمالي المستشري في مناطق السلطه[ سلطة الفساد والمحسوبيه] الفلسطينيه وخارجها, مما خلق معادلة التيه السياسي والوطني الفلسطيني مقابل استفحال الاحتلال الاسرائيلي في احتلال الارض الفلسطينيه واذلال الشعب الفلسطيني من جهه ومعادلة الجوع والفقر المدقع اللتي تعاني منه قطاعات كبيره من الشعب الفلسطيني في مقابل غنى فاحش تعيشه اقليه اوسلويه فلسطينيه" فرق النهب المنظم" تابعه لاسرائيل ولامريكا من جهه ثانيه!!.. التحول من زمن منظمة التحرير ومقاومة الاحتلال واضرب واهرب الى زمن النهب المنظم " انهب واهرب", وزمن الصراع الداخلي الفصائلي بين حماس وفتح والسؤال المطروح:: هل بامكان شعب مشرذم سياسيا وفصائليا ومُنهك اقتصاديا وغير منظم, ومُخترق من الداخل ان يشعل انتفاضه فلسطينيه ثالثه وناجحه؟؟
الجواب على هذا السؤال يتطلب ان نعزل بين قدرة وقوة وبسالة الشعب الفلسطيني البطل على المقاومه والصمود, وبين قدرة فرق الغدر " الفلسطينيه والعربيه " اللتي مارست وتمارس الغدر بحق الانتفاضات الفلسطينيه منذ عام 1936 ومرورا بعام 1987 وعام 2000 وانتفاضة الاقصى وحتى يومنا هذا , وللاسف لم نتستنتج العبر والدروس ولم نُغربل الغربان من بين صفوف شعبنا الفلسطيني حتى يومنا هذا: عام 1936 وفي ذروة الثوره والانتفاضه الفلسطينيه ضد المحتل الانجليزي والاستيطان الصهيوني كان الصراع الفلسطيني الداخلي على اشده بين اجنحة النشاشيبي واجنحة الحسيني[ رئاسة بلدية القدس, ومفتي الديار الفلسطينيه] وفي نهاية المطاف ورغم ان النصر الفلسطيني كان قاب قوسين او اكثر, الا ان النداء الذي وجهته الزعامات العربيه ومعها الفلسطينيه العميله الى الشعب الفلسطيني بضرورة وقف الانتفاضه على اساس وعد الانجليز الخادع بوقف تدفق المستوطنين الصهاينه الى فلسطين وعدم تقسيم فلسطين في حال اوقف الفلسطينيون انتفاضتهم وثورتهم ضد المحتل الانجليزي,,,هو [ اي النداء] الذي اوقف انتفاضة وثورة 1936 ومهد الطريق عسكريا وعمليا لكارثة عام 1948 وقيام دولة اسراويل على ارض فلسطين التاريخيه وتشريد اكثرية الشعب الفلسطيني... حرب عام 1967 هزمت اسرائيل الجيوش العربيه المهلهله واكملت مهمة احتلال كامل فلسطين......الانتفاضة الفلسطينيه عام 1987 اللتي هزت العالم وخلخلت اعمدة الاحتلال الاسرائيلي وشارفت على طرد الاحتلال من الضفه والقطاع, وجدت من يتأمر عليها في اوسلو1993 ويقطف ثمارها قبل ان تُينع لتاتي فرق الفساد والغدر الفلسطينيه وتعيث فسادا في فلسطين,,, ومن ثم تأتي انتفاضة الاقصى عام 2000 كمحاوله لتصليح الوضع والمسار الفلسطيني, ولم تكن اسرائيل وحدها في حرب التجزير والتقطيع التي شنتها على الشعب الفلسطيني بهدف قمع الانتفاضه,, لابل ان فرق الغدر الفلسطينيه والعربيه بما فيها رئاسة واعضاء السلطه الفلسطينيه الحاليه , كانت اشد والد اعداء انتفاضة الاقصى وسعت جنبا الى جنب مع اسرائيل لوقفالانتفاضه! وماجرى في النهايه هو وقف الانتفاضه دون نتائج وسقوط حماس طوعيا في شرك انتخابات اوسلو ومن ثم حصار الشعب الفلسكطيني والانقسام الفلسطيني الداخلي!!... هنا لابد من القول ان الفوضى التنظيميه الفلسطينيه الداخليه خلال انتفاضة الاقصى كانت مقصوده ومبرمجه من قبل اسرائيل وفرق الغدر الفلسطينيه!! والهدف كان هو اجهاظ الانتفاضه من الداخل وقتل او اعتقال قياداتها من جهه ومحاربتها من الخارج عسكريا وسياسيا من جهه ثانيه....استراتيجية : فكي الكماشه,,,,,,, وهذا ماحدث بالفعل!!!
من هنا يبدو الحديث في الوقت الراهن عن اندلاع انتفاضه فلسطينيه جديده غير عقلاني وغير مجدي لابل عدمي ايضا في ظل عدم استنتاج الدروس والعبر والنتائج من الانتفاضات السابقه حتى يكون بامكان الفلسطينيون تظيم انتفاضة شعبيه ناجحه وواضحة الاهداف بغض النظر عن شكل وادوات الانتفاضه[ سواء سلميه او عسكريه او عصيان مدني منظم الخ!!] التي تقررها قيادة فلسطينيه وطنيه نظيفه ذات استراتيجيه وليست قياده عميله واوسلويه تتحدث عن الانتفاضه بهدف توظيفها مسبقا لصالح مشروع الاوسلويين الفاسدين كما جرى في انتفاضة عام 1987 وانتفاضة الاقصى2000!!.. من المؤكد ان الشعب الفلسطيني شعب مُجرَّب ومعروف ببسالته وصموده الاسطوري,,, ولكنه بالتأكيد لايهوى الموت ويعشق الدم كهوايه او هدف بحد ذاته لابل انه قدَّم عشرات الالاف من الشهداء والجرحى والاسرى بهدف تحرير الارض الفلسطينيه واطلاق صراح الشعب الفلسطيني التي تعتقله اسرائيل ويُحاصره العرب[ الطوق العربي بالمقلوب], ولكن للاسف والمؤسف دوما ان التضحيات الفلسطينيه الكبيره لا ترقى الى مستوى النتائج او لا تتناسب مع النتائج على الارض التي تُجيرها فرق الغربان الفلسطينيه وفرق الغدر اللتي تغدُر دوما باهداف الانتفاضات الفلسطينيه:: المطلوب قبل الانتفاضه القادمه حتما اجلا ام عاجلا هو استراتيجية الغربال وغربلة جميع القيادات الفاسده من بين صفوف الشعب الفلسطيني قبل اي انتفاضه قادمه,, وعملية الغربله تعني ايضا غربلة ابواق السقوط والانهيار من داخل الشعب الفلسطيني وغربلة ابواق غربان الاعلام الفلسطيني من بين صفوف ومؤسسات الشعب الفلسطيني سواء الاعلاميه او السياسيه او الاقتصاديه لابل اصبحت هنالك مهمه ملحه وهي غربلة القيادات الفصائليه والحمائليه ايضا قبل التخطيط لانتفاضة كنس الاحتلال الاسرائيلي !!... هنالك الكثير الكثير مما يجب ان نُنقيه ونغربله بالغربال ونُنخله في المُنخل ايضا اذا لم يكفي الغربال حتى نعزل النخاله ونترُك الطحين الذي يصنع اجود انواع الخبز الثوري وارقى انواع الانتفاضات تنظيما واستراتيجيه!!.. المطلوب غربلة الغربان, وتوطيد وتعميد قياده فلسطينيه جديده تقود العمل الوطني والسياسي الفلسطيني!!... اي انتفاضه في ظل القياده الفلسطينيه الحاليه الفاشله والفاسده والفصائليه,, هي انتفاضه محكوم عليها بالفشل مسبقا!! , بمعنى واضح وللحيلوله دون فشل انتفاضه فلسطينيه قادمه لابُد من عمليات غربله سياسيه استباقيه لجميع اشكال الغربان ورموز الانهيار الفلسطيني...نعود ونكرر الاحتلال الاسرائيلي قذر وخطير,,, ولكن الاخطر على قضية الشعب الفلسطيني هُم غربان الغدر وطوابير اسرائيل المزروعين في الجسد الفلسطيني سواء كانوا عُملاء فعليين واسميين ام عملاء موضوعيين يحتلون مراكز قياديه داخل الشعب الفلسطيني!!
واخيرا وليس اخرا وحقا وحقيقه ان الشعب الفلسطيني فعلا كان وما زال شعب الجبارين الذي اخرج للعالم مصطلح الانتفاضه وكوفية الثوار, قادرا على ارباك عدوه وقادرا على انهاك الاحتلال وتركيعه ايضا,, والمشكله لاتكمن في قدرة وقوة الشعب الفلسطيني النضاليه,, لابل في فرق الغربان وفرق الغدر الفلسطينيه والعربيه الت كانت دوما تُجهظ الانتفاضات الفلسطينيه وتفشل عملية الوصول الى الاهداف الوطنيه الاستراتيجيه وبالتالي المطلوب اولا قبل اي انتفاضة فلسطينيه جديده هو ترميم وتنظيف فلسطيني داخلي وخلق واقع تنظيمي وقيادي جديد من خلال غربلة الغربان الفلسطينيه بكل اشكالهم لابل تنخيلهُم في مُنخل الوطن وعزل هذه النخاله واخراجها من الجسد والمجتمع والشعب الفلسطيني!!,,, وبعد هذا وبعد ان نصل الى مرحلة اخراج النخاله من الطحين الفلسطيني!!!,,,.... بعدها لكل حادث حديث ولكل زمان فرسانه ولكل زمان ومكان جيل فلسطيني جديد وبطل قادرا على نفض الغبار والاحتلال عن كاهله!!