بقلم : د. شكري الهزَّيل ... 18.10.08
لاشك ان نسبة الاميه بمعنى عدم القدره على القراءه والكتابه في العالم العربي هي نسبه كبيره جدا, حيث لايستطيع الملايين من العرب رجالا ونساءا وشيبا وشبابا لا القراءة ولا الكتابة , ولكن ما يجري في العالم العربي وعلى ارض الواقع يفرض التعامل مع اشكال كثيره وجديده من الاميه غير هذه المتعارف عليها كلاسيكيا وسليقيا بامية عدم القدره على الكتابه والقراءه, حيث تنتشر في العالم العربي اشكال كثيره من الاميه من بينها الاميه الحضاريه المرتبطه بالغربه والاغتراب الحضاري, والاميه الوطنيه المرتبطه بالوطن العربي المُحتَّل والمُختَّل وطنيا بين مفهوم واجب الوطن والمواطنه ووطن الحُكام من الداخل والاستكبار من الخارج,,, والاميه الثقافيه المرتبطه بالتجهيل والتضليل المبرمج للمحافظه على وضعية وعي اجتماعي وسياسي متدني يسمح بالسيطره على الشعوب وكبح تطلعاتها:: علينا ان نفرق بين مصطلح ومفهوم المثقف والاكاديمي الواعي سياسيا وفكريا لما يدور حوله من واقع ومن احداث, وبين مصطلح ومفهوم المتعلم الحاصل على لقب او مهنه من خلال الدراسه والتعليم في المعاهد المتوسطه او العليا كالجامعات وغيرها, وليس من المفروض تلقائيا ان يكون المتعلم مثقفا و المثقف متعلما رغم انه بالامكان طبعا الجمع بين الثقافه والعلم, بمعنى ان الشخص بامكانه ان يكون مثقفا واعيا دون تعليم وحتى دون القدره على الكتابه والقراءه[ من خلال وسائل الاعلام والتوعيه المسموعه والمرئيه],, وبامكان الشخص ان يكون متعلما وجاهلا ومتخلفا ثقافيا و اجتماعيا ويقدم خدماته المهنيه الى اعداء شعبه من الداخل والخارج[ القدره على الكتابه والقراءه والتعليم المهني وامتهان مهنة معينه لاتعني اكتساب الوعي او لقب المثقف], وبالتالي ماهو جاري في العالم العربي منذ امد طويل هو خلط خاطئ بين مفهوم المتعلم ومفهوم المثقف , حيث يظن المجتمع ان المتعلم[ متعلم وممتهن المهنه :: طبيبب.. محامي.. معلم.. صحفي ... الخ] هو نفسه المثقف, ويظن اخرون ان معلم المدرسه اللذي يمتهن التعليم والتجهيل في ان واحد هو ايضا مثقف,, بينما الحقيقه ان شريحة المتعلمين اللتي تخدم انظمه معينه او مؤسسات معينها ونظام تربوي وتعليمي معين تخدم مصالحها من خلال تبادل المصالح بين السيد والمسيود على اساس تقديم خدمه معينه بشروط معينه ومقابل اجر معين وبنتائج ترضي السيد وللمثال: عندما يزرع المعلم الخنوع والجهل في نفسية الطلاب والطالبات فهو يقدم هُنا خدمة تجهيل الاجيال وضمان استمرارية نظام اجتماعي وسياسي وقبلي واي كان من خلال الحفاظ على الجهل ومستوى الوعي السائد الذي يضمن استمرارية الوضع الراهن في فحواه وحتى ولو تغيرت الادوات والاشكال وتصل الى حد ان يقطن العربي في برج من عاج بعقل متخلف ثقافيا وسياسيا واجتماعيا ووطنيا!!
من هنا ورغم اننا لا نريد اطالة الشرح العلمي حول الفرق بين مفهوم المثقف والمتعلم, الا اننا نؤكد على الفرق الكبير بين مفهوم متعلم ومثقف, حيث ان الاميه الثقافيه تنخر في عقل الكثير من متعلمي العالم العربي الذين يتبوأون مراكز سياسيه واجتماعيه متقدمه في العالم العربي سواء داخل تركيبة النظام في الصف الاول او مُناصري ومُنتفعي النظام داخل المؤسات العامه والتربويه والصحيه والاقتصاديه والاعلاميه,, وهذا ما يقودنا الى اشكال وانواع عده من الاميه الحاصله والضاربه جذورها في جميع مكونات ومؤسسات المجتمع العربي والشعوب العربيه ككل في العالم العربي من المحيط الى الخليج ومن المغرب الى المشرق العربي, ولا بد من القول ان أُم الاميات الوطنيه في العالم العربي هو القبول الطوعي لمفاهيم ومصطلحات من امثال " الشرق الاوسط" او غيرها طغت على التسميه الوطنيه العريقه لعالم عربي اسمه المشرق والمغرب العربي, ولعل مفارقة المفارقات ان يشارك ما يسمى بالمثقفون العرب والاعلام العربي في عملية غسل الدماغ العربي وترسيخ مفهوم الشرق الاوسط بدلا من المشرق والمغرب العربي كمثال واضح وصارخ على الاميه الوطنيه العربيه اللتي يعبر عنها كثير من الاميين الثقافيين العرب سواء شاءوا ام لم يشاءوا وبشكل طوعي ومجاني حين يتشدق الكثيرون من بينهم بالعروبه والهويه الوطنيه الحضاريه العربيه من جهه ويتحدثون ويكتبون بلهجة الشرق اوسطيه الامبرياليه المفروضه على العالم العربي منذ عقودمضت من جهه ثانيه وبالتالي تبدو ملامح ومكونات الاميه الوطنيه العربيه واضحه وساطعه في جميع مناحي الحياة العربيه من نظام الحكم التغريبي واللا وطني ومرورا بالاستكبار والاستعمار المباشر وحتى المؤسسات التربويه والاعلاميه التي تسعى جميعها الى تغريب الوطن والمواطن العربي بدلا من توطين الوطن والوطنية في عقل المواطن العربي!!...فاي عربي هذا واي مواطن هذا النابح بالعرب والعروبه ليلا ونهارا,, ويتفرج منذ عقود على ذبح عروبة العراق وعروبة فلسطين!!؟... توطين الذل والتغريب بدلا من توطين الشهامه والكرامة الوطنيه في عقول الناطقين بالعربيه او من تبقى منهُم.. زرع الاميه الوطنيه!!
يتعجب الانسان من تقلبات المزاج الثقافي والكتابي العربي الذي يعاني منه الكُتاب والمُسقفون[ المثقفون] العرب الذين يخلطون الحابل بالنابل من مصطلحات وعناوين ومفاهيم تبدو انها تائهه في سوق عكاظ وبورصة المصطلحات والمزاودات العربيه, حيث يخلط الكثيرون بين الهويه الوطنيه والاميه الوطنيه المدقعه في العالم العربي وبين هوية وماهية الاحزاب والحركات العربيه الاميه سواء كانت احزاب حاكمه او معارضه او غيرها,,.. ماهو حاصل اليوم هو دوائر أميه ثقافيه مغلقه تعمل او تدور في فلك دوائر شلليه و قبليه وحزبيه متخلفه وطنيا بمفهومها وبمسلكيتها الثقافيه والاعلاميه اللتي تشوه مفهوم الوطنيه وتُجيره وتوظفه ايضا لصالح هذا االحزب او تلك الحركه او حتى تلك القبيله باسم الوطن والوطنيه... اكثرية الاحزاب و اكثرية الصحف والمواقع العربيه الاعلاميه تتعامل فقط مع كُتاب وابواق يؤيدونها وينتسبون لها مصلحيا وسياسيا ضمن دوائر مغلقه تعمل على طول وعرض الوطن العربي باسم الوطنيه وهي اصلا تعاني من الاميه الوطنيه وبعيده اصلا كل البعد عن الثقافه الموضوعيه والوطنيه!!...باسم الاحزاب , وباسم الديموقراطيه والليبراليه ذُبحت الوطنيه العربيه على مذبح الاميه الثقافيه والاعلاميه الحاكمه والسائده في العالم العربي .. ليست من خلال انظمة الحكم الدكتاتوري في العالم العربي فقط لابل ايضا من خلال ثقافة الدكتاتوريه والاقصاء اللتي انتجت دوائر اعلاميه" معارضه" بائسه تروج للديموقراطيه بينما هي نفسها مُتخلفه بدوائرها المغلقه وحاشيتها من الكتاب والاعلاميين الاميين وطنيا وثقافيا.. صدقوا او لا تصدقوا, ولا تًصدقوا كل ما تقرأو!!:: التخلف في دوائر ما يسمى بالاحزاب العروبيه او ما يطلقون على انفسهم اسماء عربيه طنانه ورنانه:: التخلف كبير ويصل الى حد الاميه الوطنيه والجهل بماهية وفحوى مقومات الوطنيه العربيه!! لترى وتشاهدوا بعض صحف ومواقع الاميه العربيه الوطنيه::تنشُر زبالة حاشيتها "الثقافيه" وتترك ولا تنشر خيرة الكتابات لمفكرين ملمين بالثقافه الوطنيه العربيه!!.. ثم يخرجون من جحورهم الاعلاميه الى الفضائيات::: عروبه وعروبه ونواح ونباح وفلسطين والعراق,, وهُم الذين يخشون في منابرهم الاعلاميه من استعمال مصطلح جيش الاحتلال الامريكي في العراق او فلسطين المحتله او حتى ذكر حصار وذبح قطاع غزه... المشرق العربي صار الشرق الاوسط!,,, الاحتلال الامريكي صار مجرد قوات تحالف في العراق.!!....فلسطين صارت مجرد حاره في اسرائيل....عضو الكنيست العربي المنتسب الى برلمان اسرائيل صار مفكر عربي وقومي!!.. العربي بائع البندوره الاسرائيليه صار ابو الوطن العربي في الفضائيات!!..صار هدم المسجد الاقصى خطوه خطوه مجرد حفريات اسرائيليه!!...صارت مدن فلسطين المحتله منذعام 1948 مجرد " مدن مختلطه"!!!.. وصارت المناطق "الخضراء" في بغداد والقاهره والرياض الخ اللتي اقامتها امريكا مقرا للاحزاب الوطنيه العربيه التي تحكم العالم العربي!!.. اسمع وصدق::: الحزب الوطني القومي العربي,,,هكذا اسمه ويقيم اعضاءه في مناطق خضراء امريكا في العالم العربي ... اعضاء خضراء القاهره عاصمة العروبه لم يزوروا بغداد العروبه منذ عام 1990 الى حين حان وقت زيارتهم الى خضراء بغداد عام 2008!! ومن ثم تاتي وسائل التجهيل والتضليل والاميه الاعلاميه العربيه لتشير لزيارة خضراء القاهره لخضراء بغداد المحتله في اطار تسمية تبادل الزيارات بين وزارتي االخارجيه المصريه والعراقيه؟, وكلاهما وبرموزهما ساهما في احتلال بغداد وهدم عروبة العراق!! .. البحث عن الوطنيه العربيه المزعومه في داخل زمرة النظام المصري والنظام العراقي هي عملية بحث عن ابره في كوم قش... كوم خيانه وعماله وطنيه!!
ماهو جاري في العالم العربي في الوقت الراهن ومنذ عقود مضت هو ان الشعوب العربيه اليوم قابعه بين فكي الاميه الوطنيه والاميه الثقافيه والاعلاميه التي تمارسها وسائل الاعلام العربيه في عملية تغريب وتجهيل مبرمج وترويض يفرض الاميه الثقافيه والاعلاميه والسياسيه على قطاع كبير من الشعوب العربيه التي تعاني من الجهل بكل اشكاله والاميه بكل اشكالها, وهي الاميه اللتي يعاني منها قسم كبير من شريحة المتعلمين وشريحة من يطلقون على انفسهم " مثقفون وطنيون", وبالتالي ماهو جاري اليوم هو ان الاميه الوطنيه والثقافيه في العالم العربي تجري على ساق عربي وقدم غربي وهي نتاج ونتيجه حتميه لحملات وجرعات تجهيليه وتضليليه قادها ونفذها الاعلام العربي بحق الشعوب العربيه اللتي تُمحى وطنيا يوميا و هُزمت وطنيا منذ ان صار الوطن والوطنيه مجرد سلعة يُتاجر بها ويعتاش منها المهرجون والمُبرمجون لاستمرارية برامج التجهيل والاميه!!.... سجل :: الاعلام العربي لا ينشر الاميه الوطنيه فقط لابل ا نه هو نفسه اعلام امي تُشرف عليه قوى اميه تنشر وترسخ الاميه الوطنيه بشكل مبرمج ومقصود.... لاادري ماهي العلاقه بين العروبه والوطنيه وما يسمى بالجامعه العربيه؟؟ او ذلك الرئيس العربي المزعوم الذي يسميه الاعلام الامي والمتخلف العربي:: بالرئيس العربي!!... طبعا لا ننسى ايضا لقب المفكر العربي المزعوم... والداعيه ايضا ,.,بالامس دخلت الى احد المواقع العربيه الاعلاميه ورايت عنوان باسم "بيت المستقبل" ولأنني لا املك بيتا وحب الاستطلاع معا قاداني للضغط على شريط الفيديو وكان الموضوع حرفيا حول القبر ودفن الميت, وفي وسط القبر يقف "داعيه" يشرح كيفية السكن في بيت المستقبل وطوله وعرضه في العالم العربي!!....ثقافة قبر الشعوب العربيه وهي حية تُرزق,, وثقافة الاميه الوطنيه من المهد الى اللحد!!