بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 1.11.08

يستغرب المرء من سذاجة وبلاهة طرح الاعلام العربي للقضيه العراقيه بشكل تشويهي وتضليلي يخلط بين حق الوطن وباطل الاحتلال ويخلط بين مفهوم اتفاقيه ومعاهده وبين مفهوم صفقة بيع وشراء بين الاحتلال الامريكي وعملاءه في العراق, وشتان بين مفهوم معاهده واتفاقيه تُعقَد بين انداد او دول مستقله وبين مفهوم صفقة تبادل مصالح وادوار بين الاحتلال وعكاكيزه من مرتزقه جلبها الاحتلال نفسه على ظهر دباباته وقام بتنصيبها وتوطينها في "خضراء" بغداد بهدف تشريع الاحتلال الامريكي وتكحيل احتلاله بوهم وجود دوله عراقيه لها رئيس ورئيس وزراء وطواقم وزاريه الخ تأخذ وتعطي وتُدير وتُصرح وتفاوض على " معاهدات واتفاقيات" لتوحي[الحكومه العراقيه المزعومه] وكأنها شئ اخر او جزء اخر لايمت للاحتلال بصلة وليست جزء لا يتجزأ من الاحتلال الامريكي وتابعه للاحتلال وتخضع مباشرة لاوامر وزارتي الدفاع والخارجيه الامريكيتين من جهه وخاضعه لمنطق المساومات والبحث عن الادوار والنفوذ بين ميليشيات سياسيه وعسكريه عميله تابعه مئه بالمئه للاحتلال ووجودها مرتبط اصلا بوجود وبقاء الاحتلال من جهه ثانيه وبالتالي..: مايدور في العراق او حول العراق من حديث حول معاهدات واتفاقيات بين العراق كدوله وامريكا كدوله هو حديث تضليلي وباطل يراد به حقا لان العراق كدوله وكيان مستقل قد انتهى[ مرحليا] عمليا وقانونيا وجغرافيا منذ احتلاله عام 2003 وخضوعه بالكامل للاحتلال وعكاكيزه من ماسمي بمجلس الحكم الذي اصبح فيما بعد حكومه ورئاسه وهميه يتعاقب على رئاستها من يُعينهُم ويعِينهم الاحتلال الامريكي في العراق, وهؤلاء انفسهُم هُم من يفاوضون وهمَّا وكذبا[ الاحتلال يفاوض ذاته ومركباته ولا يفاوض دوله وحكومه عراقيه مستقله] قوات الاحتلال حول بقاءها الطويل الامد في العراق!!.
ولكن اللافت للنظرفي منطق ولغة الاتفاق المزعوم الذي سُرب جزء منه الى الاعلام ان فحوى النصوص لا تحتوي على "تعهدات" والتزامات امريكيه بقدر ماتحتوي فقط على "مساعي" امريكيه لتحويل العراق من صحراء قاحله المكان والعقول الى واحات خضراء سواء على مستوى التعليم او الزراعه او الصناعه, توحي وكأن العراق لاتاريخ ولا حضاره له ليأتي الكاوبوي الامريكي وينتشله من الظلام الى النور ومن التخلف الى التطور ومن الهمجيه الى الحضاره, والاهم من هذا وذاك هو السعي الى امركة التعليم والتربيه في العراق وكأن العراق لم يكن وما زال مهد الحضارات والثقافات , وكانه كان ينتظر قدوم الكاوبوي الامريكي لينتزعه من حقب الظلام والتخلف الى النور والتقدم مع ان ماصرح به جورج بوش الاب ونفذه بوش الابن هو الصحيح, بمعنى انهم نظريا وتطبيقيا ارادوا اعادة العراق الى العصر الحجري,, وهكذا فعلوا وما زالوا يفعلون منذ عام 1990 ومرورا باحتلال العراق وتدميره عام 2003 وحتى يومنا هذا!!
عملية الاطلاع على ما تيسر ونُشر من نصوص صفقة بيع العراق بين امريكا وعملاءها, تفضح بشكل واضح الاستهتار الفاضح ليست بارواح ملايين العراقيين من من قتلهم وشردهم الاحتلال الامريكي وميليشاته في العراق فقط وليست ايضا بيع مخزون نفط العراق للشركات الامريكيه والغربيه لابل ان محتوى النصوص حول الاتفاقيه المزعومه هو فرض قسري للاحتلال الامريكي دون ان يتعهد او يلتزم قانونيا باي شئ وما هو موجود في نص الاتفاقيه هو مجرد ان امريكا تسعى وترغب وستساعد ولكنها لا تلتزم في نصوص المعاهده لا باستقلال العراق ولا بانسحاب قواتها من العراق ولا حتى الالتزام الامريكي بتسليم جندي امريكي واحد يرتكب جريمة قتل بحق العراقيين الى القضاء العراقي!!... واضح ان امريكا تسعى الى فك الارتباط بقرار مجلس الامن الذي يفوضها البقاء في العراق لمده محدوده يتم تمديده من فترة الى اخرى بالعوده المجلس الامن! , وتسعى الى توقيع صفقه مع عُملاءها في العراق تُشرعن بناء ووجود القواعد العسكريه في العراق الى اجل غير مسمى, على غرار مافعلت امريكا بعد الحرب العالميه الثانيه وبعد حرب الكوريتين[ كوريا الشماليه والجنوبيه] بابقاءها على قواعد عسكريه في اوروبا والمانيا وفيما بعد في كوريا الجنوبيه مع التنويه لفشل هذا المخطط الامريكي نفسه في فيتنام في الستينات من القرن الماضي بسبب المقاومه الفيتناميه وهزيمة امريكا في فيتنام....هوشي مِن القائد الفيتنامي كان يفاوض ويقاتل في ان واحد!!,, بينما في العراق وضع شبيه و يختلف نوعا ما في ان واحد.. في العراق يوجد مقاومه عراقيه وللاسف في المقابل يوجد جيش من العُملاء يقاتل لجانب الاحتلال ضد المقاومه العراقيه ويسعى الى ترسيخ وجود الاحتلال في العراق.... هذا الوضع كان موجود في فيتنام[ حكومه عميله مواليه لامريكأ في جزء من الارض الفيتناميه], ولكن المحيط الاقليمي لفيتنام دعم المقاومه الفيتناميه ضد الاحتلال الامريكي ,,, بينما المحيط الاقليمي العربي العميل واوكار الخليج وشرم الشيخ وكل هؤلاء العرب الموبوءين بالخيانهو الذين يرسلون السفراء الى خضراء بغداد, هؤلاء يدعمون الاحتلال الامريكي ضد المقاومه العراقيه!!.. السُفراء العرب المزعومون الذين أُرسلوا الى خضراء بغداد هم عُملاء مزدوجون لانظمه عربيه عميله تابعه لامريكا من جهه وعملاء يعملون لصالح الاحتلال الامريكي ومشتقاته في العراق من جهه ثانيه, بمعنى ان صفة السُفراء تسقط عن هؤلاء لانهُم يتعاملون مع الاحتلال الامريكي وليست مع الدوله العراقيه الوطنيه المستقله!!. عميل وليست سفير!!
من هنا وضمن مشروع ترسيخ الاحتلال سياسيا وعسكريا نرى ان هنالك كذبا امريكيا محضا حول حال العراق في الماضي وحاله اليوم ولنقرأ فقط تصريح ادلت به وزيرة الخارجيه الامريكيه مؤخرا يوحي الى مدى بعيد مدى الاستهتار الامريكي بالعقل العربي والوضع العراقي على وجه الخصوص , حيث قالت رايس فى تصريحات اذاعها راديو لندن يوم الثلاثاء قبل الماضي إنها "فخورة بالوضع فى الأراضى الفلسطينية بصفة خاصة وان الشرق الاوسط صار مختلفا بشكل افضل مما كان عليه مع قرب نهاية ولاية الرئيس بوش".واضافت فى هذا الصدد إن "العراق صار صديقا عربيا جيدا للولايات المتحدة"، موضحة انه اندمج فى محيطه العربى عكس ما يوحى من أنه تعرض للدمار.."، على حد تعبيرها وزعمها... وواصلت الوزيره المغروره حديثها بالقول إن "الديمقراطية دخلت أخيرا فى قاموس الشرق الأوسط بصفة غير معهودة من قبل.. وتوقعت أن يظل برنامج الديمقراطية برنامج الحرية سارى المفعول بالشرق الأوسط خلال فترة حكم الإدارة الأمريكية القادمه لأن شعوب المنطقة تريدها ..على حد زعم وكذب الوزيره الشارده ذهنيا!!واضافت قائلة " أنا لا أعتقد أنكم ستجدون إدارة أمريكية سعت فعلا إلى إقامة دولة فلسطينية وإن هذا الرئيس "بوش" أطلق مفاوضات على حل الدولتين وهى الأكثر فعالية والأكثر صمودا من أى محاولة عرفتها المنطقة.. ولا أعتقد أن أحدا سيحيد عن هذا المسار وان لدى الفلسطينيين الآن عملية سلام هى الأكبر شأنا منذ عدة سنوات طويلة"........ لاحظوا معنى كيف تكذب رايس وتستهتر بالعقول حين تقلب الحقائق وتُمجد وضع العراقين والفلسطينيين في ظل وجود الاحتلالين الامريكي والاسرائيلي, ولاحظوا ان الاندماج العراقي في محيطه العربي يعني خضوعه مباشرة للاحتلال الامريكي واندماجه في محيط الانظمه العربيه العميله كنظام عراقي عميل من جهه وتدمير هويته[ العراق] العربيه من جهه اخرى وبالتالي تصريحات رايس هذه دليل واضح على على اندماج العراق بمحيطه العربي من حيث العمَّاله والتبعيه ووجود القواعد الامريكيه العسكريه في العراق كما هو الحال في السعوديه وقطر والبحرين ومصر واليمن والاردن واكثرية الدول العربيه.. !!.... منذ عام 2003 قامت امريكا بتدمير العراق جغرافيا وديموغرافيا واقتصاديا واجتماعيا وانسانيا الى حد انها اجتثت عرَّاقة العراق وتاريخه الحضاري,, والذي جرى هو ليست اندماج كما تزعم رايس لابل هو دمار واجتثاث لمركبات العراق العرقيه هدفه احتلال العراق الى حد ان يبيع العراق المُحتل من خلال عُملاء "الخضراء" نفطه ومخزونه الاستراتيجي من النفط للشركات الغربيه..... لا ننسى طبعا: في زمن الاحتلال الامريكي صار وطن النخيل والتمور مستوردا للتمور... صارت بلاد النهرين والرافدين اما عطشى او تشرب مياه ملوثه بيورانيوم القذائف الامريكيه...صارت بلاد النفط والخير دون نفط وكهرباء.... وصارت بلاد الوئام فصائل وطوائف...صارت بغداد التاريخ والحضاره حارات وسجون مغلقه بالاسمنت وحيطان العزل بين احياءها.. صارت بغداد حصن للعُملاء في منطقة خضراء امريكا!!!
ماهو حاصل اليوم في العراق يجعل الامور واضحه ومفروزه الى حد بعيد بين معسكر المقاومين والمقاومه للاحتلال الامريكي ومعسكر المساومين والمساومه على بقاء الاحتلال وبالتالي ماهو حاصل على الارض العراقيه ومحيطها الاقليمي يُشير الى وقوف الشعوب العربيه الى جانب مشروع المقاومه العراقيه الساعيه لطرد الاحتلال وعملاءه من العراق وتحرير بلاد الرافدين من قبضة العملاء اللذين يُسوقهم الاعلام الغربي والعربي العميل كحكومه ورئاسه ومؤسسات بينما هُم عباره عن ميليشيات سياسيه وميليشيات عسكريه تابعه للاحتلال الامريكي من جهه وتابعه للنظام الايراني من جهه اخرى ...ملحوظه عابره : لايمكن لايران ان تقنع احدا بمصداقيتها و معارضتها للاحتلال الامريكي في العراق في الوقت اللتي دعمت و تدعم فيه ايران حكومة خضراء بغداد التابعه للاحتلال لابل دعمت الاحتلال نفسه... ايران كدوله اقليميه كبرى فقدت كل مقومات المصداقيه في الشارع العربي بسبب انحيازها الطائفي والمذهبي في العراق وتقديمها العون المباشر وغير المباشر للاحتلال الامريكي في العراق!!.. ايران ومشتقاتها في العراق هم اول المساومين على بقاء الاحتلال الامريكي في العراق وكل ما يُقال في الاعلام حول الموقف الايراني المعرض للاحتلال مجرد هراء مُوجه باتجاه الاستهلاك الاعلامي التضليلي.. هكذا سيبقى الموقف العربي من ايران حتى تثبت ايران العكس!!
ماهو ظاهر وواضح في سوق المساومه السياسيه العراقيه ان كل مركبات مايسمى بالاحزاب والائتلافات في العراق سواء في مايسمى بالحكومه العراقيه او البرلمان العراقي, هو ان كل هذه المركبا ت والعناوين واللافتات تسعى الى كسب مكاسب سياسيه وماديه وتبحث لها عن ادوار في كنف الاحتلال وليس في اطار الوطن والوطنيه العراقيه, بمعنى واضح لا يبدو ان التيار الصدري مثلا يسعى بجديه لمقاومة الاحتلال او حتى معارضة ما يسمى بالاتفاقيه الامنيه وهو الذي يقف بقدَم واحده في معسكر الاحتلال ومشتقاته وبقدمه الاخرى في معسكر المعارضه لوجود الاحتلال, ولكن هذا التيار يعقد ايضا الاتفاقية تلوى الاخرى مع الاحتلال تارة وقف اطلاق النار وهدنه طويله وتارة اخرى بتجميد فعاليات ميليشياته, وتارة باختفاء زعيمه الخ من مصوغات تمنح الاحتلال الفرصه تلوى الفرصه لالتقاط انفاسه والهجوم من جديد او بالاحرى التركيز على محاربة المقاومه العراقيه.. بمعنى واضح: اما ان تكون مع المقاومه حاسما امرك من اجل تحرير العراق..او مع المساومه والمساومات والتبريرات التي افقدت التيار الصدري مثلا كثير من المصداقيه بين مناصريه انفسهم وليست فقط في العراق ككل !!...
من الواضح ان الصفقه التي يطلق عليها زورا وكذبا اسم الاتفاقيه الامنيه[ مفهوم الاتفاقيه شئ وما هو جاري في العراق شئ اخر] هي بيع بالجمله للوطن العراقي من جهه وهي ترسيخ لوجود الاحتلال الامريكي من جهه ثانيه وبالتالي ماهو جاري ان امريكا تسعى لاقامة قواعد عسكريه دائمه في العراق لمساندة حلفاءها المهلهلون في حربهم ضد المقاومه العراقيه, ... جميع من ينطوي تحت مظلة مايسمى بالائتلاف العراقي المتحالف مع الاحتلال يسعون الى تقسيم العراق الى مناطق نفوذ تابعه لهم في ظل الاحتلال الامريكي, بمعنى بقاء الاحتلال والمساومه عليه!!... انت تفاوض وتقاوم وتقاتل الاحتلال في ان واحد كما ذكرت اعلاه في مثال هوشي من في فيتنام, فهذا امر مشروع, ولكن ماهو جاري في العراق فهو واضح وهو خيارَّين قد يكونا وحيدين[ لربما هناك خيارات اخرى؟] وهما اما معسكر المقاومه وطرد المحتل او معسكر العُملاء والمساومه وبقاء الاحتلال.. خيار تحرير العراق العراق العربي والوطني او عراق امريكا وعراق الميليشيات والطوائف والعملاء من عرب وكُرد وفرس الخ... نحن على يقين من انتصار المقاومه الوطنيه العراقيه وهزيمة الاحتلال وقوى الغدر والتبعيه التابعه للاحتلال والطائفيه اجلا ام عاجلا, ولكننا ايضا على يقين على ان الرهان على الاتفاقيات الامنيه مع امريكا لن يصمد وستسقط اتفاقيات العملاء كما سقط من قبل حلف بغداد في القرن الماضي... العراق العريق وشعبه الاصيل سينحاز في النهايه الى المقاومه الوطنيه ومعسكر المُنادون بضرورة كنس الاحتلال وطحالبه..!