أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
غزه : حياة القطّاره في زمن الحضيض العربي المُبرمل!!

بقلم : د.شكري الهزَّيل  ... 13.12.08

نحن دوما تعالينا على الجراح وقبضنا على الجمر وكتمنا انيننا وحافظنا على هامات ومعنويات عاليه ورباطة الجأش في زمن كانت وما زالت فيه القيم الانسانيه هابطه, ولن اعيد عليكم قول الشاعر وفرق النواح العربي "عيد وباي حال...." لابل اقول لكم بالفم المليان كل عام وانتم بخير من غزة الى بغداد ومن القدس الى بيروت ومن قاهرة الزمن الى صنعاء اليمن ومن دمشق الشام الى جزائر الجزائر ومن عمان الى خرطوم السودان ومن الرباط الى طرابلس وتونس الخضراء, ولا ننسى ان نعرج على مكه وشعابها والجزيرة واهلها و ومن المحيط الى الخليج : كل عام و انتم بالف خير والف عزة وكرامه.. غزة هاشم تلك القلعة الشامخه والصامده تخرج من صفن الزمن بوابير عفى عليها الزمن ...بوابير الكاز في زمن النفط والغاز العربي السائل والمسكوب في كل بقاع الدنيا ...ماعدى غزه ..غزه البحر .. غزه الشعب...غزه الشاطئ ..غزه العربيه ... غزه المسلمه الذي يحول معبر رفح دون تادية مسلميها فريضة الحج...غزه الجائعه للخبز والطافحه بالكرامه والشهامه ... غزه العطشى تبل ريق صحاري العقول العربيه ...غزه المحاصره و القاحله قسرا تزرع طوعا واحات خضراء من الكرامه في صحاري الحضيض العربي.... وهذا العربي الغارق في محيط الكوارث والجبن والبؤس والجهل صار شاهد ومُشاهد يطقطق اصابعه مللا من نشرات الاخبار وفضائيات عُريبيه تخلق مشاهدين وتسخط وطن!! ... وهذا العربي هكذا هو كان وما زال كائن يولد ويعيش ويتزاوج ويتكاثر في اجواء العواصف والكوارث والهم والغم, من زمن الى زمن ومن عقد الى اخر يُرمى به الى الحفر السحيقه, ولا انكر عليكم انني كتبت بعض من هذه الجُمل والتأملات في العام والعيد الماضي ولم اجد افضل منها في نهاية عام جديد وهلة عيد جديد... حين اعلمكم انهُم في ارضنا أصاغوا في قوالب صهيونيه كل شئ من جديد.. اصاغوا الجغرافيا واصاغوا التاريخ والانسان.. اصاغوا شكلا جديدا للبحر والبر والشمس والمكان والمدن والقرى والسهل والجبل الفلسطيني, وحين تركت جغرافيا المكان والتلة الجميله قبل عقد من الزمان::عدت ولم اجد التله ولا المكان الذي ابتلعه الاستيطان والمستوطنات اليهوديه! وهكذا قلت بيني وبين نفسي اننا عرب الاشعار والشعارات نصل دائما مُتأخرين بعقود وقرون اذا تعلق الامر بمواعيد حاسمه, ومن ثم وبعد فوات الاوان نعطي الاحداث تواريخ ونندب يوم حدوثها لابل نحيي ذكراه وذكرى مجازر واحداث لم تعد تتسع لها عدد ايام السنه العاديه .. لربما نحتاج الى بناء سنة على الطابق الثاني!! وهكذا توالت علينا الاحداث وتكررت وظلينا نركض كل في حقائقه المطلقه في محيط هشا شكله و فحواه مجرد ديكورا مهزوما ومهزوزا ومهشما تهشيما يتعدى مقولة النار في الهشيم...هكذا نبتت الاشجار والاعشاب منذ اكثر من نصف قرن على اطلال يافا وخراب حيفا ومساجد عسقلان والمجدل وبئر السبع التي تحولت الى حانات وزرائب ومتاحف,,, وظل كل منا يركض وراء السراب والكذب العربي الرسمي والشعبي ننشد تفاهات الامور في ظل ولائم لحمنا الحي نُقدس الهزيمه والعيد ونستهزأ بمقدساتنا والوطن..... غزة هاشم تموت على ابواب العالم العربي جوعا وعطشا والقدس وما ادراكم حال القدس الشريف يا عرب وانتُم الناحرون والمنتحرون على جدران تاريخكم في يوم النحر وفي يوم العيد,, ومتى بالاصل كان لنا يوما خاليا من نحرُنا ومن دمنا ومن لحمنا الحي الذي يُقطَع اربا اربا في غزه والقدس وبغداد...املأ فمك بالمليان بلحم العيد بحلوى العيد بغناء العيد, وهُناك ايها العربي الهائم على وجهه وغائب عن واقعه تكورت الكلمات واللوكات كجمر احترقت في اتونه الحقيقه:::: الحقيقه والواقع في بلادنا كانت دوما غريبه ومُستغربه والمطلق الواضح والساطع يحتاج الى تعتيم وتحوير حتى نستوعب الجاري الرابض على صدورنا الثكلى والعاريه بعراء وجودنا وحفاء اقدامنا رغم تظاهرنا الابدي بالمستُورين ونحن اللذي تسطع عوراتهُم الوطنيه والانسانيه في طلة كل صباح وكل مساء وكل عيد ونحن المنحورون والمُضحَّى بهم وعليهُم....تزداد مسافات الهزيمه الذي يقطع فيه عمرنا مسافاته ...ومن عيد الى عيد ومن احتلال الى احتلال ومن ظلال الى احلال ومن القدس الى بغداد دارت دوائر الزمن علينا جيل بعد جيل!! غربة الروح وغربة الوطن المُنتحر والمنحور والمنحوت في عقولنا وكياننا.. حياتنا يتيمه اليمه كما هي اعيادنا الوهميه وكياناتنا الزنديقه المولوده خارج شرعية الوطن والمكان وحتى كرامة الانسان::: تموت اطفالنا ونساءنا وتنحَّر على معابر العرب كما تولد وتموت على معابر وحواجز اسرائيل,,,, يتسلل مُصلينا الى القدس قبل العيد وبعده والمحظوظ من يصل متسللا الى باحات الاقصى الشريف,, والالاف تقضي يومها تنتظر رحمة مُحتل غادر لربما يسمح لها بصلاة العيد في القدس...نحن نستجدي ونشحذ حتى صلاة العيد في مساجدنا!! حتى الصلاة في بيوت الله والاقصى صارت بتصريح وتحت رحمة اسرائيل ناهيك عن هذا الاذلال الرهيب الذي يتعرض له الفلسطيني في طريقه الى العباده والى القدس والى المسجد الاقصى المبارك...الفلسطيني يموت مرضا على معابر العرب!!.. كيف يتساوى الموت بالحياه والضحيه بالجلاد والعيد الغارق بالدم والذل العربي يخرج من ردن الصباح وكأن شئ لم يحدث والامر العادي يتكرر من عيد الى عيد وزوار المقابر في بغداد وغزه وفلسطين والعراق في زيادة مضطربه من عام الى عام ومن عيد الى عيد و كأن هذا مانتمناه من عيد الى عيد::: ازدهار وكبر المقابر وزيادة عدد القتلى والموتى من العرب!! وفي المقابل يسمع العرب العاربه امنيات صلاه العيد القادم في القدس الذي اصبح اقصاها وعربها عبارة عن نقطه في بحر من الاستيطان الصهيوني الذي يبتلع القدس العربيه عاما بعد عاما وعيدا بعد عيدا على انغام تهاني حكام العرب بالعيد تلوى العيد وكأنهُم قاصدون مع سبق الاصرار على تهويد القدس والهاءنا بلعبة العيد وبركاته المزعومه في ظل حالتنا المأزومه!!... جبل الاوهام المتراكمه هو نفسه جبل الخيبات العربيه المتواصله التي تنحر في عظام هذه الامه المتأكله والمتهالكه والمصلوبه في وسط اوطانها..... كيف يفرح الناس في ظل غابات الخيبات والموتى تملأ الثلاجات والطرقات من غزه الى بغداد!!! كيف تفرح الناس على نحيب طفل جائع في غزه واخر يبكي ابيه وامه وينعي لوعة غياب الحنان وسطوة الحرمان!! اين هي هذه العروبه والاخوة في العروبة والاسلام وصوت المؤذن يصم اذان قاطني مساحات ما بين المحيط والخليج!! اخوتكم في الدين والعروبه على الورق والوهم فقط وحين تحط الشدة رحالها في غزه والقدس ةوكامل فلسطين ما عليهُم الا تغيير محطة فضائيه بأخرى اكثر خُلعا واكثر غُربه!!!.. ما كَلُوا من زرع الهوان والانحطاط والنشاشيل والالقاب في روح وطن يحتضر وشعوب تمارس شعائر الكذب على الذات منذ عقود مضت!!
غزه تموت جوعا وعطشا وبردا وتعود الى البابور والطابون في زمن النفط العربي والغاز العربي الذاهب الى اسرائيل بكرم طائي,,,, والممنوع عن غزة العربيه والمسلمه...الاستيطان الصهيوني في القدس يحظى بالدعم الصهيوني والامريكي والغربي, والمفارقه ان عرب القدس وسكانها الاصليون يعانون من الفقر والحرمان ولا يحظون بالدعم العربي والاسلامي,, وهُم[ اي العرب في القدس] الصامدون في القدس والقابضون على الجمر ليلا نهارا والمدافعون النشاما عن الاقصى الشريف وقبة الصخرة ومسرى محمد صلعم,,,, وهُم الاجدر الاول بالدعم العربي والاسلامي الذي ظل طريقه في طريقه الى القدس!!. القدس لمن يدافع عنها وليست لمن ينساها ويخونها!! امة لا يحركها العدوان على الاقصى المبارك وتهويد القدس وبناء احياء يهوديه ضخمه في الجزء الشرقي من القدس وجدار وحصار صهيوني مضروب حول القدس!! امة كهذه تصمت على تهويد القدس ولا تحرك ساكنا... من وما الذي سيحركها ويحرك ضميرها ونخوتها يا ترى!!.. امة تتوهم العيد في ظل حصار وموت غزة هاشم ودمار بغداد!!!..القدس زهرة المدائن وعروس عروبتكم تُزف الى مذبحة الاستيطان الصهيوني في ظل صمت عربي مطبق يؤذن بموافقه طوعيه او قسريه على ما يجري للقدس من تهويد ما وراءه تهويد:: الارض.. االمكان.. المقدسات... الحجر والبشر وحتى باطن الارض وليست مافوقها فقط....يكتمل المخطط الصهيوني التهويدي والاحلالي في القدس يوم بعد يوم,,, وهنالك في غابة الهزيمه والتهافت العربي من يؤمن ب السلام المزعوم وحتى ذلك الحين لن يبقى لا ارض فلسطينيه تحتضن الدوله الفلسطينيه المزعومه ولا قدس عربيه كعاصمه للدوله الفلسطينيه!!... وهم وسراب يتلاشى وتتلاشى معه كل بزوغ فجر معالم عروبة القدس اللتي تغرق في بحر الاستيطان الاسرائيلي, وحتى تلك الجزيره العربيه التي حاصرها الاستيطان في القدس بدات تغرق وتنحسر... انها جزيرة العوض اللتي تناساها العرب وتركوها تسقط نخلة بعد نخله وزيتونه بعد زيتونه ورقعة ارض بعد الاخرى, ومأذنة بعد مأذنه , وحي بعد الاخر, والقدس تستغيث ولا من مجيب!,, وكأن العرب يقولون لها:: لماذا تستغيثي بنا!! بربكي لا تستغيثي بنا نحن الاموات والاكفان المكفنه!!! وغدا وبعد بعد غد سنندب الحظ ومن ثم نعود الى نومة الكهف!! انهُم العرب يا قدس:.... ايا كان الامر, فأني ابلغتكُم جزء ضئيل من واقع القدس وما هو جاري في القدس وما ادراكم ما هو حجم كارثة التهويد الواقعه في القدس,,, القدس ليست في خطر فقط لابل في عين عاصفة الخطر والاستيطان الصهيوني التهويدي!! ...
الظلم الذي لحق ولاحق بالشعب الفلسطيني هو ظلم اعداء معتدون على الشعب والارض الفلسطينيه, ولكن ماذا نقول عن غزه التي تموت في حضن العالم العربي الذي يحاصرها ويبرر قتل اطفالها المحرومين ليس من العيد وفرحة العيد ولحمة العيد فحسب, لابل محرومين من الحياه ومن الطفوله المسروقه..هاهم الفلسطينيون يعودون الى البابور والطابون وفرن الطين في ظل الحصار الاسرائيلي والعربي المفروض على قطاع غزه والشعب الفلسطيني,, وفي ظل شحة الوقود في وطن عربي يزخر بكل النفط وبكل الوقود وبابار النفط التي تذهب محتوياتها الى الغرب وجيوب الساقطين عربيا وانسانيا الذين يبخلون بالنفط والوقود على غزة هاشم ويتركونها تغرق في الظلام كرار ا ومرارا تنتظر رحمة الصهاينه ووقود القطَاره وحياة بالقطاره... حياة بالقطاره تزخر بالكرامه والشهامة الانسانيه... لا بد من القول ان الانسان تُربه وتربيه كما يقولون في الباديه وشتان بين تربة وتربية الارض الفلسطينيه وبين تربة وتربية ملوك ورؤساء الاراضي التي تحتضن ابار النفط العربي اللتي احترقت في طياتها و اتونها جميع اشكال الشهامه والكرامه العربيه حين يقطع التيار الكهرباءي عن مستشفيات غزه واطفال غزه المرضى بسسبب عدم توفر الوقود والبترول الذي يُتخم وتتخم كمياته بطن الارض العربيه واحشاء الوطن العربي!!.. العربي المُبرمل ببرميل نفط وكيان بلا انسان وانسانيه!!... لو كان الامر يتعلق باوامر امريكيه لأقامت البراميل العربيه جسور جويه لاغاثة اي مكان في العالم ماعدى فلسطين!!... انظروا بربكم لهذا الاعلام العربي الرسمي المبرمل وعلى وجه الخصوص فضائيات النفط ومن يقف وراءها من أنظمة عربيه ومؤسسات غربيه, ..انظروا كيف يحرثون العقل العربي وتحويله الى ارض مَشاع وبُور تَصول وتجول فيها مُصطلحات اعلامية موجهة ومُبرمجة في اتجاه قصف الحقيقة ونسف كل عناصر علاقة العرب بقضاياهُم وانتسابَهُم الى مُحيطَهُم وتاريخهُم من جهة، وفي اتجاه إقتلاع المنطق الانساني والشعور الوطني من جذوره الى حَد مُحاولة تحنيط العقل العربي وتَحويل العرب الى مجرد اشكال وأصنام وكومة من الحجارة البشرية لا علاقة لها بما يدور من حولها من أحداث من جهة ثانية، وبالتالي كيف صار ما جرى ويجري في قطاع غزه مجرد فرجه لمشاهدين عرب ينضحون اخبارهم ومعلوماتهم من ابار النفط والعار العربي!!... هؤلاء البراميل البشريه و المُبرملُون يعلقون تأمرهُم على الشعب الفلسطيني على شماعة الخلافات الفلسطينيه الداخليه وكأنهُم وحليفتهم امريكا واسرائيل لا ناقه لهم ولا جمل في صناعة الانشقاق الفلسطيني الفصائلي وفي صناعة مأساة غزة هاشم وكامل القضيه الفلسطينيه!!.. الى هذا الحد وصل الاستهتار بالعقل العربي وكأن العرب قد اصبحوا قُطعان في زرائب فضائيات ابار النفط والرذيله العربيه... الحياة في غزه صارت بالقطاره في زمن الحضيض وملايين المشاهدين العرب... مشاهدين كرام مبرملون في فضائيات عرب االمريخ...!
ايتها الفلسطينيه النبيلة والشهمه وايها الفلسطيني النشمي اينما كنت واين ما تواجدت الان على الارض الفلسطينيه في غزه والقدس وفي الوطن والمهجر.. كل عام وانت بالف خير وبهجة العيد تكمن في النفس والايمان والعزه والكرامه ولا تكمن في المادي والملموس الزائل ولا تكمن في براميل النفط والحضيض العربي.... في بوابير غزه وافران غزه تكمن كل كنوز الكرامه والشهامه الوطنيه و الانسانيه حتى ولو صارت الحياة الى حين بالقطاره... تحيه لهذا الفلسطيني وهذا العربي المؤمن بقضية شعبه والخزي والعار لابار وبراميل النفط العربي البشري.. بابور كاز وكرامه وطنيه فلسطينيه وعربيه افضل الف مره من العيش في قصر وخيانه وطنيه!!!!... اذا الشعب يوما أراد الحياة,فلا بد أن يستجيب القدر ,ولا بد لليل أن ينجلي ,ولابد للقيد أن ينكسر!!... تحيه لغزة هاشم وكامل الشعب الفلسطيني والعربي المناضل!!... النخوه تربيه وقيم وليست شعارات ولا براميل انسانيه.. والتربيه هي اساس الشعوب::اما ان تكون شعوب علف وخلع او شعوب وطن ونخوه وشهامه.. والى حين ستعيش غزه بالقطاره, ولكن بكرامه!!

*كاتب فلسطيني , باحث علم اجتماع , ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونيه