بقلم : ماجد البلوي ... 05.03.2009
الاخوه الأعزاء قراء ديار النقب .. السلام ورحمته الله وبركاته ..أقدم لكم هذه الحلقة عن الإبل عند البدو ..وحياتهم معها وتربيتها.. كانت علاقه الانسان البدوي بالأبل علاقه قديمه تضرب في جذورها في اعماق التاريخ حيث استطاع تدجينها منذ عصور موغله في القدم.. وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم في اكثر من آيه ليبين الله قدرته سبحانه وتعالى في الخلق ولابراز مكونات هذا الحيوان العجيب الذي سخره الله لخدمه الانسان وقدره الخالق على تكوينه فقال الله تعالى في كتابه العزيز (افلا ينظرون الى الإبل كيف خلقت)..وقال عنها رسول الله عليه الصلاة والسلام (الإبل عز لأهلها) ولقد اعتبر الرسول الكريم الإبل ثروه قوميه.. واثنى على اصحاب الإبل وأوصى بالمحافظه عليها.. وقد ذكرها الرسول الكريم في العديد من احاديثه الشريفه.. حيث ذكرت في اكثر من 109 من الاحاديث الشريفه..وتشكل الإبل في الوطن العربي 65% من مجموع الإبل في العا لم وتؤدي خدمات كثيره في العالم العربي والاسلامي مثل النقل والتنقل والاعمال الزراعيه وفي مناطق متعدده من مصر والشمال الافريقي.. والبمن والجزيره العربيه والاردن والعراق وبلاد الشام وفي شبه جزيره سيناء وجميع الصحاري العربيه..وهي عماد الاقتصاد في بعض الدول العربيه والاسلاميه وفي مناطق واسعه من ارض الصومال والسودان وموريتانيا وجنوب الجزائر و تونس ومالي وتشاد ومعظم الدول الافريقيه .. ويشكل حليب الغذاء الرئيسي لسكان تلك المناطق في معظم أيام ألسنه.. وكان لها دور في تجاره الملح والتوابل والصمغ العربي والتمور والبن كذلك ..وفقدت الإبل اهميتها في بعض الدول واستغني عنها كوسيله نقل وترحال.. وقد احتلت الإبل مكانه مرموقه عند البدو منذ الماضي البعيد والى الحاضر ولا يزال لها حظ وفير عند كثير من الناس من حضر وباديه الآن .. ولا ينسى العرب والمسلمون دور الإبل في نشر الدعوه الاسلاميه في الجزيره العربيه وخارجها..وكانت الإبل لها دور في حياة الاجداد..كانت مصدر رزقهم ووسيله مواصلاتهم وترحالهم.. وعتاد حربهم وغزواتهم..ويطلق البدو على الجمل سفينه الصحراء..وهو وصف مثالي ينطبق عليه تمامآ نظرآ لقدرته العجيبه على تحمل المشاق وصبره على العطش والجوع في هجير الصحراء وحرها الافح وهو يقطع الفيافي والقفار رفيقآ لصاحبه في هذه الصحراء الموحشه في حله وترحاله الطويل.. وتستطيع بعض الجمال الصبر عن الماء أكثر من اسبوعين وتكون مخزنه الشحوم وبعض الماء في سنامها.. وتصبر عن الاكل حوالي الشهر في بعض الاحيان كما تستطيع إن ترعى وهيه على سفر وهيه محمله بحمولتها على ظهرها وترعى وهيه ماشيه وهذا يعرفه البدوي ويخليها تمشي على راحتها لترعى العشب..واعتمدت القبائل البدويه على الإبل اعتمادآ كبيرآ حيث بات جزءآ لا يتجزأ من حياتهم اليوميه وصراعهم من اجل البقاء في هذه الصحراء القاتله..وكانوا يحصلون منها على اللحم واللبن والوبر الذي يستخدم في صنع الملابس والخيام كذلك.. وكانت الإبل هي الوسيله التي لا يستغنون عنها في اسفارهم وتنقلاتهم وترحالهم..ومدح البدو الإبل ووصفوا بعضها بأنها ( سبوق ) أي انها تسبق ميدان السباق.. وبعضها حلوب أي تحلب اللبن وكان لبن النياق من اهم اغذيتهم الرئيسيه..وكان البدو يفتخرون في الإبل الاصيله.. ويعرفون اصلها وفصلها أي انهم يعرفون إن هذا الجمل ابوه الجمل الفلاني وابو أبوه الجمل الفلاني وأمه هي الناقه الفلاني وأم أمها هيه الناقه العلانيه وهذا الجمل موجود عند العائله الفلانيه في القبيله الفلاني.. هكذا كان البدو يحفظون انساب الإبل واسمائها واصلها كذلك مثل اصول وانساب القبائل والعربان أي يكون لها اصل وفصل مثل أي فرد في القبيله..وكان من عنده من الشيوخ جمل اصيل ومعروف ويسمونه (زمل) من كان عنده من هذه الزمول المعروفه وتسمع بتا القبائل وذاع صيته بينهم . فانهم يجلبون له النياق. (ليضربها) اي ليلقحها للأجل تحسين النسل كذلك.. ولا يأخذ على تلقيح الناقه أجرآ.. لأنه عيب عند البدو إن يأخذ اجرآ على تلقيح أي ناقه.. ويقول صاحب الزمل اجري وثوابي عند الله.. ويقوم صاحب الناقه بالدعاء لصاحب الجمل وخصوصآ عند ولادة ناقته يقول (الله يجزي صاحب الزمل الفلاني كل خير)..وبعد مده من الزمن تبرز سلالات اصيله وعريقه من الإبل توافرت فيها جميع الصفات المحموده..واثبت العلم صحه الطرق التي كان يتبعها البدو في السابق في تحديث نسل الإبل ودقه معرفتهم في اصول تهجين الإبل وتثبيت اصولها..وكانت الإبل غاليه وعزيزه عند البدو مثل اولادهم بل انهم يرعوها مثل رعايتهم لأبنائهم وكانت للابل اسماء مشهوره تسمى بتا .. وكان البدوي يقول وينتخي في جمله او ناقته ويقول (انا راعي الجمل الفلاني او انا راعي الناقه الفلانيه)وكان قوله هذا يعني انه لو يموت او يلبى طلبه.. ولا يوجد اصدق من كلامه فيما يقوله عندما ينتخي في جمله او ناقته.. فهذه الناقه غاليه عليه مثل امه او اخته فيه بالنسبه للبدو بمثابه العرض والارض.. وكم من حروب جرت في قديم الزمن من اجل الإبل..منها حرب داحس والغبراء.. وحرب البسوس ومدتها اربعون عامآ كما تقول كتب التاريخ.. والغزوات والسلب والنهب التي تجري بين العربان وسلب الإبل وهيه من البطولات عند البدو.. وكان بعضهم يسلم من القتل وقت الغزو والسلب والنهب عندما يقول لمن يحاول سلبه وقتله اذا كان يعرف اسم ناقته يقول له (انا داخل على الله وعليك يا صاحب الجمل الفلاني) ويرد عليه صاحب الجمل ويقول له (سلمت الله لا يسلمك)..ويخلي سبيله.. انظروا كم كانت للابل من كرامات عند البدو.. وكان كل من تسلب ابله يعاير بها الى إن يستردها او يسلب وينهب غيرها.. وكان للابل الاصايل اسماء ومعروفون اصحابها بين العربان.. وكانت هذه الاسماء تلحق بأولاد صاحبها بل بأحفاده كذلك.. وكان الحفيد يفتخر ويقول انا جدي صاحب الجمل الفلاني او الناقه الفلاني.. وليس عبيآ إن يناديه احدهم بأن يقول له (يا راعي الجمل الفلاني) مثل ما يقول له ابو فلان.. وكان احدهم لايحلف في اسم جمله او ناقته كذبآ ابدآ.. وكم من الحقوق في مجلس الحق بانت لعدم حلف البدوي اليمين الكاذب في ناقته.. أي انه يقر في سرقته او جريمته ولا يحلف يمينآ كاذبآ في ناقته.. انظروا كم كان الوفاء للابل عند البدو.. يصل الى حد التقديس..اعزائي القرآء إن الكتابه عن الإبل تحتاج الى مجلدات وان شاء الله لي لقاء قريب معكم عن الإبل في الحلقة المقبله.. والسلام عليكم ورحمته الله وبركاته.. اخيكم/ماجد البلوي..تبوك