أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
أما استوجبت المحاسبة الفلسطينية؟!

بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 16.06.2009

عندما تشكل المستوطنات الإسرائيلية نسبة 40% من مساحة الضفة الغربية، فمعنى ذلك أن ما تبقى من أرض فلسطين تحت نفوذ السلطة الفلسطينية لا يتعدي 12% فقط من شرائح أرضية لا تصلح لقيام دولة، وإنما تنفع لإقامة مراكز شرطة، وتكفي لعدد من السجون، ومقرات لقوات الأمن الفلسطينية ينمو على جدرانها عدد من الأسئلة: متى؟ وكيف؟ ولماذا توسع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية إلى هذا الحد دون أن يثور أحد، أو يغضب، ودون أن يحترق دم الشعب الذي فقد الأرض، ودون أن يُحاسب مسئول؟
لن أقول أن المستوطنات اليهودية قد زادت بعد إعلان الحرب على المقاومة الفلسطينية، ولن أقول أن السبب هو شعور المستوطن بالأمان مع وجود قوات الأمن الفلسطينية، وإنما سأدع الأرقام الصادرة عن بعض مراكز الأبحاث تقول الحقائق التالية:
1 ـ حسب معطيات مكتب الإحصاء المركزي في إسرائيل، فان عدد المستوطنين في الضفة الغربية ازداد منذ التوقيع على اتفاقية "أوسلو" من 110 ألف يهودي إلى نحو 300 ألف يهودي، إضافة إلى 80 ألف يهودي يقطنون في الأحياء اليهودية شرق القدس.
2 ـ ذكرت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية أن نسبة البناء في المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية ارتفعت سنة 2008 بنسبة تصل إلى 60% عن سنة 2007. وأن عدد المستوطنين يصل إلى 300 ألف يهودي.
3 ـ في تقرير مطول لمعهد الأبحاث التطبيقية "اريج" عن النشاطات التوسعية الإسرائيلية بين الأعوام 1996 و2007 أكد على وجود معطيات مذهلة عن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية فقد بلغت نسبة التوسع الاستيطاني 85% عن السنوات السابقة.
4 ـ أشار تقرير أعده مركز الدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان سنة 2003 إلى ارتفاع حجم النشاط الاستيطاني منذ توقيع اتفاق أوسلو بمعدل 52% وعدد المستوطنين بنسبة 63%.
5 ـ صرح السيد صائب عريقات أن: 40% من الضفة الغربية قد صارت تحت سيطرة الإمبراطورية الاستيطانية!.
فمن الذي أغمض عينه، وصمت، وغطى على جريمة نهب الأرض؟ ومن الذي لم يصرخ، وظل يفاوض رغم التوسع الاستيطاني؟ ومن الذي لم يخرج على الناس شاهراً سيفه، أو حنجرته بخطأ تواصل الالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل؟
ولما كان الشعب الفلسطيني قد اتهم القادة والزعماء العرب بضياع فلسطين، ولطالما توعد بالانتقام، والقصاص من المتآمرين، والخونة، فمن هو القائد العربي المتآمر، والخائن الذي يتهمه الفلسطينيون اليوم بضياع باقي أرض فلسطين؟ هل في الضفة الغربية زعماء عرب نتهمهم؟ أو جيوش عربية نلقي عليهم بالمسئولية، أم أن في الضفة الغربية قيادة فلسطينية منذ خمسة عشر عاماً، وقوات أمن فلسطينية؟
وطالما هنالك مسئول فلسطيني فهو المسئول الذي يجب ألا يمر طيفه أو ذكره دون محاسبة، سواء أكانت المحاسبةُ معجلةً أو مؤجلةً؟ لأن الحديث يدور عن وطن، ولا وطن من غير الأرض، والذي مهَّدَ لتسرب الأرض هو الذي أضاع الوطن، وفرَّطَ بالعرض، وهو الأشدُّ خطراً من الصهيوني الذي يغتصب الأرض.