بقلم : أمينة عودة ... 22.06.2009
لا بد من وقفة! لتناول ما تقدم به رؤساء الحلف الأمريكي والإسرائيلي من خطب، في محاولة لانتهاج سياسية استقطاب هشة، للالتفاف على حق الشعوب في الحرية والاستقلال، جاءت مرة أخرى لتفرض دور الشرطي في المنطقة، وللتأكيد على تفاهمات ومواقف استراتيجية وتكتيكية مشتركة، جاءت هذه الخطب "كمن يضرب كفا بلا تعديل طيقة"، صريحة وحاسمة، بعد انتظار وتحضير وفرض حالة من التأهب "انتظارنا" لما سيتمخض عنها، ونخص بالذكر خطاب الرئيس الشاب اوباما، فلم يتمخض عن الجبل سوى ان ولد ما ولد!!!، ولم ينعم او يتصدق على المتفائلون واللاهثون بناقة أو بعير.
و لا زالت ردود الفعل، بهذا الشأن تتواصل على لسان أطراف رسمية وغير رسمية بما في ذلك الشعبية، التي جاءت في إطار المجاملة والإشادة والتنديد، على رأسها الفلسطينية، الرافضة رفضا قاطعا لما "تكرم" "نتن"ياهو، ردا على لما نطق به من إصرار لمواصلة إخضاع الفلسطينيين لاحتلال إسرائيلي، ومقايضة تنص على حماية إسرائيل وأمنها وشعبها، حيث أعلن بيبي نتنياهو جملة من الاشتراطات خص بها الفلسطينيون، وعلى رأسها القبول أولا بالدولة اليهودية، والرحيل عن دولة إسرائيل والبحث عن وطن بديل، ونضيف هنا تحضيرا لاستقبال عشرة ملايين مهاجر هندي!!!
هنا أعاد "نتن"ياهو إلى الأذهان ما هو ليس بالجديد من مواقف متطرفة يسبح بها ليل نهار، مراهنا على رفع ما يسمى سقف مكتسبات سياسية، أمام أية أجواء تفاوضية سرية أو علنية، مؤكدا بدوره على ضرورة مواصلة الاستيطان، مدافعا عن حق الإسرائيليين في العيش على ارض إسرائيل دون أن يشير إلى حدودها التي لم تحسم بعد؟ لتتلاءم والسياسة الإسرائيلية التوسعية الاستيطانية الاستعمارية؟ والنية كما يبدو تتجه نحو النهر إلى البحر إلى الفرات، وحدد دون أدنى تلبس، عندما خرج من عقاله، مرددا ما اعتاد عليه سادة إسرائيل، بأن القدس العاصمة الأبدية لإسرائيل، منوها لدغدغة لمشاعر الحلفاء، بخصوص الدولة الفلسطينية، موضحا ان دولة الفلسطينيين، إذا ما كتب لها أن تكون، يجب أن تخلق منزوعة السلاح، نضيف هنا بما في ذلك من السكاكين والهراوات والحجارة، بمعنى أن ما أطلق عليه المتطرف نتنياهو، دولة فلسطينية، لن تكون سوى احد الجيوب الإسرائيلية الحامية للأمن الإسرائيلي أي محمية أمينة، وحسم بذلك موضوعة السيادة لدولة فلسطين على ان لا تتمتع دولتنا بأي عنصر أساسي من عناصر السيادة، فلا يحق للفلسطينيين السيطرة على الحدود والأمن والمياه والأرض والجو، مفرغة بذلك الدولة من آية معالم، حيث تشبه كل ما يمكن أن تخليه ما عدا شيئا اسمه دولة، وحظر على الفلسطينيين انتزاع أو التمتع بحقوقهم، على رأسها حق العودة وتقرير المصير، بمعنى انه طرح وصفا وظيفيا للدولة الفلسطينية، يؤكد على قيام ما أطلق عليه دولة فلسطين، بدور موظف لدى دولة إسرائيل، "نتن"ياهو بطرحه الصريح، يعيدنا للسنين العجاف، بتكليفه الفلسطينيين بمهمة وحيدة، آلا وهي صب الزيت على النار، مؤكدا على ضرورة محاربتنا للإرهاب الفلسطيني!! وهنا يدعو علانية لفتنة فلسطينية وتعزيز النزاعات الداخلية، وأمعن في الاسترسال بتقديم الدعم المباشر لإرهاب المستوطنين وتوسعهم، ودار ظهره للأمة العربية عندما استثنى من خطابه المبادرة العربية، غير مكترث، رغم مساعيه الدءوبة الساعية للتطبيع وفقا رؤيته، وغاب عن ذهنه ما يسمى بخارطة طريق واوسلو، لما لديه من خرائط حديثه للمنطقة، متنكرا دون تردد لحق الشعب الفلسطيني بالعيش على أرضه، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة، والحق في العودة التي نصت عليها قرارات الأمم المتحدة التي شطبت يبدو بأثر رجعي من قبله وممثلي المجتمع الدولي.
بما أننا نتحدث عن خطب الحلفاء فسنعرج قليلا، على ماء جاء على لسان بعض منهم، والتي جاءت كمن يقول لنا كتير عليكم!!! نعم هذا هو المشهد، حيث رحب اوباما بخطاب الحليف الاستراتيجي، الذي كان هممه الوحيد التأكيد في خطاب القاهرة، التأكيد على تأمين حماية وجود دولة إسرائيل، هذه فاتورة من يفرط المطلوب من العرب دفعها دون فتات يذكر، سوى قيامه بزيارة شرق أوسطية، محددا المطلوب منها، لزحزحة أي سن من أسنان مشط المفاوضات، واصفا اوباما، خطاب "نتن"ياهو بالناقص، ونقول هنا بالناقص منه، لأنه خطاب يهودي متطرف، ويعبر عن الرفض التام لأية مطالب عادلة للفلسطينيين.
وأضاف السيد اوباما في رد فعله، أن هناك تقدما ملموسا في خطاب "نتن"ياهو، بتعريجه على مبدأ الدولتين، كآمون اوباما؟؟؟؟، أي دولة نووية احتلالية مقابل دولة فلسطينية منزوعة السلاح والسيادة لا تمون على شربة ماء، الا بتصريح من دولة المحتل، لا أسس لها، سوى ان تمثل واجهة لحماية ماء وجههم إذا ما وقعت الواقعة!!!!!!!!!!!!!! وأعلن عن قيامها، تباعا لذلك تفضل كل من توني بلير وميركل بالترحيب، بما جاء على لسان الشريك نتنياهو الذي ذهب فأسا ورجع منشارا، حين قال بلير يجب أن نبني على ذلك؟.
وهنا اسمحوا لنا أن نتقدم "بالشكر" الجزيل، لمطالبة الرئيس الشاب باراك اوباما، الذي سهرنا طويلا على سير عمليته الانتخابية، مطالبته بوقف البناء في المستوطنات، مضيفا في محاولة لتهدئة أعصاب الفلسطينيين، حين قال، أن طرح "نتن"ياهو ليس بالمخيف، أليس هذه مكرمة للحليف الإسرائيلي، ودعوة غير مباشرة لإعادة صياغة احتلال إسرائيلي للفلسطينيين على الطريقة الأمريكية!!!!!
لا، لم نفاجأ أيها السادة من خطب رؤساء الحلف الاستراتيجي، فلا جديد فيما بطرحهم، وعليه آن الأوان بعد ان قرع جرس الأنظار، للفلسطينيين والأمة عربية، الخروج من عتمة المواقف للعلن، بصياغة دبلوماسية جديدة على الصعيد الفلسطيني والعربي، تطل علينا بطعم من سكر خفيف اقرب للمرارة والمروءة، للوقوف في وجه هذا الهجوم الكاسح على مصالح الشعب الفلسطيني، المواقف الطاعنة والمتنكرة لحقوقنا، التي تشرع الباب على مصارعيه للإسرائيلي وحليفه السير قدما في تحقيق أطماع وأهداف بعيدة المدى، كون موضوع التطبيع يأتي في سياق الاشتراطات الأساسية، لحدوث تقدم نحو أي تحرك سياسي، و لا يجوز لنا حتى أن نستعيذ من طرحهم حتى في ألأحلام، علينا فقط تنفيذ الاملاءات وتطبيق توصيهم "المقدسة"، بفتح باب الهيمنة والسيطرة والاحتلال الفكري والاقتصادي والجغرافي ليقودنا هذا لمرحلة العراق 2.
بهذا سدد "نتن" ياهو ضربة حاسمه في المرمى الفلسطيني والعربي، لعل الحارس يجمع قواه ويستنهض ما لديه من قدرات، للتحضير لرد ملائم والوقوف في وجه المطروح علينا من استسلام. وخلع عباءة الهروب من حماية كرامة الأمة العربية، وليخرج من بينا من ينقب عن الحجر الذي رمى به "نتن" ياهو في البئر ؟؟؟ .
وعلى الفلسطينيين، إعادة تحرير الحالة السياسة مما هي عليه، التي هدرت زمنا طويلا، بانتظار تطورات قد ترفع ظلما عن الفلسطينيين، وتفعيل برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، عبر تشكيل جبهة فلسطينية عريضة موحدة ومناهضة ومناوئة فاعلة لما يطرح ومرور 62 عاما على النكبة و42 عاما على احتلال الضفة الغربية والقدس، ووضع برنامج مقاوم للاحتلال ونظمه السياسية، بإلقاء الفلسطينيين شرقي النهر، نطرح هذا لكي نعمل على لجم نتنياهو وحاشيته من الصول والجول في الأقصى الشريف وارض فلسطين وأجندتنا الوطنية.
نعم لقد لعب نتنياهو دور الضحية، كوننا "عبئا" عليه، عندما أشار يا "حرام" شيء "بيقطع " القلب، أن دولة إسرائيل ذات مساحة محدودة والأجدى بالفلسطينيين البحث عن وطن بديل !!!! لذلك علينا ان نشد الرحال للامام، لأننا أصحاب حقوق مقدسة لا تنازل عنها، واللي مش عاجبه يشرب من أي مصدر كان ويرتوي منه!!!!!!!!! لا يسعنا أن ننهي ما سبق سوى بالمثل الفلسطيني القائل "، هذا الرجل، " كمن يسرق الكحل من العين" "وجارنا" من صناع اللصوصية السياسية، وقد ندفع الثمن غاليا !!!!