بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 23.05.2009
في افق افاقنا الصغيره وفي طيات عالمنا المتجدد تتجلى عام بعد عام افاق وابعاد المأساه الفلسطينيه اللتي لم يعي الكثيرون من بيننا لعُمقها الانساني والتاريخي الا بعد حين او بعد عقود من التعتيم والتضليل الاعلامي الذي رافق فتره مابعد احداث كارثة "نكبة"عام 1948 اللتي بلغت من العمر نصف قرن وعقد من الزمان وعام يطوي في طياته احداث كثيره وتطورات كثيره على صعيد القضيه الفلسطينيه المتجدده والمتصاعده في الوعي والوجدان الفلسطيني والعربي, وقد تسقط جدران البيوت الايله للسقوط في حيفا وعكا ويافا بعد ان هجرها اهلها قسرا, ولكن حيفا ويافا ومئات المدن والقرى الفلسطينيه لم تسقط من قلوب واذهان الفلسطينين جيل بعد جيل , اينما كانوا واينما تواجدوا حيث تغنَّى الفلسطيني بمدينته وبقريته ومسقط راس اباه وامه واجداده دون ان يراها حيه امام عيناه, فاحيَّاها في القلب جيل بعد جيل وروح بعد روح ليصير للفلسطيني وطن يعيش فيه وفي عمق وجدانه اينما حل وذهب ... وطن يعيش فيه الفلسطيني ام فلسطيني يعيش فيه الوطن!...ستون عام وعاما والامل ما زال يحدو الفلسطيني بعد غروب وشروق عام اخر ان يعود الى الوطن ويعود الوطن اليه في حلم وواقع مرير يجعل من من تقدمت به السنين وهو لاجئا ان يدعوا لله ان يمد في عمره حتى يرى فلسطين وقريته ومدينته, وان لم يمكن التمديد ويقترب الاجل يوصي ان يحملوه رفاتا من قبر اللجوء لى قبرجنة الوطن, وان لم يمكن هذا او ذاك فحفنة تراب من فلسطين تُرش على قبره تكفي!.. فيهُم من طُبعت قريته ومدينته في ذهنه وعقله خارطة ثابته: شارع وحارة وعائلة واشارة بالتفصيل رغم طول وعرض تفاصيل السنين الطويله التي قضى فيها من قضى وولد فيها من ولد, ولكن فلسطين الاسطوره والوطن قد ولدت وتوالدت وتكاثرت في الذهن الفلسطيني اضعاف اضعاف مما هي عليه في الحقيقه والواقع وذلك بعد واحد وستون عاما من ام الكوارث الفلسطينيه, وتداخلت وما زالت تتداخل الامور في مخيلة الفلسطيني اللاجئ الذي راى فلسطين فقط في عيون واحاديث من طبعُوا في وجدانه صورة فلسطين الجنة على الارض,بمدنها وقراها وبجبالها وسهولها وبحارها وصحاريها وتربتها ومزارعها و بياراتها وفي ادق التفاصيل الذي طبعها اللاجئ الفلسطيني في ذهن مابعده من نسل فلسطيني تكاثر منذ العام 1948 وحتى يومنا هذا اضعا ف الاضعاف, فصار اليوم عدد الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا بالملايين المليانه, حيث اعلن جهاز الاحصاء الفلسطيني مؤخرا في بيان خاص بمناسبة حلول الذكرى ال61 لنكبة فلسطين ان " المعطيات الاحصائية تشير أن عدد الفلسطينيين عام 1948 بلغ 1.4 مليون نسمة في حين قدر عدد الفلسطينيين نهاية عام 2008 بحوالي 10.6 مليون نسمة وهذا يعني أن عدد الفلسطينيين في العالم تضاعف منذ أحداث نكبة 1948 بسبع مرات.وجاء في البيان "أما فيما يتعلق بالفلسطينيين المقيمين ما بين النهر والبحر فان البيانات تشير الى أن اجمالي عدد الفلسطينيين المقيمين في فلسطين التاريخية بلغ نهاية عام 2008 حوالي 5.1 مليون نسمة مقابل نحو 6 .5 مليون يهودي."واضاف "وفي ضوء المراجعة الجديدة للتقديرات المتوقعة لعدد السكان بناء على نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2007 فانه من المتوقع أن يتساوى عدد الفلسطينيين واليهود ما بين النهر والبحر بحلول عام2016 ",, و هنالك توقعات شبه اكيده بتساوى عدد الفلسطينيين واليهود في فلسطين التاريخية بحلول عام 2016 وذلك في ظل الواقع الحالي على الارض ودون الاخذ بالحسبان حساب عدد اللاجئين الفلسطينيين في الخارج, مما يعني وفي حال تحقق حق العودة الفلسطيني بانه سيكون الفارق في الأعداد كبيرا لصالح الفلسطينيين, والاكثريه الساحقه في فلسطين ستكون فلسطينيين... خبر يسر القلوب ويصهر صلابة الواقع المر اللتي تتجاذب الواقع الفلسطيني السياسي الموبوء بالفصائل والانفصال وانعدام الوسائل مرحليا لرفع الحصار عن غزه المحاصره من جهه ورفع الحصار المضروب على كامل الوطن والحق الفلسطيني من جهه ثانيه .....
لم ينسى الفلسطينيون وطنهم ولم يغرقوا في بحار اللجوء والغربه ويموتون وينسون كما تمنى عتاة الصهاينه, والواقع اليوم اثبت ان فلسطين في الذهن والذاكره الفلسطينيه باقيه ما بقي التاريخ لابل ان فلسطين هي الحلم المزروع في رحم الارض وافق السماء,, واسرائيل تلك الدوله التي انشأت كيانها على ارض فلسطين في طريقها الى خسارة رهانها على عامل الزمن والنسيان, وهاهُم الفلسطينيون بعد واحدا و ستون عاما على النكبه قد شيَّدوا حلمهم وعزيمتهم في قلوب كلها ايمان وعزم على ان الظلم ماضي والحق باقي!!..والفلسطينيون وطنا ومهجرا انجبوا البقاء وملايين من فرسان العوده.....وعندما شرد الغاصبون والمحتلون شعبنا من قراه ومدنه وارضه العامره بالحياه والحيويه ظنوا خاطئين اننا انتهينا وانتهى اسم فلسطين و كما قالت غولدا مئير انذاك ""ان جيل النكبه سيموت في المنافي والمخيمات والاجيال القادمه ستنسى فلسطين",,. ولم تغرق غزه في البحر كما تمنى رابين ولم تحقق المجازر الصهيونيه اهدافها لا على مخيمات اللجوء في الخارج ولا في داخل الوطن الفلسطيني, وخاب ظن مئير وشارون ورابين واولمرت ونتانياهو واسراب المجرمين بحق الشعب الفلسطيني, حيث سطر الفلسطينيون بالدم واللحم وقوافل من المناضلين والشهداء, اروع ملاحم الوطنيه والانسانيه لتتواصل وتتعاقب الاجيال الفلسطينيه وطنا ومهجرا في الاصرار على تجسيد وتحقيق الحلم الفلسطيني, وهكذا حفر الفلسطينيون وزرعوا في عقول واذهان ابناءهم وبناتهم واحفادهم صور حية لاتموت عن فلسطين وعن قراهم ومدنهم ومضاربهم اللتي شردتهم منها الصهيونيه والقوى الامبرياليه القذره وعلى راسها مايسمى حتى اليوم ب"هيئة الامم المتحده", لابل ان الفلسطينيون لايبحثون اليوم عن الفردوس المفقود فقط لابل يعيشونه في قلوبهم وحنينهم الجارف وحبهم لوطنهم الذي شيَّدَ في كيان ومقومات النفسيه الفلسطينيه حلم لا يموت و دولة واسعه وشاسعه من الحب لفلسطين في قلب كل فلسطيني سقفها في افق السماء واساسها وجذورها في رحم الارض الفلسطينيه... حلم لايموت واصرار هائل تتلاقفه الاجيال الفلسطينيه بحتمية عودة فلسطين وعودة الحق الفلسطيني وعودة الخيول الفلسطينيه الى مرابطها وعودة اهل يافا وحيفا والرمله وكفر برعم وصفوريا واللجون وعسقلان وبئر السبع واسدود وصفد ومئات المدن والقرى الفلسطينيه المهجره,, عودتهم الى بلادهم السليبه....!!.
نعم والف نعم فنحن شعبها وادرى بشعابها من كل المحتلين والمتأمرين من عرب وعجم وفلسطينيين سلَّمُوا ذاكرتهم ووجدانهم في " اوسلو" وواشنطن وعادوا الى فلسطين دون هويه ودون ذاكره وما زالوا يفاوضون طواحين الهواء والوهم ويتكورون في وكرعملاء ووكلاء الامبرياليه الامريكيه والصهيونيه في العالم العربي اللذين يقدمون المبادرات ويساومون على فلسطين والقدس في مقابل ان تحمي امريكا واسرائيل عروشهم وكراسيهم الخيانيه اللتي تذود عن اسرائيل وتحاصر غزه وفلسطين, وما لايدركه الانبطاحيون واسيادهم في واشنطن وتل ابيب هو ان الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا اكثر تصميما وتنظيما ووعيا في هذه المرحله من اي مرحله سابقه, ويدرك شعبنا الواعي ان النضال طويل وشاق ليست مع الصهاينه والامبرياليه الامريكيه فحسب لابل ايضا مع من انشقوا عن صفوف الشعب الفلسطيني من فلسطينيون وعرب رده نافقون تاريخيا من جهه ومُنصبُون في مناصبهم بهدف خدمة المشروع الصهيوني في فلسطين من جهه ثانيه وبالتالي لن يكسر المتأمرين شوكة النضال الفلسطيني وعزيمة الشعب الفلسطيني على تحقيق حقوقه وعلى راسها حق العوده, لابل ان من تأمروا على حق العوده من عرب و فلسطينين من امثال رعاة " وثيقة جنيف" لم يفلحوا حتى في صيانة حبر وثائقهم الهالكه.... لابل ان هؤلاء المنافقون يتـأمرون على غزه ويختلقون الانشقاقات ويرسخوها بهدف الاساءه للقضيه الفلسطينيه بحجة وجود حماس في سلطة غزه.... فلسطين القضيه وفلسطين الحلم هي قضية وجود وكانت موجوده قبل وجود فتح وحماس واي فصيل فلسطيني اخر.... ان الاوان ان نعزل بين حتمية تحقيق الحق والحلم الفلسطيني وبين تحقيق مصالح وسياسات فصائل وتنظيمات فلسطينيه... ان لاوان ان نقول ان لفلسطين شعب يعرف شعابها وصعابها وتلالها وسهولها ومروجها وجبالها وتضاريسها,, الا انه ان الاوان للقول ان فلسطين تعاني من غياب القياده السياسيه والجماهيريه التي من المفروض ان تقود القافله وتبوصل البوصله نحو الوطن والحق الفلسطيني وليست نحو دهاليز واشنطن وعملاءها المتكورون في او كار الخيانه والعماله العربيه... الحلم والحق الفلسطيني لن يموت ما زال وراءه مطالبا يقر بوجوده ولا يتوسله ويتسوله في تل ابيب وواشنطن!!
نعم ان في فلسطين وخارجها شعب يدرك صعابها ويعرف شعابها, وهذا ما يغيظ احلاف واسراب الاعداء الذين تغيضهم ذاكرة الافق الشاسع والعمق الضارب جذوره في الارض الفلسطينيه!... في فلسطين يدركون معنى الحياه ومعنى الحزن والفرح ويفرحون ويحزنون ويحبون ويكرهون ويصرون على الزغاريد في الافراح والاتراح واعراس العرسان والعرائس بشقيها الاحياء والشهداء.. كل شئ في فلسطين صار معلما من معالم الطريق من والى فلسطين....هُم ارادوها معوَّلا يهدم ويدمر,, ونحن حولنَّاها الى ورشة بناء وعي باهمية الوطن لابل اعدنا تشييد البيوت والطابون من طين وقش الارض الفلسطينيه في زمن تكالبت فيه علينا عُربان واشنطن وجِراء وكر شرم الشيخ الذي يمنع الدواء والغذاء عن ابناء غزة هاشم...فل يعرف الساقطون ان غزة فيها عبق عزة التاريخ بينما هُم عفن اعفان النذاله التاريخيه..... حتما ستعود الطيور المهاجره وسيعود النورس والسنونو الفلسطيني الى اعشاشه والى شواطئه يحلق في افق الوطن كيفما شاء ومتى اراد.. انه الحلم الفلسطيني الضارب جذوره في الارض والسماء... تحية للشعب الفلسطيني والعربي في كل مكان ووطنا ومهجرا... الغيوم تملأ السماء والسحاب يسير,,, ولا بد للغيث ان يهطُل...عاجلا ام اجلا,,.. فصبرا يا صبرنا وصبارنا وشعبنا!!