أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
المتهمة بالتجسس ت. م. ط.!!

بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 09.06.2009

أليس غريباً أن تعقد المحكمة العسكرية الفلسطينية جلسة خاصة في مقر مجلس القضاء العسكري في جنين للنظر في ملف قضية المتهمة ت. م. ط. من منطقة نابلس؟ أليس عجيباً أن تنظر المحاكم الفلسطينية في قضية فتاة متهمة بالتخابر مع الإسرائيليين، فتاة فلسطينية جاسوسة للمخابرات الإسرائيلية! لقد تعودنا على الفلسطينية بحزام ناسف، أو أن تكون أم أسير، أو زوجة شهيد؟ فكيف تكون فلسطينية وتخبر الإسرائيليين عن حال المطاردين؟ وهذا ليس مجال استغرابي. وإنما سؤالي هو: ماذا تمتلك هذه الفتاة ابنه 22 عاماً من معلومات سرية عن المطاردين لا تعرفها المخابرات الإسرائيلية؟
المخابرات الإسرائيلية لا تريد أي معلومات، إسرائيل تريد معلومات عن رجال المقاومة، وعن السلاح الفلسطيني المقاوم، وعن التنظيمات المقاومة، وهذه المعلومات لا تمتلكها فتاة 22سنة، وإنما تمتلكها أجهزة أمنية، وإن عرفت الفتاة بعض المعلومات فهي لا تذكر قياساً لما هو متوفر لدى المخابرات الإسرائيلية من خلال التنسيق الأمني، والمهمات الميدانية التي تقوم فيها كتائب "كيث دايتون"، ومباشرتها في تصفية المقاومة، بعد أن تعاهدت مع المخابرات الإسرائيلية على حماية أمن الإسرائيليين، ووفرت على الجيش الإسرائيلي مهمة الاعتقال، والتصفية، بعد تدريبها، وتسليحها تحت بصر، وسمع المخابرات الإسرائيلية.
فبأي تهمة تحاكم الفتاة ت. م. ط. من منطقة نابلس، ووفق أي قانون؟ وما حجم المعلومة التي قدمتها للمخابرات الإسرائيلية، وإذا كان نقل المعلومات للمخابرات الإسرائيلية يستوجب المحاكمة، فما رأي قضاة المحكمة العميد عبد الكريم المصري، والمقدم محرز عطياني، والمقدم نبيل جابر، بالذي يتبادل المعلومات عن رجال المقاومة مع المخابرات الإسرائيلية؟ ويلاحق تنظيمات المقاومة بناءً على المعلومات الإسرائيلية، فمن سيحاكم أولئك؟ وهل الملف الذي بين أيديكم فيه معلومات أخطر من المعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام عن ملاحقة، وتصفية رجال المقاومة في الضفة الغربية .
أنا لا أدافع عمن يتصل بالمخابرات الإسرائيلية، أنا أنشد العدل، فإذا كان الاتصال بالمخابرات الإسرائيلية تهمة يعاقب عليها القانون، وهي من وجهة نظري تهمة، فإن الأولى أن يحاكم كل من له صلة أمنية بالإسرائيليين، وكل من ينسق معهم اللقاءات الأمنية، وكل من يتبادل معهم المعلومات الأمنية، وقبل الجميع، كل من ينفذ التعاليم الأمنية الإسرائيلية.
ذات سنة في سجن عسقلان اكتشف السجناء أن قادة أكبر التنظيمات الفلسطينية جواسيس للمخابرات الإسرائيلية، وينفذون سياسة إدارة السجون. لقد مرت أيام حالكة السواد على السجناء الشرفاء الذين ذاقوا الويل، وطعنوا في انتمائهم، واتهموا بالتخابر مع العدو، وصار السجناء العملاء يسرحون، ويمرحون، وهم الوطن فلسطين، وهم الثورة، وهم قرار البراءة والاتهام بالعمالة مع إسرائيل. لقد ظل هذا الحال المزري فترة من الزمن، إلى حين اكتشف معظم السجناء أن صلب قيادتهم في السجن جواسيس، وأن مصدر قرارهم عميل، لتكون الفاجعة، والمفاجأة على السجناء الذين صفعوا تجربة انقيادهم لعميل بالأحذية.
هل سنفيق يوماً لنكتشف أن ملف قضية المتهمة ت.م. ط. من منطقة نابلس جاءت لتغطي على عشرات الملفات الواجب فتحها، ولتموه على مقترفي تهمة التعامل مع المخابرات الإسرائيلية تحت مسمى التنسيق الأمني؟.