أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
عصا دايتون : ما تبقى لنا من فلسطيننا, و لكُم من فلسطينكُم!!

بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 11.07.2009

صرح اوباما واشترط نتانياهو"يهودية الدوله" اولا, واصر ليبرمان على موقفه من الاستيطان وهكذا دواليك صرنا وصاروا ننقل اخبارهم ونتناقل تصريحاتهم وكأننا نتحدث عن الربع الخالي في صحراء الصحاري او عن الارض اللذي لم يكن لها شعب وكانت صحراء قاحله الى ان عاد اليها اهلها بعد تيه استمر "الفي عام" ليُحوِلوا الصحاري الى واحات وجنات ويسحبوا الارض من تحت اقدام من من كانوا عليها من احياء ما زالوا يتكاثروا حتى بلغوا عدد الملايين المُملينه في بلاد المشاع العربي الممتده من المحيط الى الخليج على ذمة الراوي اللذي لم يعد يصدق حتى ذاته في قصص الف ليله و ليله العربيه اللتي تسرُد و سردت واقعا كان ولم يكن وكأنه مكتوب على رمال متحركه في صحراء العقول العربيه السائره والتائهه في دروب بلا اشارات ولا علامات تضبط ايقاع خطوات القوم وتبوصل سيرهُم حتى يخرجون ولو حين الى استراحة من تيه طالت دروبه وارتفعت تلاله وامتدت شعابه الى ما بعد بعد غزه والضفه الفلسطينيه... فلسطينكُم... والحديث عن فلسطينكم وفلسطيننا قصة ليست بقصيره لابل انه قصة القصص الطويله وسيدة القضايا الذي قضى في سبيلها وذكراها اجيال تلوى الاجيال واعمار تلوى الاعمار...هناك تحت تلك الشجرة قبر ابي.. وهناك في الحاكوره قتل الغاصبون ابي واخي... وهناك وفي ذلك المكان كانت بلدتنا ومدينتنا.. وهناك بجانب مستوطنات نتانياهو كانت اجمل القرى الفلسطينيه كما وصفها ابي .. وهناك وفي ذاك المكان كان حي المغاربه في القدس... وهناك وانذاك كان شعب كاملا يعيش ويحصد ويزرع وياكل ويشرب ويفرح ويترح وما زالت اثاره واطلاله شاهدة عيان على فلسطيننا نحن وليست فلسطينكم ,.. كان يومها يوم حار في موسم الحصاد" الحصيده" حين جاءوا وحصدوا الناس ببرِينَّات الغدر والخيانه ....كان يومها اخي يحاول العوده لاستعادة قطيعه وتحويشة العمر.. لم يعُد اخي منذ ذلك الحين!,, وبعد عقود من الزمن عثر صياد عابرعلى بوابة مغارة مغلقه بحجر كبير في مكان اختفاء اخي وعشرات الرجال والنساء في صيف عام 1948 , ويبدو ان هيكل اخي كان من بين الهياكل اللتي كانت تملآ المغاره.... وهناك في الحاكورة سقط اخي وهو يدافع عن بيتنا في حيفا ويافا والرمله... وهناك وعلى اشراف مدينة بئر السبع رايت الناس والقوافل متجهه نحو الشرق والغرب واليهود يطلقون عليهم الرصاص ليزيدوهم هلعا وسرعه....هذه غيض من فيض حكايات الفلسطينيين وهذه جزيئات مجزئه من قصة وطن كامل..وما ادراكم كم هو الفرق شاسعا بين فلسطيننا وفلسطينكم واسرائيلكم واسرائيلهُم حين جرُو اقلامهُم على خارطة اوطاننا ليمحوا مكان فلسطيننا ويثبتوا اسم اسرائيلهُم, وفلسطينكُم الممسوخة والمسلوخة من شروش قلب الوطن الفلسطيني... كيف يعيش الوطن بلا قلب ولا رئة يتنفس منها اذا اشتدت عليه حرارة الدنيا ومرارة الزمن كماهو حال غزة هاشم اليوم المحاصره من قبل اسرائيلكُم وفلسطينكم الواقعتان على ارض فلسطيننا.. فلا انتُم القابعون في رام الله ولا انتم المرابطون في غزه:: لا انتم ولا غيركم يستطيع ان يقتل كبد الحقيقه بان فلسطينكم شيئا وفلسطيننا شئ اخر ننظر اليه بقدسية مقدسه مثلما ينظر المؤمن الى ايمانه ككتله واحده وسِنة واحده, اذا كفر بجزء كفر بالكُل , والقضية ان فلسطينكم تمحو وجود فلسطيننا وكأنكم تريدون فعلا تكفيرنا معكم وتحميلنا مسؤولية مشقات ومتاعب هذا اللقيط الذي نشأ صدفة خارج رحم فلسطين وتمدد على رحاب الوطن والجسد الفلسطيني ,,, وانتُم اليوم تحاولون اعطاءه شرعية الوجود حتى يشرعن لكم ولادة فلسطينكم الممسوخه وتُجسد معالم وجهها المشوه حالنا في غزه وحالنا في الضفه وحالنا في فلسطين الذي يعترف بيهوديتها عرب الرده وعرب اوسلو من بين من خانتهم االذاكره واغرتهُم المصالح الذاتيه الى حد مشاركتهم الفعاله في محاولة قبر الحلم الفلسطيني في مهد ولادته ونشأته,, لابل مشاركتهم الفعليه في يهدنة وتهويد فلسطين بالكامل الى حد ان يُعلق فيه مصير فلسطينيي الداخل على مخالب وبين انياب الصهيونيه الاستيطانيه ومشتقاتها من صهاينة عرب وفلسطينيين يريدون فرض واقع فلسطينهم الممسوخه من خلال عصا دايتون ومطرقة الفصائل التي تركت فلسطين جانبا وصارت تطنطن منذ زمن على اوتارها الخاصه.. تارة مع فلسطينكم واخرى مع فلسطيننا .. فلسطينكم المفصله صهيونيا على مقاس عباس ودايتون وحسني مبارك الشاطر.. وفلسطيننا الام والوطن الذي لا يتجزأ كجزء لا يتجزأ من الهويه الوطنيه الفلسطينيه... اسرائيلكم وفلسطينكم الاوباميه ماهي الا كذبة تاريخيه حالها حال ما سبقها من كبرى المعاصي والكذب حين قُسمت فلسطين قهرا وقسرا عام 1947 ولم يحصل الفلسطينيون على شئ حتى يومنا هذا.... لا العنز ولا اذنُها.... لا شئ منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا سوى الاستيطان والقتل والتجزير والتدمير المبرمج لكل ماهو فلسطيني, وتدمير غزه وماجرى لها على يد الصهاينه قبل عدة اشهر ماهو الا جزء من مسلسل مستمر وسيستمر هدفه النهائي تركيع الفلسطيني وتحويره وتهجينه الى حد ينسى فيه فلسطين الام ويعتبرها صارت اسرائيل بفرض الواقع, وفي اطراف اطراف هذا الكيان تُقطع قطعة جغرافيه او قطع مقطعه يطلقون عليها اسم فلسطين او دولة فلسطين الذي يسعى لتوطيد معالمها العميله الجنرال دايتون من خلال بناء قوات امن وجيش "فلسطيني" يتعدى في خطورته وخطورة دوره دور جيش لحد سابقا في جنوب لبنان لابل ان دور ووجود جيش لحد كان محصورا في الجنوب اللبناني وليست كامل لبنان بينما جيش دايتون في الضفه الفلسطينيه يستهدف تمييع وجود كامل الوطن الفلسطيني.... واضح ان دور جيش دايتون مساند لاسرائيل ولامريكا ومعادي موضوعيا للقضيه الفلسطينيه بمقوماتها التاريخيه والوطنيه.. جيش فلسطينهُم وفلسطينكم شئ وفلسطيننا شئ اخر مختلف من حيث الشكل والجوهر والتاريخ.... هنالك من الفلسطينيون اليوم من يمتهنون مهنة تزييف التاريخ الفلسطيني ويحاولون بشتى الطرق محو فلسطيننا وتثبيت جغرافية كذب فلسطينهُم... فلسطينهُم المربوطه باوسلو وعام 1993 الهادفه لمحو تاريخ القضيه الفلسطينيه وتشويه مقوماتها الجغرافيه والديموغرافيه والتاريخيه...صارت رام الله اليوم دولة حليفه لاسرائيل موضوعيا وعمليا, وعلى الجانب الاخر صارت غزه دولة معاديه لاسرائيل ورام الله معا,, والانكى من هذا وذاك ان كثرة وتكاثر الفصائل الفلسطينيه قد شوهَّت الوجه الحقيقي للقضيه الفلسطينيه, حيث يغني كل فصيل على ليلاه::: دوله فلسطينييه في حدود ال67 ..دوله ديموقراطيه لليهود والعرب... كامل التراب الفلسطيني...دولة رام الله....دولة غزه... عودة اللاجئين او تعويضهم وتوطينهم....ابناء ال49 اسرائيليون... وهكذا دواليك وكما يقال::: الطبخه اذا كثر طبَّاخيها...بتشيط....!!
ليس هذا فحسب لابل ان القدس قد تُركت لمصيرها فريسة سهله للاستيطان الاسرائيلي بسبب التواطؤ والتقاعص الفلسطيني الرسمي والفصائلي حيث يقول حاتم عبد القادر[ مسؤول القدس في حكومة فياض] في اطار سرد اسباب استقالته من منصبه مؤخرا "أنه[حاتم عبدالقادر] لا يرى جدوى من وجود أي وزارة ما لم تكن القدس ضمن أولوياتها، وأنه لم ير أن المدينة المقدسة على أولويات الحكومة، مشيرا إلى أنه لا يستطيع أن يكون "شاهد زور على تهويد المدينة".وشدد على أن هناك "تقاعسا" في خدمة القدس و"تقصيرا إلى حد الجريمة" مضيفا أن "التقاعس عن حماية القدس هو على الصعيد الرسمي وليس الشعبي" وبالتالي وكما هو واضح لايوجد تحرك فلسطيني رسمي ولا فصائلي في اتجاه وضع القدس على اولويات سلم العمل الوطني الفلسطيني ناهيك عن انه على مايبدو ان دور قوات دايتون في الضفه هو الحيلوله دون تحرك شعبي مناصر للقدس او مندد بما هو جاري من حصار قاتل بحق الفلسطينيين في قطاع غزه....عصا دايتون لمن عصى على سلطة رام الله او عارض خطوات اسرائيل الاستيطانيه والاحلاليه سواء في القدس او في الضفه او غزه ......الحقيقه مره وهي امر من مره اذا تعلق الامر بالواقع الفلسطيني الراهن.. واقع معوق ومعطوب ولا يوجد هناك سواء صراع الفصائل والمواقف بين جمهورية رام الله دايتون و"امارة" غزه كما يزعم المتأمرون على الشعب الفلسطيني::. لاحظوا معنا :: وجود حماس في غزه يبرر حصارها وتدميرها من قبل اسرائيل والعرب وامريكا ومشتقاتها!.... ووجود سلطة اوسلو في رام الله يبرر وجود دايتون وبناءه لقوه شرطيه وامنيه فلسطينيه تقمع الشعب الفلسطيني وتطارد وتعتقل الحمامسه!!.. لاحظوا معنا ايضا :: الصراع الفصائلي الدائر بين حماس وفتح يبرر ذبح القضيه الفلسطينيه من الوريدالى الوريد من جهه ويبرر التغاظي عن الاستيطان الاسرائيلي في الضفه وتهويد القدس من جهه ثانيه وبالتالي وفي المحصله النهائيه نرى ان الصراع الفصائلي الفلسطيني يصب في صالح اسرائيل ويضر ضررا كبيرا بالقضيه الفلسطينيه والسؤال المطروح:: هل يوجد اليوم قياده فلسطينيه على مستوى التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني؟؟.. الجواب قطعا لا ولا يوجد حتى مفهوم قياده ايجابيه!!.. الموجود : فراغ قيادي وفصائل متناحره بمفهوم "الصومله" السياسيه والى حد ما العسكريه!!. لابل ان ماهو جاري في الضفه الفلسطينيه هو انشاء جمهورية كيث دايتون الضابط الامريكي الذي عُين عام 2005 من قبل امريكا كمنسق امني بين السلطه الفلسطينيه واسرائيل واصبح الان عام 2009 يقول ويطول في منطقة الضفه ويملك قوات شرطه وامن " فلسطينية" الاسم بفحوى امريكيه واسرائيليه قام بتدريبها دايتون لضمان امن اسرائيل والسيطره على مناطق الضفه الفلسطينيه, واذاكانت امريكا قد عينت بريمر حاكما مدنيا للعراق بعد احتلاله, فهي قد نجحت في تمرير دايتون بعد عدة اعةام ليصبح الحاكم الفعلي والقائد العام لقوات الشرطه والامن في الضفه الفلسطينيه::. الحاكم العسكري الاسرائيلي في الضفه خرج شكليا بعد عام 1993 من الباب والحاكم الامريكي العسكري عاد عام 2005 من باب حجة التنسيق ليحكم اليوم مناطق الضفه الفلسطينيه لابل ان دايتون يشغل عمليا وموضوعيا منصب المنسق العام بين جميع اجهزة المخابرات العربيه واسرائيل والهدف هو تدمير مقومات المقاومه الفلسطينيه بكل اشكالها...تجفيف المنابع السياسيه والماليه وتدمير ركائز الدعم الاقليميه ... نجح دايتون في قلب المفاهيم داخل الشرطه الفلسطينيه التي صنعتها امريكا, حيث نجح باعتبار المقاومه الفلسطينيه شكل من اشكال الارهاب ومهمة الشرطه الفلسطينيه الدايتونيه ليست حفظ الامن فقط لابل محاربة "الارهاب" ايضا.. محاربة المقاومه الفلسطينيه.. وهنالك ماهو اخطر وهو : ان دايتون جعل من قضيه التعامل مع اسرائيل والعمل لحسابها ليست خيانه وطنيه لابل خدمة للمصالح الوطنيه الفلسطينيه العليا على حد قول دايتون ومشتقاته من فلسطينيين !!.. الاخطر من هذا كله ان دايتون واسرائيل يؤججا عنوه الصراع الفصائلي بين فتح وحماس سواء من خلال ملاحقة عناصر حماس في مناطق الضفه او من خلال دعم عملية الانشقاق بين الضفه وقطاع غزه... دايتون واسرائيل يحاولان بكل ما اوتيا من قوه العمل على تعميق الانشقاق والتحريض ضد وجود حماس في قطاع غزه الى حد تبرير همجية العدوان الاسرائيلي على غزه وتحميل حماس مسؤولية هذا العدوان وتدمير غزه من جهه والتقليل منة شأن المقاومه وصموده في غزه::::هنالك تيار فلسطيني اوسلوي دايتوني لايتوقف عن تحميل حماس مسؤولية ما جرى في غزه....تبرير العدوان الاسرائيلي وما ارتكبه الصهاينه من جرائم حرب متعمده ودمار متعمد وقتل الفلسطينيين المدنيين كما ورد مؤخرا في تقرير منظمة العفو الدوليه....!!
كل مافي الامر ان ما تبقى لكم من فلسطينكُم[ فلسطين اوسلو دايتون] وهم وسراب لم يتبقى منه اليوم على المستوى السياسي سوى قوات شرطة دايتون المسماه شرطه فلسطينيه , واما على المستوى الجغرافي والديموغرافي فحدث بلا حرج: المستوطنات والمستوطنين الصهاينه يبتلعون الضفه والقدس قطعه قطعه وشقفه شقفه في الوقت الذي تلتهي فيه الفصائل الفلسطينيه في صراع داخلي وخارجي فيما بينها...عصا دايتون ومطرقة الفصائل.. ولا ننسى ان عملية تشريع يهودية اسرائيل تعني القضاء النهائي على فلسطيننا التاريخيه وفلسطين دايتون واوسلو معا... واخيرا وليس اخرا:: اذا تعلق الامر بفلسطيننا فهي باقيه لطالما بقي الفلسطيني صامد وثابت على حقه التاريخي, ما ضاع حق ووراءه مطالب,,,, واذا تعلق الامر بفلسطينكُم فلم يتبقى لكم سوى دايتون واسرائيل يعترفون بوجود فلسطينكم الورقيه والوهميه.... الدايتونيون مصيرهم في النهايه مصير جيش لحد وروابط القرى ومصير العملاء عبر تاريخ الاستكبار والاستعمار... الاوطان دوما باقيه وفلسطين هذا وهذه رقم صعب وباقي ولنا في التاريخ مدرسه كيف تُعامل اسرائيل اليوم عملاءها اللبنانيون الذين هربوا مع الجيش الاسرائيلي الى الداخل ويعيشون اليوم هناك كالكلاب السائبه,, .. فلسطيننا وفلسطينكُم والزمن بيننا مهما طال او قصر.....تحيه لفلسطيننا وشعبها والخزي والعار لفلسطينكُم وجيش دايتون!!

*كاتب فلسطيني , باحث علم اجتماع, ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونية