بقلم : ريم عبيدات ... 17.04.2009
من سوسةالجوهرة التونسية العريقة التي تحمل سحرها معها تأتي هذه الكلمات، حيث يلتئم ملتقى المبدعات العربيات بسوسة عن موضوع ينحت في أوصال فكرة جريئة ومستقبلية حول “حوار الحضارات وأثره في إبداعات المرأة العربية”، ليجانب مهرجانات وحيوية المدينة ذات النشاط الثقافي اللافت، فلا يبدو غريباً أن تشتهر بمهرجانها “أوسو” الذي يقام حسب الدراسات التاريخية منذ ما لا يقل عن 2000 عام.
وجهة الملتقى كما والمداخلات وأوراق العمل، في الاشتغال في عمق فكرة الحوار، وموقعنا كثقافة ومنطقة، لينأى بمتداخليه ومناقشاته كثيرا عن السطحي والعابر في التعامل مع فكرة “حوار الحضارات” وما يجتازه العالم من تحول جدي في قادم أيام إنسانه، والمعتمدة على شكل وهيئة ومنسوب العلاقات بين أفراد كوكب مصطرع، تارة بسبب أزماته وتارات أخرى بسبب استبداد أقويائه. ليخرجوا بعد معاركهم الطاحنة على كافة مكنونات حضارة الانسان، بأجندة معلنة لترتيبات الخرائط، وفقا لاستحقاقات الحروب، وتنفيذاً للإستراتيجيات السياسية التي تتمخض عن المعارك، لتولد في أتون ذلك ما يعانيه العالم من أزمات منهجية وبنيوية متباينة تتعلق “بالمعنى والهوية”، ولتنزلق معظم الأدبيات وبالذات المنتجة في منطقتنا الى زاويتين متقابلتين غير متساويتين، حول “النحن” و”الآخر”، لتقدم رؤية مستلبة بهذا الآخر المستهدف بأخطاره هذه “الأنا” حيث الطرح دائما يركز على زاوية جغرافية وثقافية واحدة لهذه الفكرة، مختزلا العالم بأسره في الغرب وأفكاره ومشروعاته الحوارية.
الورقة المنهجية للملتقى تصدت لكثير من الاسئلة الإشكالية غير البريئة، كالتساؤل المشروع حول ما إذا كان حوار الحضارات يتم عن وعي يهدف إلى تحقيق التفاهم أم حركة تحتمها العولمة، وبالذات في علاقتي المهيمن والمستضعف. كما وتساؤلات عميقة حول مساهمة المرأة العربية في تحقيق هذا الحوار بين الحضارات وتأثيره في إبداعاتها. وما إذا كانت لدى المبدعة العربية قناعة بتكافؤ الحضارات المتحاورة أم تعتبره موقفاً دفاعياً من حضارة مستضعفة احتماء من هيمنة الحضارات الغازية.
سؤال ذكي آخر بثته الورقة بقوة وجدية محرضة لأذهاننا، يتعلق بإمكانية التفاؤل بالتفاهم على الحوار بين الحضارات، وتقييم أثر هذا الإبداع النسائي في التقريب بين الشعوب.
وتظل كافة الاسئلة الإنسانية مشرعة، فيما يعاني العالم، والعربي بصورة خاصة، أصعب أنواع الأزمات في ثالوثها الأخطر مصائب الحرية، وكوارث المعرفة، ومخاطر أوضاع النساء التي تهدد كافة مفاصل الإنسانية كما الحضارة.
في ضوء كل ذلك، من أين ننطلق بحوارنا الحضاري بمستوياته ودرجاته المختلفة؟