بقلم : ريم عبيدات ... 29.06.2009
مسكين الشباب العربي، إذ يعيش حياته كممثل السيرك، يرسم بسماتنا بجسده المتعب وروحه الممزقة.
فالسياسيون، يتعاملون معهم ومع قضاياهم، كورقة تفاوض وترويج رابحة، فيحصدون على ظهورهم المحنية لا من العمر بل من شيخوخة القلوب التي أعيتها الهموم وصعوبة الحال، ما لا يجنيه سحرة تحويل القش إلى ذهب.. فهم ثلث سكان الوطن العربي، الذين يتاجرون به وبشؤونه ويشكلون مضامين الخطابات والكلمات وأدوات مناكفة الحكومات.
والإعلاميون يتعاملون معهم بصفتهم رأس المال الذي يصنع شهرتهم فيستخدمونهم كأعواد الكبريت التي يحرقونها واحداً تلو الآخر لتوسيع نطاق شهرتهم.
وهم التربة الأخصب للاجتماعيين، فهم الدجاجة التي تبيض ذهباً، في تميزهم النظري، ومعرفتهم بشؤون المجتمع وشجونه، وتحولهم إلى قادة للفكر والرأي حيثما حلّوا. كما وأدوات استثمار وتفاوض مع المنظمات الدولية.
التربويون يعاملونهم كمصائب حذفها الزمن بوجه حياتهم، وجعل لها طعم الأسى، وأن لا أمل فيهم ولا في الأمة التي أنجبتهم.
رجال الأمن يعتبرونهم أداتهم للبقاء على سدة الموقف، فهم مشكلة المشاكل، ووسيلتهم الدائمة لإثبات حالة استخطار المجتمع المتنامية وحيوية المجتمع الشديدة في مشكلاته وجناياته وجرائمه.. لكن بصورة سالبة غير بناءة.
مديرو الدوائر، يعتبرونهم الصداع الدائم، فهم طوابير المنتظرين من أجل التعيين، وهم أصحاب الآراء المختلفة داخل المؤسسات الداجنة، وهم المزعجون دوماً والذين لا يعجبهم العجب، وصعاب الإدارة والمطالبون الدائمون بالتغيير، فبالتالي هم الخطر الدائم.
إلى كل هؤلاء وغيرهم ممن لا يمكن ذكرهم، متى سنباشر فعل المسؤولية إزاء شبابنا الذين تصاعدت بطالتهم غير مسبوقة عالمياً، بنسبة 30% خلال الثماني سنوات المقبلة.وكيف بالله عليكم بهذه الروحية المطاطة في ضميرنا سندخل أندية المستقبل ونحن بحاجة إلى 6 ملايين فرصة عمل سنويا حتى عام 2020.
وأي مستقبل مرعب هذا الذي ينتظر أمة مصابة بكافة أمراض القلب، من التعفن الشديد بسبب تداعيات ومخاطر البطالة في فئة صارت بؤر الخطر. فهم غالبية المصابين بالإحباط والاكتئاب، وغالبية المدمنين على كافة أنواع السموم، وهم سكان أحزمة الفقر والعشوائيات، وهم المضطهدون في المؤسسات، وهم المغيبون من صناعة مشهد القرار العربي، وهم وقود المحرقة التي ستحرق أيامنا برمتها.
مبدعون نحن في تحويل كل النعم إلى نقم، فبدلاً من أن يكون شبابنا شمس الحياة ومصابيح آمال كهوفنا المظلمة، حولناهم بسوء التصرف والدارة والتخطيط إلى ظلام أيامنا المقبلة.