أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
لعبة إعلامية خطرة !!

بقلم : ريم عبيدات ... 08.05.2009

لسنوات ونحن الإعلاميين نطالب بإنشاء مشروع رصد صورة المرأة في الإعلام العربي، بهدف تشجيع رصد النوع الاجتماعي فى الإعلام على المستويين الوطني والإقليمي، وتكوين شبكة من المنظمات العربية تعمل على هذة القضية وتتولى التصدي لها.
وفيما نقرأ ونتابع أكثر الأبحاث والدراسات والتجارب الاعلامية العربية المختلفة في كيفية تعاطي الاعلام العربي مع قضايا المرأة.. ينكأ جرحاً عميقاً في ذات كل واحد منا حول ما يكتنف بنية مجتمعاتنا، وبالتالي طبيعة تعاطي وسائلنا الاعلامية في قضية حساسة وإستراتيجية كهذه.
المشكلة أن لا وسيلة اعلامية أو أداة تخرج عن هذا النسيج المشوه، حيث تتحفنا الدراما بجرعة طويلة من تصوير للمرأة الجاهلة والثرثارة، وغير الجادة، والتي لديها أرصدة بلا حدود من الوقت، أو تطرح لنا زوجة خانعة وليس لديها قضية في الحياة سوى تدبير المكائد والنم على الجيران، وبقية أفراد العائلة.. الخ من صور وتشبيهات ما أنزل الله بها من سلطان، وبعد ذلك يستلمنا الإعلان التجاري ليصفعنا على وجوهنا سواء داخل المسلسل أو بعده، بجرعة مكثفة من وصفاته السحرية للمرأة المثالية، التي تستخدم مسحوقا خاصا لتكون الأجمل والأروع والأكثر أنوثة وجاذبية، الى وصفات الزوجة الفهلوية التي تسلب قلب زوجها بطبخها بالسمنة الفلانية، أو الزيت العلاني، الى آخر عائلة الصور البائسة والمشوشة، التي أوصدت أذهان مجتمعاتنا وأجيالنا عبر بوابات محكمة من ممارسة الجهل والتجهيل القصدي.
الغريب أن وسائلنا الإعلامية المتفاوتة في كل شيء، لا تتفق على شيء في التاريخ ولا في الجغرافيا إلا في موقفها المشوش من المرأة، وكأن تواطؤاً سرياً وعلنياً عقدته في ما بينها على الاشتغال على هذه القضية وفق “أجندة” تراجع المجتمعات العربية لا تنميتها، إضافة لحلفها التاريخي الذي عقدته مع كافة أشكال القوى، لتصوير قضايا المرأة الحقيقية بوصفها قضايا مملة وتجلب الكآبة والتوتر والملل. وبالتالي بات الهجوم الدائم على أصحاب هذه القضايا والمنحازين لها سلوكاً وتقليداً عادياً.
ومع تنامي الدور التجاري لمؤسسات الإعلام في عصر اقتصاد السوق فإن الاعلام يسجل أسوأ تعاط ممكن مع قضايا النساء اللواتي حولهن الى جوارٍ وأدوات للمتعة وماكينات ويافطات إعلانية وأدوات التسويق، أو رموز للسخرية وإطلاق الضحكات والنكات عبر جهلهن بأبسط قضايا الحياة.
أية عدالة تلك التي تقذف بأية قاطرة تشدنا الى الأمام بقنابل تدمرها في أرضها، وتدمر حتى محيطها، لا بل وسماءها وهواءها الاجتماعي، في لعبة خطرة ستحرق المجتمع برمته وعلى رأسها أصابع لاعبيها.