أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
رِحى الظلم والجعجعَّه : جاوز الظالمون المدى وتجاوز العرب كل حدود الرَّدى!!

بقلم : د.شكري الهزَّيل  ... 25.07.2009

ان كُنت ستسال عن احوال فلسطين فهي كما هي منذ عقود مضت وازدادت سوءا ولا جديد تحت الشمس, وان كُنت ستسأل عن احوال الوطن العربي فهي احوال اسوأ من سيئه, وان كنت ستسأل عن متى سنُحرر فلسطين, فسنقول للاسف ان فلسطين ليست وحدها مُحتله لابل ان العراق ايضا محتل وكارثه الكوارث ان كامل الوطن العربي اصبح مُحتَّل, وان كُنت ستسأل عن جعجعة العرب فهي حاضره وجاهزه منذ عقود طويله ولربما قرون مضت.. نحن سنفعل...نحن ندين.. العدو.. الامبرياليه.. الصهيونيه... اسرائيل .. امريكا... الرجعيه.. الخيانه... المقاومه ... الفتاوي ... التصريحات... التنظير .. التهريج.. الخ,. ..فلا انت ولا انتي ولا انتم مطالبا او مطالبين بالسمع والاستماع الى الجعجعه العربيه, فهي مفروضه علينا من المهد الى اللحد ومن المؤكد ان صدى سمفونيات جعجعة العرب يُسمَّع صداها في الهند والسند والصين واخر الدنيا ولا يُلمس لها اثر في وطن الكلام والاوهام... طخ كلام..., وهناك وهنا على ارض الواقع المر يموت اطفال غزه جوعا على ابواب الوطن العربي ويموت الفلسطينيون قهرا وهُم في وسط وطنهم اللتي تسحبه الصهيونيه قسرا وقهرا شبرا شبرا من تحت اقدامهُم الى ان وصل المُوس الى ذقن الفلسطيني في عقر بيته وقريته ومدينته, فبعد ان دُمرت يافا وحيفا وعكا منذ عام 1948 في خضم الاحتلال الصهيوني والاهمال والخنوع العربي جاء الدور على محو اسمها وصهينته, فبعد حين ومنذ زمن ايضا ترى وسترى على اشارات المرور و لافتات التعريف بالمدن الفلسطينيه اسماء صهيونيه ويهوديه, عكا صارت عكو, ويافا صارت يافو,, والناصره صار ت نتسيرت, وبئر السبع صارت بير شيبع,,, وماهو لافت للنظر ان الاسماء الصهيونيه تُكتب حرفيا ايضا بالاحرف العربيه وليست العبريه فقط,, وبعد حين وكما صارت فلسطين اسرائيل في الاعلام العربي سنستمع من منابر نفس هذا الاعلام الى عرب الرده وهم يرددون ويلوكون ما صنعته اسرائيل,,,,,, ومعنا من مدينة "نتسيرت" الاسرائيليه مراسلنا جهيلان, وسنستمع الى من يردد انه جرى هذا الحدث او ذاك في مدينة "يافو" الاسرائيليه,,, وفي مدينة " عكو" جرى هذا او ذاك,, ومعنا مراسلنا من مدينة "بير شيبع" في جنوب اسرائيل وهكذا دواليك...اسرائيل تصنع واقع قسري والعرب يستهلكون ما تصدر لهم اسرائيل من مصانع ومخابر التهويد والاحلال والظلم الجاريه في فلسطين منذ قرن من الزمان.... القدس زهرة المدائن تتعرض الى تهويد وتدمير لمعالمها العربيه والاسلاميه والعرب يتفرجون ويصرحون ويجعجعون ببعض الكلمات الفارغه بلا معنى ولا اثر... جعجعه بلا طحين .... رحى الظلم والجعجعه يتفقان و يلتقيان في النهايه على هدف واحد هو تكريس الظلم والاحتلال في العالم العربي!!
لا شئ جديد في جعبة العالم العربي سوى رحى الجعجعه لابل ان الردى يزداد ردى ومهانه عندما ترى حسني مبارك يعانق شيمعون بيريس وياهود باراك قبل ان يجف دم اطفال غزه من على ايادي هؤلاء المجرمين,,,, حسني يلتقي ذبَّاحي اطفال غزه وقانا وكأن شئ لم يحدث!...رموز الردى....حسني مبارك يحاصر غزه ويتباهى بانجازاته التي ادت الى زيادة معاناة الاف الاطفال الفلسطينيين في قطاع غزه من الفقر وفقر الدم حيث تشير الاحصائيات الصحيه والطبيه الى"أن معدلات فقر الدم تجاوزت60% و11 % من أطفال غزة دون سن الخامسة مصابون بمرض التقزم الغذائي و4.1% مصابون بلين العظام". ويشار في هذا الصدد الى تقديرات منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة لشهر أبريل/نيسان من العام الماضي 2008 [ ناهيك عن معطيات هذا العام] أشارت إلى أن قطاع غزة يضم حوالي 255 ألف طفل تقل أعمارهم عن خمس سنوات، منهم حوالي 26 ألف طفل معرضون لخطر سوء التغذية و657 طفلا مهددون باحتمال التقزم فيما ذكرت منظمة الأغذية والزراعة أن حوالي ثلثي السكان، 50 بالمائة منهم دون سن 18 عاما، يعانون من انعدام الأمن الغذائي, ويشار في هذا الصدد وفي زمن الردى العربي الى تقرير حديث نشرته جمعية "الإغاثة الطبية" اللتي أجرت دراسة طبية حول انتشار مرض فقر الدم لدى أطفال منطقتي خان يونس ورفح (جنوبي قطاع غزة) تحت سن خمس سنوات، وأظهرت" أن حوالي 51 في المئة من الأطفال الذين شملتهم الدراسة يعانون من فقر الدم.وذكرت الجمعية أن الدراسة أجريت في الفترة بين 23 و29 يونيو/ حزيران الماضي في خمسة مواقع سكانية من خان يونس ورفح، مشيرة إلى أن عينة الدراسة شملت 325 طفلا تحت سن خمس سنوات، بينهم 160 ذكرا (49 في المئة) و163 أنثى (51 في المئة).".... في ظل هذه المعطيات الذي يُذبح فيها اطفال غزه ببطؤ لانسمع من وفي العالم العربي سوى التصريحات والنواح والجعجعه,,, ولا نرى سوى تكرار وكرشرم الشيخ دعوته ومعانقته لجلادي وذبَّاحي الشعب الفلسطيني والعربي ككل .. يا للعار والاستهتار بالذات العربيه :: قافلات الاغاثه تنطلق من اوروبا ولندن نحو غزه بينما العالم العربي يقفل ابواب غزه ويوصد ابواب المعابر ويشدد الحصار على غزه,,,, ولا نسمع في العالم العربي سوى الجعجعه والصوت العالي الصادرعن ما يسمى بالمعارضات العربيه وهي اقل ما يقال فيها انها ساقطه سياسيا ووطنيا شأنها شأن الانظمه العربيه التابعه لامريكا.... اصوات عاليه وهامات هابطه....... ليس هذا فقط لابل ان ماجرى ويجري في العراق ان دل على شئ فهو يدل على ان الظالمون نعم تجاوزوا المدى, ولكن العرب العاربه تجاوزوا كل حدود الصمت والخذلان والردى حين يشير تقرير حديث صادر عن مركز الصقر العراقي الى ان"الاحتلال الامريكي [ منذ عام 2003] خلف أكثر من مليوني قتيل واكثر من مليون ارمله وأربعة ملايين يتيم،و800ألف مفقود في العراق,وفي الجانب المعيشي والحياتي، يعيش أكثر من 40% من العراقيين تحت خط الفقر، وحصل تدمير شامل للبنى التحتية في الدولة العراقية حيث توقفت المعامل الكبيرة والمصانع بنسبة تتجاوز 90%",,... والذي يطلع على هذا التقرير يُصاب بالصدمه من حجم القتل والدمار الهائل والمرعب الذي لحق بالعراق جراء الجرائم الامريكيه والتواطؤ العربي في هذا المجال والصمت الشعبي العربي الذي طال حتى بلغ مرحلة مابعد بعد الردى.... رحى الظالمون والمحتلون مستمر في طحن عظام العرب ورحى الجعجعه العربيه مستمرفي طحن الردى تلوى الردى ولوك الهزيمه تلوى الهزيمه.... ما ابشع بشاعة واقع ان تنظر في مِرأة الاحداث اللتي عصفت بالعالم العربي وعكست واقع عربي مشين ما زال مستمر منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا ويتعدى في معناه وفحواه مقولة " ما اشبه اليوم بالبارحه" التي صارت ما شبه اليوم باليوم وما شبه القرن بالقرن والعقد بالعقد الذي استمرت وما زالت مستمرة فيه طاحونه الردى العربيه بطحن المزيد من الردى الى يصبح الوطن وطن شعوب الردى اللتي لا تهش ولا تهب الا نادرا ثم تطفأ النار وتٌخمد الاصوات ,وتستمر طاحونة الظلم والقهر الامبريالي والصهيوني بطحن وذبح الشعوب العربيه والوطن العربي... فقط في هذا القرن الجديد الذي عمره اقل من تسع سنوات حدثت احداث مزلزله في العالم العربي::العدوان الاسرائيلي على مناطق الضفه الفلسطينيه عام 2002 وتدمير مدن وقرى الضفه وارتكاب اسرائيل مجازر جنين ونابلس الخ وتقتيل ابناء الشعب الفلسطيني .... احتلال العراق وتدميره عام 2003 ...قتل اكثرية القيادات الفلسطينيه التاريخيه وعلى راسها ياسر عرفات الذي عادت عملية اغتياله في الوقت الراهن الى الاضواء من خلال اتهام فاروق القدومي ل محمد دحلان ومحمود عباس بالتورط في عملية اغتيال عرفات جنبا الى جنب مع اسرائيل وامريكا....حرب الجثث الطائفيه المجهوله في العراق والذي راح ضحيتها عشرات الالاف من العراقيين, ومن ثم اعدام جميع قيادات العراق وعلى راسهم صدام حسين الذي اعدم عنوه في صباح يوم عيد الاضحي..... حرب تموز2006 والعدوان الاسرائيلي على لبنان.. ومن ثم جاء العدوان الاجرامي على غزه عام 2008|2009 ليحرق الاخضر واليابس ويقتل الصغار والكبار في غزه.. وبدلا ان يُفك اسر غزه بعد العدوان الاسرائيلي زاد الظالمون والصامتون من شد قيدُها ولم يكسر الحصار الا قلة من العرب والاجانب لابل ان مجرمي الحرب الاسرائيليين يعتبرون اليوم بمثابة ضيوف اعزاء في مضافة وكر شرم الشيخ اللذي صار منذ امد مركز الفتاوي المتخصص بتمرير وتبرير كل اشكال الظلم والقتل والاحتلال والدمار الذي تعرض ويتعرض لها العام العربي...في زمن ابوالغيط ومبارك صارت الغواصات الحربيه الاسرائيليه صاحبة حق بالمرور من قناة السويس متى شاءت...في زمن عباس صارت ملاحقة المقاومه الفلسطينيه من " المصالح القوميه والوطنيه العليا", وصارت الجرافات الاسرائيليه التي تدمر عروبة القدس مجرد خبر عابر في وسائل الاعلام العربيه والفلسطينيه!.. وفي زمن السقوط العربي المدوي صار حصار غزه وتجويع اطفالها مجرد روتين يتفرج عليه العرب في محطات الاخبار... ممثله او مغنيه هابطه[ مع احترامنا الكبير للتمثيل والغناء الملتزم كحضاره وتراث] تحظى باهتمام عربان الردى اكثر من الاحتلال الداخلي والخارجي الذي يربض على صدر الوطن العربي..يا للهول يتفاتون ويتحاورون حول اتفه وابسط الامور من جواز قيادة المرأه للسياره [ حق المراه كانسان في قيادة السياره والحريه الملتزمه لا يحتاج الى تفسيرات وتبريرات] الى برامج التفاهه و جواز او عدم جواز هذا الامر او ذاك, ويتناسون رحى الظلم الهائل اللاحق بفلسطين والعراق وكامل الوطن العربي ... نعم....لقد تجاوز الظالمون والمحتلون المدى وعاثوا خرابا ودمارا في فلسطين والعراق والعالم العربي,, الا ان العرب في صمتهم وخنوعهم قد تجاوزو كل حدود الردَى....اما ان الاوان ان نقول : كفى.. كفى للردى... التحالف بين رحى الظلم والجعجعه.....كفى ردى ياعرب.....تحيات وطن وديار أدارّ اهله ظهرهُم لهَ ...الله الله يا وطن كم انت مظلوم من رحى الظلم الصهيوني والامريكي ورحى الجعجعه و الهزيمه الانسانيه والوطنيه العربيه!!!!

*كاتب فلسطيني , باحث علم اجتماع, ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونية