بقلم : علي الكاش ... 04.08.2009
قبل ألف وأربعمائة عام وضع الإمام علي(رض) قاعدة أساسية في العمل السياسي وتسيير دفة الحكم وتتضمن سلوك الراعي تجاه رعيته، بقوله " دولة الباطل ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة" وهي قاعدة مبدئية عامة تصلح في كل الظروف الزمانية والمكانية, ويمكن أن نقيس على ضوئها الوضع الحالي في العراق منذ الغزو الأمريكي الغاشم. فالباطل الى زوال مهما طال أمده والحق الى الأبدية وإن طال إنتظاره, وكل ما يقوم على الباطل آيل للسقوط والإنهيار, وكل ما يقام على الحق صامد أمد الدهور، ومن هذا المنظور فأن الإحتلال باطل والحكومات التي نصبها كمقصلة على رقاب العراقيين هي باطل مهما حصدت! وضحاياها شهداء رغم أنف الحكومة واصحاب العمائم خضراء كانت أو سوداء أو بيضاء, وكل الدعايات التي نشرها العملاء وكل الفتاوي التي أطلقها رجال الدين بكل الأديان والمذاهب التي تهادن المحتل وتلمع صورته او تخرس عن فضائحه وإنتهاكاته هي باطل في باطل.
عندما تحترم الحكومة شعبها وتطلعه على ما يجري في أروقتها من محاسن ومساويء تكون الحكومة موقع إحترام للشعب, وعندما تكاشفه بالعناصر المسيئة المسئولة عن الفساد المالي والإداري فإن هذا دليل مادي قوي على نقاوة صفحتها وجديتها في التعامل مع تلك الظواهر الشاذة والرغبة في تشذيبها. عندما ترسم الحكومة خططها لتطوير البلد وتحرك عجلة التنمية إلى الأمام فأنها جديرة بثقة الشعب, لكن عندما تتحايل على شعبها بوضع عصا في إطار تلك العجلة، فإنها جديرة بنقمتة. عندما تصدق الدولة مع شعبها وتعمل بجد وغيرة لرفاهيته وإسعاده فأنها تعبر عن تطلعات شعبها وآماله العريضة، لكن عندما تكون تلك المشاريع حبرعلى الورق، تتبخر على أرض الواقع فإن الحكومة جديرة بأن تتحول إلى مداس يحتذى من قبل الشعب.
قبل أيام جرت في العراق سرقة في منطقة الكرادة ورغم ان البعض أعتبرها من أكبر السرقات التي حصلت في تأريخ العراق الإحتلالي! لكنها في الواقع لا تشكل إلا جزءا هينا من سرقة مئات المليارات من قبل قوات الإحتلال وحكومة العملاء والتي تقدر بحوالي(250) مليار دولار منذ الغزو. ولكن يمكن تصنيفها بطريق أكثر عقلانية بأنها من أبشع جرائم السطو المسلح على بنك حكومي تقوم به قوات حكومية مكلفة بحماية المنطقة التي سرق فيها (بنك الزوية) سيما ان العملية رافقها قتل مريع لعدد من حراس المصرف(8) شهداء، وسرقة حوالي(6-7) مليون دولار وهي بالمناسبة رواتب مخصصة لقوات الشرطة في تلك المنطقة.
منطقة الكرادة مسرح الجريمة كما هو معروف هي معقل المجلس الاعلى للثورة الإسلامية وذراعها العسكري قوات (بدر) لا يمكن أن تمر ذبابة في المنطقة دون ان تصطادها مضربة المجلس. لذلك فأن العملية لا تحتاج الى شرلوك هولمز أو نظريات تحقيقية لمعرفة وجود تواطؤ بين حراس المنطقة والمجرمين؟ كما ان سلامة نية حراس المصرف- رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته- بفتح الابواب بهدوء للمجرمين تعني معرفتهم بهم أو على الأقل التعرف عليهم والإطمئنان لهم، فسمحوا لهم بالدخول ليجري ما جرى. كما إن المنطقة بسبب الإجراءات الأمنية المكثفة لا يمكن أن تجري بها هذه السرقة المريعة التي أستخدم لفتح الخزانة الحديدية (إصبع ديناميت) أو اكثر، كما أشارت الأخبار دون أن يلفت إنتباه سكان المنطقة! علما ان المصرف يجاور عدد من البيوت. علاوة على أنه لا يمكن أن تكون رحلة المجرمين طويلة في المنطقة كي لا ثير الإنتباه وتنكشف الأصابع التي تقف وراء الجريمة, بمعنى أن القتلة والأموال المسروقة ستكون قريبة من موقع الجريمة, لذا قيل ان القاتل والسارق يشعر بعد إرتكاب جريمته كأنه في قفص زجاجي والناس تتفرج عليه. ما أشرنا إليه ليست إلا بديهيات بسيطة يمكن أن يدركها أي إنسان دون الحاجة الى ذكاء بارع أو عبقريات أو معرفة نبوغ في علم الجنائيات ومع هذا نعترف بأن بعض الشك أثم والمتهم بريء حتى تثبت إدانته.
تمكنت قوات الداخلية خلال(48) ساعة من كشف الجريمة والقبض على عدد من الضالعين فيها وهو أمر طيب يستحق الإشادة والتقدير, سيما إن الأخبار أشارت بأن وزير الداخلية أشرف بنفسه على إعتقال المجرمين مع قائد عمليات بغداد اللواء عبد الكريم خلف، وانهم يتعقبون الهاربين منهم. إستبشرنا خيرا، سيما ان الوزير نفسه سبق أن أعلن هو وغيره من مسئولي الداخلية والجيش والأمن بأن خروج قوات الأحتلال من المدن لا يقلل من فعالية الشرطة في بسط الأمن والأستقرار, ورغم عدم قناعتنا بتلك الطروحات لأننا أعرف من غيرنا بعلتنا ومن أين تأتينا الحمى ومن ورائها! لكننا تريثنا حتى تنجلى الغيوم وتصدق الرؤية. ولكن بعض الأقلام المأجورة النائمة في أحضان الحكومة والقابضة بالدولار نصبوا من الوزير جواد البولاني بطلا وطنيا وقوميا ودوليا بعد هذه المأساة التي لم تنته ولم تكشف خيوطها كاملة بعد, وأنساقت بعض المواقع والكتاب بالتسرع في أحكامهم بحسن نية وقصد على رسم آيات التبجيل والشكر دون أن يمنحوا لأنفسهم الفرصة الكافية من الإنتظار للكشف عن العديد من الألغاز التي تحوم حول الجريمة ولا سيما الجهة التي تقف ورائها؟ فعلى سبيل المثال علق أحد المواقع " مرة اخرى تشكر وتحيي كتابات رجال الداخلية الشجعان وعلى رأسهم البطل الشجاع وزير الداخلية جواد البولاني والبطل الشجاع عبد الكريم خلف، فهما وكل اركان وزارتهم الشجعان العين الساهرة على أمن العراق وأمن شعبه. لن ينسى التاريخ .. ولن ينسى شعب العراق الوقفة البطولية الشجاعة لوزير الداخلية ولرفيق دربه وساعده الأيمن اللواء عبد الكريم خلف"؟
لا نعرف ما المقصود بالعين الساهرة؟ فبعد يومين من جريمة المصرف سقط (160)شهيد وجريح في تفجير خمسة مساجد وحسينيات؟ وهو توقيت غريب يثير الحيرة، يبدو قد خطط له للتغطية على جريمة المصرف وصرف الأنظار عنها، وربما لنفخ جمرة الفتنة الطائفية من جديد. وقبلها بأيام حدث سطو مسلح وسط النهار على شركة صيرفة فسرقت الملايين وقتل ثلاثة من موظفيها؟ ولا نعرف أيضا مالمقصود بالمواقف البطولية الشجاعة سيما ان الوزير ورفيق دربه تنصلا من ذكر الجهة التي تقف وراء الجريمة كما سنشير لاحقا وغيرا تصريحاتهما السابقة؟ ولماذا يستذكر التأريخ هذه الصفحة المشوهة ويتجاوز الصفحات السوداء في تأريخ وزارة الداخلية؟ ولماذا لا ينسى الشعب العراقي هذه المأثرة وينسى أكثر من مليون شهيد قتل منذ الغزو لم تتمكن وزارة الداخلية من حل جفرة الجرائم؟ أليس من المثير أيضا ان هذه المواقع والكتاب تناسوا عشرات الآلاف من العمليات الإرهابية التي أرتكبت دون أن تتمكن الوزارة من كشفها أمام الرأي العام العراقي؟ أو كشفتها ولاذت بالصمت مستخفة بمشاعر العراقيين لغاية في قلب البولاني وسلفه الصولاغي.
يبدو أن تلك المواقع والأقلام تناست بأن المجرمين هم من العناصر الأمنية التي تعود لوزارة البولاني نفسه! فالقاتل والمقتول من نفس الوزارة! فان كان قد قبض على بعض منهم وهذا أمر يستحق الفخر، لكن هذا لا يلغي حقيقة كونهم من العيون الساهرة على أمن العراق وشعبه! مما يكشف عن سوء أختيار تلك العناصر سيما أن معظمهم من أصحاب السوابق وعناصر الميليشيات المتطرفة. ومن الطريف أن المجرم الرئيسي وهو "من سادة آل البيت" زكته الوزارة حتى بعد إرتكابه الجريمة وأستغربت من تحول سلوكه المفاجيء؟
من حقنا أن نتساءل جميعا أين إجراءات وزارة الداخلية من جريمة تدمير العتبات المقدسة في سامراء؟ وإختطاف أعضاء اللجنة الأولمبية المختفين منذ سنوات ومصيرهم مجهول؟ وما هو مصير المختطفين من موظفي دائرة البعثات والزيوت النباتية وإغتيالات العلماء والإكاديميين والطيارين وكبار القادة العسكريين وعشرات الآلاف غيرهم؟ وهل نجحت الوزارة في كشف الإرهابيين الذين ارتكبوا آلاف الجرائم بحق الأبرياء من العراقيين؟ أن الكشف عن جريمة والتغاضي عن ألف جريمة ليست مأثرة جليلة تستحق كل هذا التصفيق والهلاهل! وإنما هي تستحق اللوم والعتب! حيث نتوقف عند الأشارة الحمراء نحمل بغصة مليون علامة إستفهام؟ إن الستة أو سبعة ملايين من الدولارات المسروقة لا قيمة لها ولاتعادل روح واحد من الشهداء الثمانية الذين وقعوا صرعى في مصرف الزوية؟ وعودة الأموال لا تغني عن كشف الجهة التي تقف وراء الجريمة مهما كانت أهميها ومنزلتها فالمجرم مجرم مهما علت منزلته وكبرت مسئوليته! أن تعيد ليً أموالي المسروقة خطوة مباركة تشكر عليها، أما أن تخفي عني من قتل أشقائي الثمانية فتلك خطيئة لا تغتفر.
لتذهب الملايين المسروقة الى الجحيم شأنها شأن ما سرق منذ الغزو الأمريكي للعراق لكن يجب أن يعرف الشعب العراقي وذوو الشهداء من هي الجهة التي سرقت وقتلت؟ من أورم أعينهم الحمراء وعصرها لتدمع دماء حارة؟ ومن نفخ على وجوههم سموم الأحزان والهموم؟ ومن لكأ الجروح التي لم تندمل بعد؟ من سبى الأمهات بكربلاء جديدة؟ ومن حول الزوجات لأرامل؟ ومن ظلم الأطفال وجعلهم أيتاما؟ هذا هو المهم وهذا ما يجب أن يكشف عنه الوزير البولاني بصراحة. فهو المعني قبل غيره بهذه الجريمة البشعة. وهو مسئول مسئولية كاملة أمام الله أولا، وأمام شعبه ثانيا، وأمام ضميره ثالثا. فأما ان يتحدث بصراحة ويكشف عمن يقف وراء الجريمة؟ أو يعتبر لاعب مشترك فيها! فالساكت عن الجريمة مجرم وربما أكثر جرما وإثما من القتلة أنفسهم؟ أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس؟ رحم الله يوسف بن الحسن على قوله"على قدر خوفك من الله يهابك الخلق وعلى قدر حُبك لله يُحبك الخلق، وعلى قدر شغلك بأمر الله يشتغل الخالق بأمرك" فهل سيعمل البولاني وفق هذه الصيغة؟
حري بالوزير البولاني أن يخرس أولا المتحدثين في الوزارة بما فيهم قائد عمليات بغداد اللواء عبد الكريم خلف ويقصر التصريحات على نفسه فقط، لكي لا تصاب وزارته بوباء أنفلونزا المستشارين المنتشر في مكتب رئيس الوزراء المالكي, سيما ان التصريحات تتم وفق طريقة التلاعب بالحقائق أو طمسها لإبتزازات سياسية مكشوفة، يقف على رأسها رئيس الحكومة المالكي ونائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي إضافة لوزير الداخلية البولاني حسبما تؤشر الإحداثيات الحالية. إن أنصاف الحقائق لا تخدم الحقائق بل أحيانا تضعفها أو تقتلها، لذلك فعندما يذكر البولاني بأن وراء الجريمة جهة سياسية نافذة أشبه من يذكر الآية الكريمة" لا تقربوا الصلاة.." ويحذف ما بعدها! فالأوجب ان يذكرها بإسمها الصريح بعد أن عرفها وشخصها بشكل دقيق، فليس من المعقول أن يصف الوزير الجهة الفاعلة مستعينا في تصريحاته بغيبيات و تكهنات السيد الطوخي وجنجلوتياته الخرقاء. سيما ان الأخبار تسربت بشكل يثير الإشمئزاز والتقزز، بل أن احدى المواقع المعروفة هددت البولاني من مغبة إخفاء المعلومات والتستر على المجرمين وهددت بكشفها للرأي العام!
الشعب العراقي لا يهمه المال المسترجع بقدر ما يهمه أرواح الشهداء ومن يقف وراء الجريمة! سواء عنده كان المجرم من جماعة هادي العامري أو عادل عبد المهدي أو عدنان الدليمي أو طارق الهاشمي أو مسعود البرزاني أو أي مسئول آخر ليس هذا المهم! المهم تحديد المجرم الحقيقي وأن ينال جزائه العادل أمام القضاء العادل جراء ما أقترف. وأن يحترم الوزير البولاني مشاعر الشعب العراقي وأسر الشهداء بإطلاعهم عن الجهة الي تقف وراء الحدث. فالتستر على الجريمة أو أخضاعها لمساومات سياسية إو إبتزازات إنتخابية، هي بصراحة وبلا لف ودوران، تعتبر خيانة عظمى لهذا الشعب وأرواح الشهداء. ان الأمر لا يحتاج من الوزير البولاني سوى بعض الشجاعة وسبق أن قيل بأن أسدٌ مفترس أمامك خيرٌ من كلبٍ خائن ورائك!
التصريحات الصادرة عن وزير الداخلية والناطق بأسم وزارته وبقية المسئولين ومواقع الأخبار جعلتنا نعيش في دوار شديد. فتارة الشهداء ثمانية وتارة تسعة! ومرة تم العثور على الأموال المسروقة في صحيفة العدالة العائدة لنائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ومرة ثانية في دار لعجوزين مسنين قرب فندق بابل! ومرة كشفت الجريمة من قبل الوزارة ومرة ثانية من قبل فوج حراسة عادل عبد المهدي! وتارة جاءت اخبار مفصلة عن الجريمة من أحدى المحافظات( حالة غريبة كيف عرفت تلك المحافظة بالجريمة قبل وزارة الداخلية؟؟؟) وتارة من قبل عادل عبد المهدي شخصيا وتارة من الجيش.. وهلم جرا!
الموقف الآن بيد ثلاثة مسئولين أولهما رئيس الوزراء نوري المالكي ويبدو أنه تستره بحجب المعلومات عن الرأي العام العراقي ورفضه إقتحام مكتب السيد عبد العزيز الحكيم في منطقة الجريمة بقدر ما هو إزدراء وإستهانة وإستخفاف بالشعب العراقي، بقدر ما هو إستهتار بالدستور ودولة القانون التي يدعيها ويروج لها المالكي. ولاشك ان توجيهات المالكي للوزير البولاني بالتكتم على الموضوع يعني ان رقبة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية أصبحت تحت سكينه, فيما إذا ثبت فعلا ان عادل عبد المهدي هو وراء الجريمة وليست هناك عملية توريط له بغية تصفيته قبل إعلان نبأ موت عبد العزيزالحكيم أو ألإنتخابات القادمة. وهنا نتساءل أمام المالكي رئيس دولة القانون حسب زعمه: لو كان وراء الجريمة على سبيل الفرضية الحزب الإسلامي العميل, أو جماعة عدنان الدليمي هل كانت الأمور ستجري على نفس الشاكلة من الهدوء والتكتم والتغطية؟ أم ستذكر مسرحية النائب محمد الدايني بأضواء أشد و زعيق أعلى؟
المسئول الثاني هو عادل عبد المهدي الذي تحوم الشكوك حوله، سيما بعد رفضه تغطية الأقتحام لمقر جريدته(العدالة) من قبل قناتي العراقية والفرات بعد أن وافق مبدئيا على حضورهما! فهل سيتصف بعنوان جريده العدالة أو يحيد عنها وعندها من الأجدر أن يسميها( الضلال) فهو الآخر أمام خيارين أحدهما الحفاظ على سمعته ومكاشفة الشعب بحقيقة ما جرى فيحظى بإحترامه وتقديره وتسجل لصالحه نقاط أكيدة في الإنتخابات القادمة. أو التضحية بمستقبله السياسي والشخصي وبلع الحقيقة رغم مرارتها والإنزواء خلف الستائر مثبتا الجريمة على نفسه؟ فيضيع حقه وحق الآخرين.
المسئول الأخير هو وزير الداخلية البولاني- بعد إسبعاد الناطق بأسم وزارته اللواء عبد الكريم خلف- فهو كذلك في موقف لا يحسد عليه مطلقا، لأنه على المحك هذه المرة فالخيارات أمامه محدودة وهما خياران لا ثالث لهما فأما الإرتقاء الى الأعلى أو الإنحدار الى الحضيض! ان سكت والسكوت رذيلة في تلك المواقف التأريخية، فإن أرواح الشهداء الثمانية ستظل تطارده في النوم واليقظة, وستوخز ضميره كل ساعة بل كل لحظة، وسيجابه بإحتقار الأرض ونقمة السماء. وأن تكلم سيكون شجاعا مهما كان ثمن الكلمة والتضحية, وعندها يصدق عليه وصف بعض الكتاب والمواقع بالبطولة؟ للتذكير فقط قيل بأن" موت الجبان في حياته وحياة الشجاع في موته، فوالله ما عاش ذليل، ولا مات كريم". فأن قال الحق سيريح ويستريح ويكسب حب الله والشعب وإرضاء الضمير, وهل هناك أكبر من هذا الربح؟
ولابد أن يعلم البولاني والمالكي بأن وراء الشهداء هؤلاء وغيرهم ألسنة إن عقدت الآن لسبب أو آخر فإنها ستتكلم لاحقا وسيتحول الكلام إلى سياط من لهيب, وان سكت أهل الشهداء لإنشغالهم بمصابهم الأليم فأن عشائرهم سوف لا تسكت وسيكون أمام عشائر المالكي وعادل عبد المهدي والبولاني مستحقات كبيرة واجبة التسديد مع الفوائد الباهظة، والتأريخ حاكم شديد لا يعرف الرحمة!
مجلس النواب كعهدنا به مازال في غفوته العميقة, وإذا ما أستفاق منها (لا أفاقه الله منها) طالب بمزيد من التخصيصات والإمتيازات. مثله مثل دب كسول يقضي وقته مابين النوم ومضغ الأكل وحشو البطن وهو يتعامل مع الحكومة وفق قاعدة( لافضل للص على آخر فكلنا وبحمد للشيطان أسافل اللصوص). لذلك لا عتب على هذه الفئة الضالة وستبقى ملعونة في الدنيا والآخرة.
أخيرا لابد من معرفة هذه الحقيقة وهي: في اللحظات التأريخية الحرجة تنكشف معادن الرجال، فمنهم من يكون بسعر الماس أو الذهب أو الفضة أو النحاس أو الرمل، فما هو معدن البولاني وعادل عبد المهدي يا ترى، بعد أن عرفنا معدن المالكي؟
هذا ما ستكشفه لنا الأيام القليلة القادمة.