بقلم : صالح النعامي ... 20.07.2009
لازالت التعليقات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي نيكالو ساركوزي على مسامع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بشأن وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان تثير صدىً واسعاً في تل أبيب، حيث اقتبست الصحف العبرية مطالبة ساركوزي لنتنياهو بتعيين شخص آخر غير ليبرمان في منصب وزير الخارجية بسبب عدم أهليته، حيث أخذ ساركوزي على ليبرمان افتقاده أي قدر من اللباقة الدبلوماسية خلال زيارته لأوروبا، لدرجة أن بعض وزراء الخارجية الأوروبيين تنازلوا عن فرصة إمكانية عقد مؤتمر صحافي مشترك معه. تعليقات ساركوزي أدت إلى انشغال النخب السياسية والإعلامية في إسرائيل في جدل طويل حول أهلية ليبرمان لترؤس الجهاز الدبلوماسي الإسرائيلي. والذي زاد من حدة هذه التعليقات هو قرار ليبرمان الغريب تعيين أحد النشطاء في حزب " إسرائيل بيتنا " المتطرف الذي يقوده في منصب سفير إسرائيل في القاهرة، وهو ما فسر على أنه يمثل إهانة كبيرة لمصر ولرئيسها حسني مبارك، في الوقت الذي أبدت فيه مصر استعدادها لتجاوز تأثير التصريحات المعادية لمصر التي أدلى بها ليبرمان في الماضي ودعا فيها إلى قصف السد العالي، ودعوته للرئيس مبارك بأن يذهب للجحيم في حال لم يقم بزيارة إسرائيل. وبسبب ما يثيره سلوك ليبرمان، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي يتجه للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة بدلاً من ليبرمان، مع أنه جرت العادة أن يمثل وزير الخارجية إسرائيل في اجتماعات الأمم المتحدة.
*بلا قدرات
فمن ناحيته اعتبر نداف إيال المعلق في صحيفة " معاريف " أن ليبرمان لا يملك القدرات على مواجهة التبعات الناجمة عن تبوء منصب وزير الخارجية. وفي مقال نشره في الصحيفة ضرب إيال مثالاً على الكيفية التي يسيئ بها ليبرمان لمصالح إسرائيل بسبب افتقاره للياقة والدبلوماسية والذكاء. وينوه إيال إلى أنه خلال لقائه وزير خارجية بريطانيا ديفيد ميليباند في لندن مؤخراً لفت ليبرمان نظر ميليباند إلى أنه شخصياً مستوطن يقطن مستوطنة " نوغديم "، التي تقع في محيط مدينة " بيت لحم "، جنوب الضفة الغربية، وهو ما جعل البريطانيين يؤكدون على أن ليبرمان غير مؤهل للتفاوض حول المستوطنات على اعتبار أن هذا يمثل تناقض مصالح، كونه مستوطن وفي نفس الوقت مسؤول عن التفاوض بشأن المستوطنات. ويضيف " تبدو صورة الوضع المشوهة هذه ازاء تعيين افيغدور ليبرمان وزيرا للخارجية بائسة على نحو خاص. ان ليبرمان، وهو سياسي لا يملك القدرات على مواجهة تبعات قيادة العمل الديبلوماسي ". واعتبر إيال أن تعيين ليبرمان قرار كان منذ البدء قراراً فاشلاً، مشدداً على أن " أعداء إسرائيل " أصبحوا يسوغون معاداتهم لإسرائيل بوجود شخص مثل ليبرمان على رأس الدبلوماسية الإسرائيلية. وأضاف " يوجد حتى في سياستنا قواعد غير مكتوبة، فنحن نعين في منصب وزير الدفاع شخصاً ذا تجربة امنية ...ونعين لمنصب وزير الخارجية، ولا سيما في حكوما اليمين، شخصاً يلائم المنصب ملائمة في الحد الأدنى وله مكانة دولية، فعلى سبيل المثال قام شارون اليميني بتعيين بيريس اليساري وزيراً للخارجية وسبقه في ذلك مناحيم بيغن الليكودي الذين عين موشيه ديان في منصب وزير الخارجية، رغم البون الشاسع الذي يفصل بينهما من ناحية سياسية.
**الإصرار على إهانة مصر
من ناحيته قال الصحافي بن كاسبيت أن قرار وزير ليبرمان تعيين أحد مقربيه سفيراً في القاهرة أثار موجة من الإنتقادات في الحلبة السياسية الإسرائيلية، على اعتبار أن هذا التعيين سيضفي مزيداً من التعقيدات على العلاقة بين إسرائيل ومصر. ونقل كاسبيت في مقال نشره في صحيفة " معاريف " عن مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية قولها أن تعيين شخص مقرب من ليبرمان كسفير لإسرائيل في مصر يثير الاستغراب والإستهجان ومن شأنه أن يثير ردة فعل غاضبة في القاهرة. وأكدت المصادر أن هناك خوف من ردة فعل مصرية غاضبة على القرار ، مستدركة أنه ليس واضحاً ردة فعل الجانب المصري في النهاية على هذا القرار. وأردف كاسبيت" 'لا تنقصنا المشاكل بين وزير الخارجية الحالي ومصر، وتعيين ناشط حزبي في منصب السفير الإسرائيلي في القاهرة لن يؤدي إلى تحسين العلاقات بين تل أبيب والقاهرة ". وأشار كاسبيت إلى وجود عدد من المرشحين المهنيين الذين كان بإمكان ليبرمان أن يعين أحدهم سفيراً لدى مصر، مشيراً إلى أن هؤلاء المرشحين هم من ذوي الاطلاع والخبرة في المجال الدبلوماسي و" قادرين على القيام بهذه المهمة بشكل محترم، وأن تعيين شخص من خارج الوزارة يمثل صفعة للوزارة، وهذا سيؤثر على قدرتنا على نقل الرسائل المناسبة لمصر "، على حد تعبيره.
**إهانة موظفيه
لكن فضائح ليبرمان لا تقف عند هذا الحد، فقد كشف معلق الشؤون الحزبية في صحيفة " هارتس " أن ليبرمان مسؤول عن حملة تشويه منهجية تشن ضد كبار موظفي وزارته والسفراء الإسرائيليين في جميع أرجاء العالم. ويشير رفيد إلى أن ليبرمان قد أوعز إلى أحد مستشاريه بتدشين موقع خاص ونشر مقالات وتقارير حول سلوك موظفي وزارة الخارجية السيئ. وقال رفيد أن ميخال أليكروف المستشار المقرب جدا من ليبرمان دشن موقع نشر عليه مواد السفراء وكبار موظفي وزارة الخارجية ينشغلون في المعاكسات الجنسية وتلقي الرشاوي، وغيرها من الاتهامات.