بقلم : عادل العزازمـة ... 21.04.2009

البدوأكثر الطبقات الاجتماعية التي لها تأثير مباشر سواء على الصعيد الاجتماعي من عادات وتقاليد أو على الصعيد البيئي بتأثيرهم في تغير معالم البيئة التي حولهم . فالبدو كغيرهم من المجتمعات البشرية ساهموا في بناء هذه الحضارة العربية . فالبدو منذ فجر التاريخ لهم عادات تقتصر عليهم فقط دون غيرهم من الطبقات الاجتماعية ومن هذه العادات التي ساهمت في خلق حضارة اجتماعية أكثر من أنها حضارة بيئة من معالم أثرية و تاريخيه فلهم معالم اجتماعية واضحة على جميع الاصعده الاجتماعية وتأثيرهم في جميع الطبقات الاجتماعية من القروية والمدنية . فلهم عادات ساهمت في تقدم البشرية ورقيها وطرق الاتصال والتواصل وتفادي الكثير من التأخر في حياتهم الاجتماعية . فالبدو في حياتهم لهم موروث حضاري اجتماعي أكثر من كونه موروث حضاري بيئي.
ومن هنا فالبدو كثير ما يتجنى على حقوقهم الحضارية وخصوصا من قبل الغرب الذين كثيرا ما ينظروا أليهم على أنهم مجرد مجموعة بشرية ترتحل من منطقة جغرافية إلى أخرى بدون أي تقدم أو مساهم في الحضارة وكثيرا ما يطلقون عليهم مصطلحات باللغة الانجليزية معناها أنهم غير حضاريين . أي أنهم لا يساهموا في تقدم الحضاري أي شيء ، وهذا يعتبر من اكبر النظرات السليبة من قبل الغرب للبدو وهذا لأنهم لا يعرفون ما لدى البدو من حقائب حضارية كبيرة من عادات وتقاليد اجتماعية ساهمة في التقدم الاجتماعي .
من بعض موروثات البدو الاجتماعية والتي تعتبر الأكثر أهمية هي المساهمة على المحافظة على اللغة العربية بلهجتها الأصلية وعلى ممارستها وعدم تداخل أي تأثيرات أخرى عليها من قبل الحضارات الأخرى كغيرهم من قبل الطبقات الاجتماعية وخصوصا المدنية منها . فكثيرا من المصطلحات العربية الأصلية تمارس حتى هذه الأيام في المجتمعات البدوية وتعتبر المجتمعات البدوية في الوطن العربي الأكثر محافظة على العادات والتقاليد العربية المتوارثة من قبل الأجداد والتي كانت وما زالت تسيرنا وتعتبر منهجنا وقانونا لنا لدرجة أنها أثبتت لنا أنها في كثير من المحطات الزمنية أنها أقوى من أي قانون مدني أخرى بحيث أنها تمارس هذه العادات البدوية العربية حين يقف القانون المدني عاجز على حل أي مشكلة تحل في مجتمعنا من مشكلات اجتماعية تصادفنا في حياتنا اليومية. أي أن البدو لهم مساهمة اجتماعية كبيرة في حضارتنا العربية من عادات وتقاليد ولهم منظومة اجتماعية كبيرة من عادات وتقاليد بدوية قادرة على المحافظة على نفسها وقادرة أيضا على التكيف في جميع المحطات وإذا ما قيست مع غيرها فأنها تعتبر الأكثر قوى ومنافسة .وذلك لأنها ما زالت صامدة حتى اليوم في معظم أو الأغلب من المجتمعات البدوية في الوطن العربي و كثيرا من الطبقات الاجتماعية الأخرى لجئوا إلى المجتمعات البدوية من اجل الاستفادة منهم في عاداتهم وتقاليدهم ولذلك ترى البدو كثيرا ما يكونوا على راس الجهات التي تسن وتفرض القوانين من اجل حل مشكلة معينة في هذه المجتمعات. ومن يريد أن يتداخل بشكل اكبر في تفاصيل الحياة اليومية للمجتمعات البدوية فانه يندهش من دق التناغم والانسجام والتفاهم وطرق الاتصال والتواصل في هذه المجتمع من احترام الصغير للكبير وعطف الكبير على الصغير وعلى طرق حل مشاكلهم الاجتماعية وعلى مدى احترام المجتمع البدوي للمرأة ويعتبرها جزاء مهم في المجتمع.
والبدو يعتبر لهم ارث حضاري بيئي قوي وذلك لأنهم هم الفئة البشرية الوحيدة التي استطاعت أن تتكيف مع الظروف الصحراوية الصعبة من حر الصيف وبرد الشتاء ومن قلة الموارد المائية والغذائية فيها. فهم الفئة الاجتماعية الوحيدة التي استطاعت أن توجه الصحراء مسكنا لها في بيت مصنوع من شعر الماعز ووبر الإبل. واستطاعوا أن يبنوا ارث حضاري بيئي في أصعب المناطق الجغرافية وهي الصحراء واستطاعوا ان يثبتوا وجودهم في السلم الاجتماعي بشكل رائع ومتفاهم مع الطبقات الاجتماعية الأخرى .
بمعنى أو بأخر فالبدو لهم فضلا على هذه الحضارة البشرية من تقدم ومن مساهمة في بنائها . وان الكثير من الطبقات الاجتماعية الأخرى أو المجتمعات الغربية التي تجهل ما معنى كلمة البدو بشكل حقيقي وما مدى أهمية وجودهم في السلم الاجتماعي العربي إنما هو التجني الحقيقي بعينه على الإرث الحضاري للبدو.