بقلم : عطا مناع ... 20.09.2009
العيد جاء، وفي العيد ينتشر الفلسطينيون كما هي العادة لممارسة طقوسهم الاجتماعية، طقوس لا تتغير رغم المتغيرات التي عصفت بنا، ننطقها بشكل لا إرادي .... كل عام وانتم بخير، نقبل من نشاء ونصافح من نشاء، نتناول القهوة السادة وبعض قطع عند من نحب أو لا نحب وكفى الله المؤمنين شر "النضال".
كنا نقول لبعضنا مصافحين عيدنا يوم عودتنا، واليوم يفترض أن نقول عيدنا يوم وحدتنا، وكنا نتسابق مع الفجر لجمع بعض الورود من أشباه الحدائق في المخيم لتشكيل ما يشبه الإكليل الذي يفترض أن يليق بالأكرم منا جميعا الذين كانوا بيننا لحما ودما واختارهم الوطن ترابا مقدسا.
كنا فقراء .... ملاحقين ..... معثرين.....لكن موحدين على ثوابتنا وقيمنا وتآخينا، كان فقرنا كرامتنا وعزتنا لأننا شريحة متناغمة موحدة فكريا ووطنيا واجتماعيا، وكنا نعيش الجماعة في أفراحنا وأحزاننا، كنا فلسطينيين حقيقيين نقاتل من اجل ثوابتنا وما ر اكمنا من قيم دفعنا ثمنها ألاف السنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ما يقارب نصف قرن من الزمان وانأ أعايش العيد الذي يفترض أن يكون سعيداً، شاهدتهم يموتون وعيونهم شاخصة للغرب، للقرية البعيدة القرية للقلب، غابوا جميعهم، شيعناهم لما اصطلحنا على تسميته مقبرة، وتركونا مع صدى قصصهم ووصاياهم بالحفاظ على المفتاح الذي سيدور في الباب المهجور يوما ما.
هي القصص التي وحكايات عشق استولت على جيل بأكمله البعض منة ألان بسمي فلسطين، فهو جزء من تكوينها التاريخي وهم التربة الخصبة لحالة التواصل بين الأجيال التي لا زال البعض منها يجرؤ على قول لا كبيرة في وجه تسو نامي الهبوط .
جاء العيد، وجاءت معه فتاوى دينية ووطنية بين هلاليين لا تحبذ التوجه لمقابر الشهداء، دعونا منهم.... ولكن.... نحن نواجه ثقافة جديدة هدفها الدفع بنا للانعزال في ألانا والتقوقع داخل ألذات، هي ثقافة عفا الله عما مضى واللا داعي لهذا التقليد، لكنني والبعض القليل الذي تبقى منة القليل الذي مارس طقوسه الوطنية في مقابر الشهداء، هي ليست عادة، لكنة عرفانا واحتراما وتقديرا لهؤلاء امتشقوا الحجر وصنعوا منة ثورة.
في العيد وفي حضرة الشهداء توضع الأكاليل الجميلة على الأضرحة والنصب التذكارية، يعتبره البعض جزء من برستيجهم وتواصلهم مع الشعب، وفي العيد هناك شهداء ينتظرون الخلاص، إنهم شهداء الانقلاب والصراع الدامي، هم فلسطينيون استخدموا من أصحاب القرار"باشاوات المرحلة" من ينصفهم ويعيد الطمأنينة لأرواحهم التائهة ألمعذبة ألباحثة عن الخلاص.
وفي ليلة العيد تحلق أرواح الشهداء في سماء فلسطين، قناديل خضر تحكي قصة شعب وقرن من النضال لتحقيق المصير، ألشهداء يعودون في ليلة العيد يجوبون يقتحمون أحلامنا يجددون أمال الذين لفظتهم المرحلة، فالفجر قادم لا محالة رغم العتمة وفقدان البوصلة، فحركة الشعب المتجددة أكبر من كل المؤامرات، فهذا ألسيل الجارف من الشهداء يشكل الضمانة الأكيدة لحريتنا، فالحرية لا تقاس بالسنوات والقرون، هذا ما قاله لنا التاريخ.
يقول لنا الشهداء في الليلة المباركة تصبحون على وطن، ونقول لهم كل عام وانتم بخير فانتم الحاضر والمستقبل الأتي، أنتم خط دفاعنا الأول، وانتم زادنا الروحي في أيام الجوع الوطني، وأنتم أيها الشهداء أحياءُ عند شعبكم، عودوا للأرض، وكونوا حراس القضية المقدسة، وترددوا علينا بين الحين والآخر، أمسحوا عن جباهنا ما لحق بها من عار الفرقة والتفريط والاقتتال.
عودوا أيها الشهداء فما أحوجنا أليكم، عودوا من أرحام الأمهات فنييقاً يبعث الأمل في النفوس ويشرق شمسا على ألأرض فلسطين من بحرها إلى نهرها، عودوا إلينا وشقوا البحر بعصا المقدسة وادفعوا بثعابين المرحلة لجحورها.
كل عام وانتم بخير يا شهداءنا، كل عام يا قادتنا العظام وأنتم بخير، يا عز الدين القسام ويا عبد القادر الحسيني ويا أيها الكماليين ويا غسان كنفاني ويا أبو أياد وأبو جهاد وياسر عرفات ويا حكيمنا جورج حبش ويا ناجي ألعلي ويا أبو علي مصطفى، كل عام وانتم بخير يا شهداء النكبة الفلسطينية ويا من فارقتمونا في دنيا الشتات، ويا شهداء صبرا وشاتيلا أللعنة التي ستلاحق شارون وأحفاد شارون، وانتم يا شهداء حركتنا الأسير يا رمز حريتنا عساكم بخير انتم وعشرات الآلاف من شهداء الشعب الفلسطيني وقواه الناهضة وطنية وإسلامية، كل عام وأنت بخير يا شيخ احمد ياسين ويا رنتيسي، والخير كل الخير للشهداء الأحياء في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
يأتي العيد أيها الشهداء ويذهب، ويبقي الشعار المقدس حاضرا.... عيدنا يوم عودتنا ..... وعيدنا يوم نشيع شهداء مقابر الأرقام ليلحقوا بركب رفاقهم.... وعيدنا يوم وحدتنا.... والخير كل الخير لأبناء شعبنا في قطاع غزة والشتات ومخيمات اللجوء.