بقلم : الهام لطيفي* ... 03.08.2009
الحکم بالجلدعلي السيدة الصحفية السودانية لبني احمد حسين بسبب ارتدائها بنطالا لم يکن الاول ولا الاخير من الاحکام الجائرة التي تصدربحق المرأة في العالم الثالث او بالأحري العالم العربي کما هوليس امرا غريبا علي المجتمعات المتخلفه منذ زمن بعيد ؛ فهذه الاحکام المهينه لکرامة المرأة تارة تصدر علي البنطال في السودان وتارة تغلق النوادي الرياضيه في السعوديه وتتواصل ثانيه في اعطاءاختيار صوت المرأة الي زوجها في الکويت واخري تثير جدل النقاب في مصر داعيك عن جرائم الشرف الباقيه بقوتها حتي دفن المرأة وهي حية وحرقها وهي راقدة في النوم کما حدث اخيرا في الاحواز اما باقي الدول العربية فحدث ولا حرج .
وترى المجتمعات الشرقية في أي شکل من أشکال الحداثة بانها وافدة من الدول المتقدمة ولها تاثيرا سلبيا علي المرأة حيث کلما رکبت المرأة العربية عجلة التطور او أظهرت ملامح الحداثة وإن کانت في لباسها الشخصي أو أفاقها الفکرية ,كلما أثارت جدلا واسعا بين الاوساط العربية وکأن العقلية العربية أصيبت بأنفلونزا أخطر بمرات من أنفلونزا الطيور والخنازيروهي أنفلونزا التخلف حيث اصبحت حساسة بالنسبه لاي وعي أو محاولة للتحول من قبل المرأة اللتي لا تعين نفسها علي التخلص من افات الرکود الفکري و کادت تضيق الدائرة على المرأة في تصرفاتها بحجج غیرمبررة کضرورة حفظ الاناث من الافات الوافدة و يظهر ذلك عندما تواجه أي حرکة تحررية فکرية تخالف موازينها التقليدية وان کانت شخصية .
وتهمل هذه المجتمعات عقل المرأة ومستوى وعيها وتطوير أساليبها الفکريه المبدعة بالدراسة ووضعها المعيشي في البلدان الفقيرة وتعلق شماعة انهيارها الاخلاقي والفساد الاخلاقي علي بنطلون هذه المرأة ونقاب تلك ؛ کما لايتردد الاعلام العربي بوسائله المرئيه والغير مرئية في الانشغال بتلك الامور التافهة مما يؤدي الي تشبث الاجيال في الأراء البالية دون أي تنقية عصرية للافکار التي ورثوها عن اباءهم منذ مئات الاعوام.
فاذا أردنا ان نتمعن اکثر في الحقيقة نري بأن کلما يحصل من إصطدام فکري و نظري بين المرأة المتحررة والمجتمعات المتخلفة هو دليلا قاطعا علي الديناميکية الفکرية للمرأة ومحاولتها للوصول إلي ما وصلت اليه شقيقاتها في البلدان المتقدمة! الاخري على الاقل على مستوي الحرية الشخصية في اختيار اللباس ناهيك عن الحريات الاخرى,, وفي المقابل لانري حركة اصلاحية في مجتمعاتنا الذکورية تهتم بتنقية تقاليدنا القديمة من بعض التخلفات المحسوبة علي التقاليد و وضع استراتيجية فعالة من اجل تحديث ثقافتنا وفي نفس الوقت التمييز بين السئ الوافد و الايجابي الوافد ؛فعلي تلك المجتمعات التحلي بسعة الصدر من أجل الإعتراف بالتخلف في اکثر الاحيان و الاعتراف ايضا بالظواهر الايجابية في المجتمعات الحديثة من أجل دمجها بسلاسة وبشرط الا تخل بموازين ثقافتنا ؛ وللاسف الشديد لا نرى أي حرکة فکرية ملموسة بل عجزفکري ملموس في المجتمعات الذکورية بأکملهامن نخب ومثقفين وأصحاب قرار عندما يتلقون الحداثة بکل تفاصيلها إن تجسدت في بنطال او کزمة أونقاب ،حيث يصبحون منفعلين اتجاه ذلك ويعجزون عن دمجها وفهمها الصحيح في المسارالثقافي المألوف فی المجتمع؛ ولذلك نرى مثلا ان تجاسرت إحدي أناثهم في قبول ذلك إرتبکوا وأثاروا جدلامحتدما وهم هاربين خائفين من کل حالة تتمرد على النواميس الاجتماعية التقليدية .
ويبقي الإبتزاز للمرأة والانتقاص من کرامتها الانسانية امرمستمر تعزف به المجتمعات الذکورية علی وتر نظرتها الدونية الي المرأة اللتي طالما[ المجتمعات الذكوريه] لا تقوي علي التخلص من طيات هذه الرسوب الفکري حتي تنفتح عيناها علي شمس الحرية والديموقراطية ولو في إعطاء الحق للمراة في اختيارما ترغب في ارتدائه ان کان نقابا او بنطال او.... ؛ إذن فمن الأجدر في أصحاب القرار ان تصرف طاقاتهم وتلفت انتباههم الى الفقر المدقع والأمية المتاکله اوالمشاکل الاجتماعية الاخري في اوساط شعوبها وتوظف إعلامها واقتصادها في مشاريع تخدم وضعها المعيشي وترفع من مستواها العلمي والثقافي بدلا من هذه الامور السخيفة ومن ثم تحکم بدورها بالجلد علي کل من ينشر فايروسات انفلونزا التخلف والرکود الفکري والانساني التي تلقي بالمجتمعات إلي حافة الهاوية.