بقلم : ريم عبيدات ... 16.10.2009
كان ظهورهم وحديثهم مثيراً للإعجاب والدهشة والغيرة في آن واحد. “مجموعة الجيران” الذين استضافتهم فضائية لبنانية، للحديث عن وصفتهم الرائعة ل “الجيرة”، بعد ما شكّلوا معاً تجربة حياة من نوع رائع. بل وجعلوا لحياة بعضهم معاني مميزة مكتشفين معاً قيمة الحب والتفكير بالآخر وقدسية الحياة.
إنهم يتعاملون مع كافة قضايا سكان البناية بصورة أسرية، فيما اتفاق واضح المعالم لحماية وصيانة الخصوصية. تركيبة عجيبة تلك التي توصلوا عبرها، أن يكونوا عائلة من طراز رفيع، ومجتمعاً حقيقياً ذا تفاصيل لافتة في المسؤولية والحرص والأمانة الاجتماعية، كما هي شكل فريد للقيادة والعمل الاجتماعي.
فهم يعتنون بأولادهم جماعياً ما استطاعوا الى ذلك سبيلاً من توصيل الى المدرسة، والعناية الطبية، والمذاكرة، وإقامة الأنشطة الرياضية والفنية المختلفة. فيمنحون الجميع فرصاً لا تتكرر من التجريب والتواصل القائم على المحبة، ناهيك عن العناية التامة بمجتمع البناية. تحدثوا مطولاً عن دورهم المهني أيضاً في حياة بعضهم بعضاً والقدرة الخارقة لتجربة طويلة من الحب على البناء والمساندة لمجموعة من خيرة المهنيين والكفاءات، لدعم بعضهم مهنياً وعملياً.
الاستغراب الذي أبداه الكثير من المشاهدين للتجربة يشير إلى خراب حقيقي، أصابنا، وأصاب مفاهيمنا الإنسانية، وأصاب أحياناً، علاقتنا بأنفسنا أولاً وبكل من حولنا.
في الكثير من دول العالم المتهم بالمادية والمصلحية الشديدة والتي تعلي من شأن الأفراد والمجتمع المدني، فإن “جماعة الجيران” تأخذ دوراً محورياً في التنمية والتطور، إذ تتخذ شكلاً مصغراً للدولة، كما ولمؤسسات مجتمعية عدة، وتأخذ العلاقة فيما بينهم شكلاً متحضراً للغاية يقوم على تحمل المسؤولية المطلقة والعناية بالذات عبر العناية بالآخرين وبمصالحهم، وحماية المرافق والخدمات.
مخاطر مختلفة لغياب العلاقات الاجتماعية الحميمة تدفع للهروب من المشكلات والضغوط المزمنة، بوسائل عدة كالسقوط في مستنقع الإدمانات المختلفة، من كحول ومخدرات وسهر ومقاهٍ وإنترنت، والغوص في عوالمه التي تقدم البدائل المرضية أو الخيالية للعلاقات الطبيعية.
فهل تستعيد الجيرة في حياتنا معانيها الحقّة، ونعاود، الغناء بصوت مرتفع، “نحن والقمر جيران”.