أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
حياد أمريكي أم انحياز تركي؟!

بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 20.10.2009

صوتت الولايات المتحدة الأمريكية ضد تبني مجلس حقوق الإنسان لتقرير القاضي اليهودي ريتشارد غولدستون، بل حرّضتْ عدة دول على التصويت ضد التقرير، وأكثر من ذلك؛ فقد سعت قبل حينٍ للضغط على السلطة الفلسطينية لتأجيل عرض التقرير على مجلس حقوق الإنسان، وهي لا تخفي نواياها العلنية في استخدام حق النقض ضد أي قرار سيصدر عن مجلس الأمن، يحيل المجرمين الصهاينة إلى المحكمة الجنائية الدولية، في حالة عدم التزامهم المعايير الدولية في التحقيق بجرائم الحرب المنسوبة إليهم.
ما سبق من كلام بات معلوماً للقاصي والداني، وهو حقيقة ملقاة على قارعة الطريق، تفقأ عين كل من يكابر، ويصر على تواصل الاستجابة للدعوات الأمريكية للقاء الإسرائيليين، والتفاوض معهم بهدف الوصول إلى حل عادل لقضية الصراع العربي الإسرائيلي، وما سبق دلالات تشير إلى أن أمريكا طرف غير حيادي، ولا يمكن أن تكون وسيطاً نزيهاً، وهي تقف خلف إسرائيل بقضها وقضيضها، وتمشي على هواها في سياستها الخارجية، لتصوت ضد أبسط قضية إنسانية، جاءت في تقرير رجل يهودي، يطالب بالتحقيق الدولي العادل في جرائم حرب اقترفت بحق أبرياء من أطفال عزة، ونسائها. فكيف نريد إنصافاً أمريكياً في قضايا سياسية مصيرية، أقلها؛ الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة سنة 1967؟
إن التصويت الأمريكي ضد تقرير "غولدستون" ليشجعنّ كل عربي، وفلسطيني ليتساءل عن مدى قداسة شروط الرباعية التي فرضت على الفلسطينيين كي تواصل إسرائيل التفاوض معهم، بينما أهم طرف في الرباعية يصوت ضد الإنسانية، والطرف الثاني في الرباعية دولة بريطانيا، وفرنسا يتغيبان عن التصويت، بعد أن فشلت الأخيرة في تأجيله؟
ألا يفرض هذا الاستخفاف الأمريكي بالعرب أن يعيدوا حساباتهم، وأن يتوقفوا عن حض الفلسطينيين للاندفاع إلى مجهول المفاوضات؟ ألا يفرض هذا الوضوح في العداء الأمريكي للحقوق الفلسطينية والعربية، أن تتخذ السلطة الفلسطينية الموقف المدافع عن قضايا شعبها المصيرية، وإلا تلقي بمفاصل قضيته على طاولة مفاوضات أمريكية، وتحت سكين النتائج الظالمة مسبقا، والتي لا تتعدى الأفق الإسرائيلي للحل؟
تعالوا نتعلم الدفاع عن مصالحنا الوطنية من "بنيامين نتانياهو" الذي أعلن عن عدم صلاحية تركيا للوساطة بين إسرائيل وبين سوريا، لمجرد اتخاذ تركيا موقفاً حياداً عادلاً من الصراع، فكيف بأمة العرب والفلسطينيين الذين وضعوا مصير بلادهم في يد أمريكا؟ وأي حلٍ عادلٍ يترجون ممن يعلن جهاراً نهاراً انحيازه الكامل لإسرائيل دون وجلٍ، أو خجلٍ؟.