أحدث الأخبار
الاثنين 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
هل بقي ما نحتفل من أجله !

بقلم :  دينا سليم  ... 30.12.06

ربما تشترك جميع الطوائف والديانات على الأرض بكلمة (العيد) !
فالعيد كلمة موروثة, كونية, استطاع آبائنا وأجدادنا أن يورثونا إياها, معتمدين على ما ورد في الكتب المقدسة, فالعيد معناه, الفرح, الوجود وطاعة الله.
ثم أصبح العيد عادة وتقليد, طقوسا تبناها البشر فيما بعد لتكن تأريخا, أو تدوينا, أو استذكارا معينا, المفروض أن يكون مفرحا, فيوم العيد هو يوم المسرّة والسعادة, ويوم العيد هو يوم الاجتماع الأسري والترابط الاجتماعي, ويوم العيد هو يوم استرخاء واستمتاع, هو يوم راحة الفكر والأبدان, هو يوم موعود, مكرر ومحبب, ننتظر مجيئة بالسنة واليوم.
عادة تكون الطقوس متشابهة, الأسماء, والأحداث, اللهم هو فقط ما برع فيه علماء الدين, بفصل تلك الطقوس ووضعها في حلبة مطوقة, تحت اسم الدين أو المذهب, فحمل الدين الاسلامي عيدا باسم (كذا) والدين المسيحي باسم آخر, والدين اليهودي أيضا الخ.
لكن بفصلنا هذا لم نأخذ بعين الاعتبار أن البعد مع مرور السنين سيتسع بين الديانات, ويصبح العيد عيدا قوميّا, لا طقس مسرّة, عيدا شعائريا, لا أيام فرح, عيدا طائفيا, يحمل في طياته أحاسيسا مختلفة, مثل أحاسيس, الكره, الغضب, التفرقة, العنصرية,الاستنكار, الاستذكار, الحزن والبكاء.
لو يجمعنا عيدا واحدا, يكون خاضعا للمحبة, الطمأنينة والسلام !
لو نحاول تضييق فجوات الكراهية على الكرة الأرضية ونستبدلها بمحبة كونية فيكون العيد جميلا بجمال قمر ذهبي سابح في السماء, ملك جميع البشر, طائرا يستدير حول الجميع بتساو ٍ, يتمتع بجماله كل انسان, يتلألأ بالأعالي معلنا عيدا كونيا لكل الديانات والشعوب, يوحدنا ويجمعنا في ساحة الكون الجميل, بينما نتصافح كبشر, بجانب الحدائق الغناء والأنهار الرائعة, أن نقف جميعا, نصفق له, نرفع أيدينا نحوه, تتوحد كلمتنا فنقول, هو (العيد) ظهر, وأن يُذيّل القمر الذهبي بأعلام ذهبية تحمل مشتقات ومرادفات كلمة عيد, الفرح, المحبة , الاخلاص, التسامح, الجمال, الاخاء و...
وبما أني امرأة الحلم (كما ينعتني البعض), حلمتُ دائما بعيد مختلف, مغاير, لا يحمل في أفقهِ أدوات ولا مدوّنات, لا استذكارات ولا نعوتات, لا سلاح ولا رصاص, لا غدرا ولا خيانة, بل يحمل ضميرا واحدا لجميع من هم على الأرض ليرضى بنا من في السموات.
اجتاحتنا سابقا مروءة لم نعد نقبل بها, أو بالأحرى هي التي لم تعد تقبل بنا, ننام ليلة العيد, قريري العين, نحلم بصباح جميل, الهدايا البسيطة تملأ فراشنا, الفراشات تحوم من حولنا, ونستفيق على أصوات البلابل, نرتدي ثيابنا الجديدة, دون أن نسأل عن ثمنها, وننتعل أحذيتنا التي شاركتنا الفراش طوال الليل, نأكل الكعك بالتمر, نمرح, نغني ونعيّد دون أن نسأل, نفتح باب بيت الجيران, بغض الطرف عن دينه وقوميته, نلقي بتحية العيد على النائمين وندعهم يستيقظون لمشاركتنا فرحتنا, ودون أن نسأل, ما هو عيدك, الميلاد, أم الأضحى, أم الحانوكا, أم ؟
لم تعد صيحة الأولاد في الشارع فرحا يرضينا, فاستبدلناها بصياح المفجوعين والملوعين, الذين يفقدون آبائهم في حروب وشجارات لا نفع فيها.
لم نعد نرضى بقرص الكعك ليملأ نفوسنا نشوة, بل استبدلنا النشوة بالكعك الموزع رحمة ويوم العيد أصبح يوم استذكار الأموات, أستبدلت صلوات الفرح بصلوات حزن, أصبحت أجراس الكنائس تدق معلنة عن الموت والفراق, وصلاة الشيخ في الجامع تأبينية أو رحمة.
لم نعد نركض بخطواتنا السريعة نحو الأمل والفرح, أو الصلاة في بيوت الله, استبدلناها بخطوات حزينة, بطيئة نحو القبور كي نزور اعزاء لنا فقدوا, والقبور صامتة .
لم تعد تلائمنا الملابس الوردية المفرحة أيام العيد, بل بتنا نبحث عن الأسود كي يغطي نفوسنا المعذبة وأجسادنا المتحركة هراء .
هكذا أصبح للعيد طقوسا ومعاييرا مختلفة !
أتدرون ما الذي بقي يوم العيد؟ انتظار عيد آخر كي نكمل مشوار حياتنا الذي أصبح طريقه معبدا نحو المجهول, أصبحنا نتساءل, ترى هل سينقص منا واحد في العيد القادم, ومن هو المرشح !