بقلم : رانية مرجية ... 17.3.07
طالب سكان نير تسفي أن يفصل جدار بينهم وبين حي شنير العرب والحجة خوفًا من مدمني المخدرات واللصوص، ولكن أهالي الحي يؤكدون أن عدد مدمني المخدارت في نير تسفي أكثر. قرار المحكمة يقضي بمنع بناء الجدار، لكن المداولات مستمرة في لجنة التخطيط والبناء حول الموضوع، جدار الفصل العنصري داخل مدينة اللد شهادة حية على الأجواء العنصرية ضد العرب
"لا أرى أن طلب سكان نير تسفي بأن يعيشوا حياتهم بهدوء هو طلب عنصري وأرفض كل تفسير من هذا القبيل". هذا ما ادعاه البروفيسور أرنون سوفير من جامعة حيفا، المعروف بآرائه العنصرية ضد العرب، في نص الاستشارة القانونية التي قدمها باسم سكان "نير تسفي" إلى اللجنة القطرية للتخطيط والبناء حول الجدار الذي يفصل بين حي بيارة شنير العربي وحي نير تسفي اليهودي، الذي طلب سكانه من سوفير أن يعلل باسمهم لماذا لا يريدون أن يعيشوا مع العرب أو أن يرونهم ولهذا فإن الحاجة للجدار هي "حاجة حقيقية"! وأضاف سوفير: "أعتقد أن الجوار بين مجتمعين مختلفين عن بعضهما البعض بشكل كبير، في كل ما يخص الثقافة والدين والعادات الاجتماعية، تؤكد شرعية إيجاد وسيلة تقلل من هذه الفوارق المرئية للعين وغير المرئية بين المجتمعين وتقلل الاحتكاك الذي قد يحدث على أثر ذلك".
قرارات المحكمة بخصوص جدار الفصل
الاستشارة القانونية من سوفير جاءت على أثر قرار المحكمة المركزية العام الماضي والقاضي بمنع بناء الجدار. في 21.7.2002 اتخذت الحكومة قرار بشأن ترميم الأحياء العربية في اللد، إلا أنّ القرار شمل أيضًا تكليف وزارة المواصلات ووزارة البناء والإسكان بإقامة جدار مانع للصوت بين حي "بيارة شنير" و"نير تسفي"، وتقديم خطة عمل لتنفيذ المشروع المذكور إلى مدير عام مكتب رئيس الحكومة خلال 14 يوم، وفرض القرار على وزارة المواصلات وعلى وزارة الإسكان تمويل إقامة الجدار من ميزانيتهما بمبلغ مقداره 3 ملايين شيكل بحيث تتحمل كل وزارة نصف المبلغ.
ووافقت لجنة الاعتراضات التابعة للجنة اللوائية للتنظيم والبناء في لواء المركز اعتراض سكان "نير تسفي" وقررت عدم السماح بسريان مفعول الخارطة الهيكلية لحي بيارة شنير حتى تتم المصادقة على خارطة بناء الجدار وضمان تنفيذها.
وفي تاريخ 13.6.2003 أودعت خارطة هيكلية محلية للمصادقة عليها وكان أحد أهدافها تحديد تعليمات بناء للجدار على امتداد الشارع وتمت التوصية بإقامة جدار على امتداد الشارع بإرتفاع أربعة أمتار، وفي تاريخ 23.7.2003 أعطت اللجنة المحلية للتنظيم رخصة بناء تسمح بإقامة جدار بين الحي و"نير تسفي" وبالفعل تم الشروع في بناء الجدار.
في شهر أيار 2006 أصدرت المحكمة المركزية في تل أبيب قرارًا يقضي بمنع بناء الجدار بين شنير ونير تسفي. وكانت حجة نير تسفي أن هذا الجدار جاء لكي يمنع وصول ضجة السيارات من الطريق القريبة من منطقة الجدار إلى الحي اليهودي. لكن في حينه وافقت اللجنة القطرية للبناء والتخطيط على موقف سكان حي نير تسفي اليهود وصادقت على بناء الجدار. من جانبها رفضت المحكمة موقف سكان حي شنير وطلبهم بمنع إقامة الجدار ومشاركة الدولة في تمويله، ورأت المحكمة وقف المشروع وإعادة المخطط للجنة القطرية للبناء والتخطيط وأمرها بأن تأخذ بعين الاعتبار موقف السكان العرب المعارضين لها.
المحامي هشام شبيطه: السؤال هو حول شرعية بناء جدار بين العرب واليهود
وقال المحامي هشام شبيطة والذي يتابع وقف بناء الجدار: "قدمنا استئنافا للجنة التخطيط والبناء كما قدمنا ردا خطيا على الاستشارة القانونية التي قدمها أرنون سوفير وننتظر رد اللجنة على الاستئناف، العمل في الجدار متوقف منذ أربع سنوات والجزء المبني منه هو 25 % من الجدار فقط ، وتوجهنا القضائي الآن هو حول شرعية بناء جدار بين العرب واليهود."
شنير العرب وتسفي شعب الله المختار
"بيّارة شنير" هي حي عربي يقع على الحدود الغربية لمدينة اللد قريبًا من حي المحطة و"سامخ حيط" الملاصقان له. ويبلغ عدد سكان الحي حوالي 8 آلاف نسمة. ونتيجة إهمال السلطات في السنوات الطويلة الماضية فإن الحي يعاني من ضائقة سكنية ومن مشاكل مختلفة في كلّ مناحي الحياة، بسبب غياب خطة تنظيم البناء وبسبب الاحتياجات المتزايدة للسكان، ولذلك فإن معظم البناء في الحي غير منظم.
"نير تسفي" هو مجمع سكني مجاور لحي "بيارة شنير"، وتفصل بين حي شنير و"نير تسفي" أراض زراعية تمتد لمئات الأمتار. يقع على الأراضي الزراعية شارع ضيق يستخدمه سكان الحي منذ سنوات طويلة ويمر جزء من مسار الشارع فوق أراض تابعة لـ"نير تسفي". وفي إطار استكمال الخارطة الهيكلية لحي شنير في سنة 1999 والتي خُصّصت لتنظيم البناء وترميم البنى التحتية المتهالكة في الحي نبعت الحاجة لتنظيم الشارع وتوسيعه، وبما أن الشارع المخطط من المفروض أن يمر جزء منه عبر أراض تابعة لنير تسفي فقد استغل السكان هذا الوضع وقدموا اعتراضًا على الخارطة واشترطوا عددا من المطالب من ضمنها المطالبة بإقامة جدار بارتفاع 4 أمتار وبطول نحو 1.5 كم على أن يكون مبنيًا من الإسمنت ليفصل بين حيهم والحي العربي، كما طالب سكان "نير تسفي" بأن يكون بناء الجدار وصيانته بتمويل من وزارة الإسكان وبلدية اللد.
يتضح من تقرير أعدته منظمة "بمكوم – مخططون من أجل حقوق التنظيم" حول موضوع جدار الفصل أن أخطاء تنظيمية وقعت في قرار بناء الجدار إذ تبين من التقرير وجود عدم توازن بارز بين الفائدة النابعة من بناء الجدار لإحدى المجموعات السكانية القوية وبين المس بالمجموعة السكانية الأخرى الأضعف. بالإضافة إلى ذلك كانت هنالك استجابة في قرار بناء الجدار لاحتياجات إحدى المجموعات السكانية وتجاهل لاحتياجات مجموعة سكانية أخرى. ويتضح من التقرير أن الجدار يمس بالحياة المدنية لسكان حي "بيارة شنير" ويمس بشكل قاس بتواصلهم وبحقهم في حرية الحركة وفي الحيز المفتوح. كما يمس الجدار بسكان الحي العربي وخاصة الذين يسكنون بمحاذاة الشارع فيسدّ مجرى هبوب الرياح الغربية ويحجب المنظر الطبيعي المفتوح عنهم.
سكرتير نير تسيفي: هدف الجدار حماية اليهود من مدمني المخدرات
وادعى سكرتير لجنة حي "نير تسيفي" "أمنون" في حديث للمدينة أن "الهدف الحقيقي من بناء الجدار هو حماية سكان "نير تسفي" من مدمني المخدرات الذين يأتون إلى حي "بيارة شنير" لشراء المخدرات وكذلك من أضرار تكسير عدادات المياه وإتلاف أجهزة الري ودخول المواشي للأراضي الزراعية التابعة لنير تسفي".
عبد الكريم زبارقة: للجدار تأثير سلبي على الجيل الجديد
من جانبه قال المحامي عبد الكريم زبارقة، أحد سكان حي شنير، إن "الجدار مبني على أساس تفرقة عنصرية، لقد أصبحنا محاصرين جغرافيًا. سكان "نفي تسفي" يقولون أنّ هناك تجار مخدرات ولصوص في حي شنير، هل هذا الحل في كل مجتمع يوجد فيه تجار مخدرات؟ هل بناء الجدار سيمنع السرقات؟ إن من يريد السرقة سيسرق ولن يمنعه أي جدار. إن الجدار يعكس سياسة احتلال وابترهايد وتمييز عنصري، حي هتكفا في تل أبيب وهو مصدر العنف والجرائم وتجارة المخدرات لم يفصل عن المدن الأخرى حوله".
وأضاف زبارقة أن "للجدار تأثير كبير على المدى القريب والبعيد، فهو يجعل الناس أكثر شراسة بكل ما يخص سياسة الدولة ضد العرب. بصفتي نائب لرئيس لجنة الآباء في اللد أرى أن الجدار له تأثير السلبي على نفوس الجيل الصاعد، هنالك أسئلة توجه لي ولا أملك الإجابة عليها. لا يوجد في حي شنير مواصلات، النساء والأطفال يسرن لمدة نصف ساعة، جميع الطرق مغلقة، أصبحنا نعيش في جيتو".
بثينة ضبيط: هدف الجدار كسر معنويات العرب والتضييق عليهم.
وقالت المهندسة المعمارية بثينة ضبيط مركزة المشاريع في المدن المختلطة في جمعية شتيل: "تبدأ المشكلة من أن التعامل مع العرب في اللد مبني على أساس كونهم مشكلة بيئية وديمغرافية. ومن يضع الآخر خلف الجدار يضع نفسه أيضًا داخل جدار.. وحصار العرب بهذه الطريقة ليس إلا رسالة توجهها الدولة عبر مؤسساتها مفادها أن العرب غير مرغوب فيهم من أجل كسر معنوياتهم والتضييق عليهم. وهذا سيقود إلى انتهاء فكرة التعايش بين العرب واليهود وسيدمر الجيرة الحسنة بين المجموعتين، وهذه خسارة للمدينة ككل".
أحمد أبو معمر: يجعلوننا نشعر كأننا حيوانات
ووصف أحمد أبو معمر من سكان حي شنير مشاعره جراء بناء الجدار العنصري وقال: "أشعر بقهر كلما نظرت إلى الجدار أو مررت بقربه. يجعلوننا نشعر كأننا حيوانات، ينظرون إلينا على أننا منحطون، نحن نحيا في جيتو داخل جيتو وهذه سياسة مبرمجة لإذلال العرب، الجدار جاء ليزيدنا هما وحسرة فوق همنا، وكأن وضع الحي لا يكفي وهو يفتقر إلى أهم الخدمات الأساسية".
عارف محارب: إذا فشلنا هنا سيبنون جدار في مكان آخر
وأوضح المهندس عارف محارب أحد سكان الحي قائلا إن "لجان التخطيط كانت منحازة بشكل كبير لنير تسفي، لم تعمل من منطلقات مهنية. لقد نجحنا في المحاكم حتى الآن، والمرحلة القادمة ستكون في المحكمة المركزية أو في محكمة العدل العليا. هذا جدار يسيء بشكل تدريجي للحي ولا نريد إعطائهم مصداقية لبناء جدار بمكان آخر. القضية كبيرة وأعتقد أنه إذا فشلنا هنا سيبنون جدران كهذه في أماكن أخرى أما إذا نجحنا في نضالنا ضد جدار اللد العنصري فإنهم سيفكرون مرتين في بناء جدران بأماكن أخرى. الشرطة أساءت كثيرا للحي فهي لم تفعل شيئا من أجل محاربة الاتجار بالمخدرات. وقد أيدت الشرطة بناء الجدار ونسيت أنه كان لها الدور الأكبر في انتشار المخدرات في الحي".
وأضاف محارب أنه "لو قارنّا بين نسبة الأكاديميين في حي شنير ونير تسفي لوجدنا أنّ نسبة الأكاديميين أعلى بكثير في حي شنير ولا أتحدث من فراغ إنما من خلال إحصائيات. نسبة متعاطي المخدرات في نير تسفي أكبر بكثير من نسبة المتعاطين في شنير. لست متأكدًا ما إذا كانوا في نير تسفي مقتنعون بالافتراءات والاتهامات التي يطلقونها علينا أم أنهم يقولوها فقط من أجل لتغطية عنصريتهم".
إبراهيم الطوري: الحي أصبح أشبه بسجن
وشكا إبراهيم الطوري أحد سكان الحي من أن "الجدار يخلق فصلا رمزيًا فقط ولا يمنع هذا الجدار أحدا من التسلق لأنه ما زال جدارًا جزئيا ليس امنيا طوله فقط 1.5 كيلومتر فقط. فيما لو استمروا ببناء الجدار فسيحدث الفصل. لقد بات المكان أشبه بسجن، حجبوا عنا الهواء وجميع المناظر الطبيعية".