بقلم : عصام عرابي* ... 14.07.2010
لا زالت معاناة اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل تتواصل, ولا زال الصمت تجاه معاناتهم و سيد الموقف, إذ لم يحرك مسؤول فلسطيني أو عربي أو دولي ساكنا إلى الآنً لرفع الظلم عنهم, ولا زالت نداءات الاستغاثة من أطفالهم ونسائهم وشيوخهم تتواصل بانتظار أن تصحوا ضمائر المسئولين النائمة من غفوتها, وتفعل شيئاً لإنقاذهم من الضياع والتشرد والجوع والمرض, وستظل دائرة شؤون اللاجئين – حمــاس, ترفع صوتهم, وتنشر استغاثتهم حتى يجد المسئولون في البرازيل, والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في البرازيل, والمنظمات حقوق الإنسان والنظام الرسمي العربي لهم حلاً إنسانياً يضع حداً لمأساتهم.
للأسبوع الثاني على التوالي تواصل عوائل اللاجئين الفلسطينيين من أطفال ونساء ومرضى وأحدهم بحالة خطرة, يواصلون اعتصامهم أمام مقر السفارة الفلسطينية في البرازيل, دون أي مبالاة من أحد أو اتخاذ أي جهة للخطوات اللازمة على سبيل إنهاء معاناتهم بما فيهم السفارة الفلسطينية في البرازيل.
هذا ليس بجديد لأن هذه العوائل مشردة ومعتصمة وضائعة في الشوارع منذ 8 أشهر استجارة فيها القريب والغريب بلا جدوى، لربما أن صوت المعتصمين ليس قوي بما فيه الكفاية ليصل إلى الأخوة المسئولين وأصحاب الجلالة والسيادات والفخامة، ولكني أعتقد أن المعتصمين لا زالوا من أبناء الشعب الفلسطيني و لازالوا فلسطينيون و لازال لهم الحق أن يلتفت أحد لمعاناتهم, ولو قسنا حجم المعاناة فما هو قائم اليوم على الأرض هو المأساة بحد ذاتها والنكسة والنكبة كذلك، ومن المفروض أن يتم التعامل على حسب الوضع الإنساني وما يتطلبه.
الضياع في الشوارع هي كلمة يعرف معناها من يجلس ليل نهار يواجه قدره تحت الحر والبرد، بالجوع والمرض، ومن يجوب الطرقات مسافات ومسافات مشياً على قدميه منكسراً ذليلاً، من يمرض أبناءه وهم نيام الخيم الحقيرة, خيمة بطول متر واحد وبنفس العرض, ما لنا إلا أن نقول "حسبنا الله ونعم الوكيل".
وحال السفارة الفلسطينية في البرازيل بأن "ليس لكم حل" !! وهذا ليس بغريب فالسفارة الآن تقول شيئاً وتشيع شيئاً، فالرد الرسمي للسفارة على المعتصمين أنها لا تملك لهم شيئاً على الإطلاق ومن جهة أُخرى يشيعون أنهم عرضوا على المعتصمين العودة إلى غزة ورفضوا ذلك لأن المعتصمين يريدون الذهاب إلى السويد !!!
لا يا سفارتنا, فالأمور لا يجب أن تضل محطة للمراوغة والتلاعب، تسلمتم منا طلبات رسمية موقعة خطياً نطالب فيها بالعودة إلى الوطن، طلبات واضحة وصريحة ليس فيها طمس بتاتاً ولم تكن تحتوي غير هذا المطلب، هل أصبح الوطن هو السويد؟ كفاكم تلاعب بنا كفاكم إجراماً بحقنا، بحق نساء وأطفال ومرضى ومسنين، ضقنا ذرعاً من تشويه الحقائق، ضقنا ذرعاً من الكذب والمراوغات، نحن لا نرفض العودة إلى وطننا بل هو مطلبنا.
لماذا نرى الواقع ونحرفه؟ لماذا نرى الذُل والمهانة ونرتضيها لبعضنا؟ لماذا دموع أطفالنا رخيصة ؟ ودمائنا مستباحة وآلام وعذابات مرضانا ليست محط اهتمام لأحد ولا تهز إحساساً أو ضميراً لدى أحد، لماذا ؟
فالحاجة صبحية البالغة من العمر 61 عاماً من عمرها تقول وهي جالسة على حافة الرصيف أصبحت حياتنا على أطراف الطرقات، أصبحنا بالفعل متشردين كنا في المخيمات على الأقل نحمل هوية تثبت أننا لاجئين فلسطينيين لنا حق في يوم من الأيام سنحصل عليه, ثم إخراجنا من المخيمات على أساس الحفاظ على كرامتنا وإعادة تأهيلنا لحياة كريمة كالبشر ففقدنا كل حقوقنا واستبدلت كلمة لاجئ فلسطيني بكلمة متشرد فلسطيني!! أصبح حالنا كما يرى العالم كله على أطراف الطرقات فقدنا الاستقرار فقدنا الأمان والطمأنينة، بالله عليكم يا أصحاب الضمير الحي يا إخوتنا في جميع الفصائل الفلسطينية إلى متى نستمر على هذا الوضع وهذا الحال والكل يخلي مسؤوليته، نحن نواجه الضياع والتشرد من شارع إلى شارع ومن رصيف إلى رصيف أنا مريضة و لي اثنين من الأبناء مرضى ما المُنتظر منا الموت على أطراف الطرقات !!
أما المريض لؤي الذي يعاني حالة سيئة وخطرة من المرض لانسداد الرئة لديه والذي يتنقل من شارع إلى شارع ومن رصيف إلى رصيف بصحبة أدوات الأوكسجين، فيقول لم أشعر بأننا ننتمي لأحد فلو اعتصمت عوائل من جنسيات أُخرى أمام سفارة بلدهم لما تُركوا بين السماء والطارق، أحياناً نقنع أنفسنا أن صوتنا لم يصل لأحد وأن السفير عندما يأتي صباحاً ويخرج عصراً لا يرانا كي نهون الواقع على أنفسنا، يعني مريض مثلي لا يستطيع المشي بمثل وضعي بالإعاقات التي أُعانيها أنام على بطانية وكأنني نائم على الأرض، نواجه أخطار الشوارع البرازيلية الغير آمنة من متسكعين والسكارى واللصوص, و يضيف لؤي أنه خلال الأيام القليلة المقبلة إذا استمر الوضع على ما هو عليه سأكون أول المضربين عن الطعام حتى الموت فلم تُترك لنا خيارات أُخرى.
أما زينب خليل والدة الطفلين الصغيرين نيفين البالغة أكثر من أربعة أعوام ونصف والطفل رامي البالغ سنة وتسع أشهر، تتحدث عن معاناة أطفالها وتقول أطفالي فقدوا طفولتهم، فقدوا حياتهم كأطفال كسائر الأطفال في العالم من حقهم بيوم سعيد من حقهم أن يناموا ليلة هادئة بعيدة عن أصوات الدرجات النارية والمفرقعات التي يتم إلقائها بالقرب من خيمنا على أطراف الطرقات ففي أحد الأيام إحدى البرازيليات مرت بسيارتها ثلاث مرات وهي تشتم العرب والمسلمين بشتائم بذيئة، و أحد المتسكعين وفي الساعة الثالثة فجراً ونحن نيام، ومن الواضح أنه كان تحت تأثير الكحول لدرجة أنه لم يرى الرصيف فصعد عليه حتى تبقى بين سيارته وخيمتنا مسافة بسيطة حتى يسحقنا لولا ستر الله لقضى علينا، نستحلفكم بالله يا من بقي لديكم الشرف والإحساس والضمير لينظر لنا أحد، ليرأف لحال الأطفال، للمرضى، جُلبنا من المخيمات للضياع في الشوارع، أين نحن وأين هذه الحياة؟ أطفالنا تضيع أطفالنا تتشرد والكل يتفرج علينا ، حسبنا الله ونعم الوكيل ..