بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 01.07.2010
الفلسطينيون الذين صمتوا على حصار "أبي عمار" داخل مكتبة في المقاطعة في مدينة رام الله، هم أنفسهم الصامتون الآن على حصار غزة، والشخصيات السياسية الفلسطينية التي كانت تدلي بتصريحات علنية؛ تطالب فيها فك الحصار عن الرئيس أبي عمار، واحترام مشيئة الشعب الفلسطيني، بينما في الخفاء كانت تلتقي مع الإسرائيليين، وتنسق معهم، وتواصل التنقل والسفر والحركة، هؤلاء هم أنفسهم الذين يقولون اليوم: يجب فك الحصار عن غزة، وينتقدون العقاب الجماعي الواقع على الشعب الفلسطيني، ولكنهم يواصلون لقاءهم مع الإسرائيليين، وكأن حصار غزة لا يخصهم، فالذين تآمروا على "أبي عمار" هم أنفسهم الذين يتآمرون على غزة، والذين فرحوا وغنوا في سرهم لتصفية أبي عمار، هم أنفسهم الذين ينتظرون اللحظة التي تنكسر فيها حماس، ويسقط سيف المقاومة في قبر الاستسلام، ليرقصوا طرباً.
لو لم تجد إسرائيل بين قادة الفلسطينيين والعرب من تثق فيه لما تجرأت على حصار أبي عمار، ولما أقدمت على تصفيته بالسم، ولو لم تجد إسرائيل بين قادة الفلسطينيين والعرب من هو على استعداد للتعاون معها حتى النهاية لما تجرأت على حصار غزة، وسعت من خلال الحرب العسكرية إلى تصفية المقاومة، ولو فشلت إسرائيل في تصفية أبو عمار قبل ست سنوات لما تشجعت في محاولتها الفاشلة لتصفية المقاومة. وبالمنطق ذاته يمكن القول: إن فشل إسرائيل في حصار حماس، وتصفية المقاومة سيضع يد الشعب الفلسطيني على كتف من تآمر على أبي عمار. وإن انتصار غزة، وصمودها في وجه الحصار يعتبر انتصاراً على كل المتخاذلين الذين صمتوا، أو باركوا، أو شاركوا في حصار أبي عمار في المقاطعة.
لقد عقد مؤتمر القمة العربي في لبنان على بعد أمتار من مدينة رام الله؛ التي كان يحاصر فيها "أبو عمار"، ولم يجرؤ رئيس أو ملك عربي على المطالبة بفك الحصار عن زميلهم المحاصر، بل قدم العرب مبادرة سلام عربية رداً على التعنت الإسرائيلي، مبادرة سلام عربية لم تعجب إسرائيل، فما دامت تحاصر وتقطف الثمر، وتفرض ما تشاء، فما عليها إلا أن تفرض مزيداً من الحصار لتحصل على مزيد من المبادرات، والمكاسب السياسية، وها هي اليوم تحاصر غزة وتنتظر المكافأة من مؤتمر قمة عربي، مؤتمر قمة عربي يعدل من مبادرة السلام العربية بما ينسجم وفترة صعود اليمين المتطرف، لأن قرارات مؤتمر القمة العربي الذي سعى لإرضاء شارون سنة 2002، لن ترضى ليبرمان وأيالون سنة 2010.