بقلم : ريم عبيدات ... 25.08.2010
أيّ كلفة تلك التي نضطلع بها خلال حياتنا المختلفة إثر الخفوت الروحي والنفسي والتأملي؟ وهل تستحق المحصلة النهائية كل ما نفعل من أجلها؟ وأيّ حياة تلك التي تضيق بأهلها حد الاختناق؟
لو تأملنا في مشهدية الحالة الصحية لمجتمعاتنا، ونظرنا إلى بنية الأمراض النفسية والجسدية التي تلتهمنا، وتلتهم الكثير من الوقت والجهود المختلفة للمجتمع والدولة ومنجزاتها مثلاً . ولو نظرنا بشيء من التحليل لأرقام الحوادث القاتلة وغير القاتلة التي تزخر بها صحفنا، ناهيك عن الدراسات المتخصصة وأقسام الإسعاف والطوارئ، ولو فكرنا بشيء من العمق في سوية الحياة التي نعيش، وراجعنا سوياً التقارير العلمية لحالتنا المعرفية وإنجازاتنا التنموية، وبنية الإنتاج والانجاز، وانشغال الناس طوال الوقت، والشكوى اللامنتهية من ضيق الوقت، وضيق القدرة وضيق الحياة، وضيق الطرق والحالة العامة للحياة، لو فعلنا ذلك كله، فإن الكثير من التحليلات تزفر .
في تأمل تفاصيل المشهد اليومي لحياتنا، الكثير من الأفكار التي تستحق وقفات تأملية جادة مع أنفسنا وحياتنا والآخرين وبالذات في رمضان . فالشهر المنذور أصلاً للذات والمخصص لشيء من النمو المتفرد لروحانية وطهرانية تقينا أول ما تقينا من انتشارنا كالفطر خارج أرواحنا، الذي لا تجود به أوقات أخرى، يصبح في سلوكنا المبالغ في قشريته وانتشاره المطلق على السطوح أكثر الأوقات ابتعاداً عن هذه الذات وأكثرها إيغالاً في تزاحم الأحداث من حولنا وتراكم الشتات والغباش، ليصبح تعاملنا مع المقاصد مثيراً للحزن .
مثير للحزن مشهدنا التسوقي والذي تفيض بانتقاده وتحليلاته الصحف ووسائل الإعلام، من دون أي تغير، ومن دون توقف لمتابعة ذواتنا المتسربة من بين أيدينا إلى آفاق من الاستهلاك الجنوني، الذي نطارد عبره خيطاً من السعادة المحلومة والمتخيلة .
في كل مرة أتأمل كيف نمضي نهاراتنا انتظاراً للمغيب، وأتأمل كم الحاجيات التي نتفتت لجمعها من أركان أسواق مدننا المختلفة، ثم أتأمل مصيرها المحزن، ومصير حيواتنا الضائعة وراءها وفي شرائها وفي جمع الأموال التي تشتريها، ثم في تجهيزها، تتقافز الأحزان متسارعة حول كم التعاسة الذي يسلبنا من تفاصيلنا الإنسانية المختلفة . . ويصلبنا كجذوع الشجر الجافة من دون ماء أو ندى . . أشعر بتفلت المعاني وتكسر القيم على نصال الحياة .
أليست مثل هذه المشهدية حَريّة بالتوقف ولو للحظة وتأمل خواطرنا ونفوسنا العطشى التائقة للكثير من السمو بعيداً عن عالم أرضي مشتت للروح والذات بمشاغباته اللامنتهية؟