بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 14.4.07
" لا تظن انني في السجن العادي, انا هنا مسجون على شاطئ غزه: البحر امامي وغزه وراءي واسرائيل وراءغزه", بهذه الكلمات الحزينه والثقيله ختم احد الاخوه رسالته اللتي وردتني على بريدي الالكتروني قبل فتره من الزمن و منذ ذلك الحين وهذه العباره لم تفارق ذهني, وهذه العباره هي بداية قصة طويله او جزئيه صغيره من خيط الماساة الفلسطينيه منذ بداية السطر الاول في سجل لم ينتهي من تسطيره المؤرخين في صفحات التاريخ البشري والعربي بعد, وكلما ظن احدا واهما ان الروح الفلسطينيه تركت الجسد,, يكتشف ان الجسد المسجى عنيد يرفض الدفن ويُعاند من يحاولون دفنه حيا وهم عاجزون تماما عن دفنه وعن اقامة بيت عزاء ينهي القضيه برمتها بتقرير يُرفع الى هيئة الامم الانسانيه المندثره او جامعة الجثث العربيه!!..كلما نًصبُوا شرك بيت العزاء,, نهض الجسد الفلسطيني وانبعث من جديد وولول وهلل وهتف من جديد وبصوت الواثق من غزه الى بيروت شعب واحد لن يموت... وسرعان ما ينفض الواهمون المشاركون في العزاء والماكثين في كفن الحياة الرخيصه والذليله,, سرعان ما يتيقنوا من استحالة دفن الحق الفلسطيني لا بالرصاص ولا بالطائرات النفاثه ولابل بالمؤتمرات ولا بمؤامرات الصمت والحصار والتجويع.....حتما سينتقل الفلسطيني من سجنه الى الحياة الكريمه اجلا ام عاجلا, بينما العاجزين والساقطين انسانيا قد انتقلوا فعلا وحقيقه منذ امد الى جوار ربهم ونحسبهم امواتا احياءا على الدنيا وعبئ على الكرامة الانسانيه!!.... ايها الفلسطيني المسجون على شاطى غزه وغزه لا تحزن لانك مشروع حياة لا يتعّفَن,,,, انك ينبوع الحياة اللذي لاينبض ولا يربُض على اربعة راكع تحت وطأة حياة وكرامة مسلوبه لحاكم يعيش في برج عاج او بيت طائر.... انك ايها المسجون[ السجين] طائر نورس يحلق في افاق وطن احتلت سماءه الغربان وارض تحكمها الاحتلالات ولا اقول لك احتلال او احتلالين لابل الاحتلالات التي حرمت البشر من لفحة نسيم شرفات وشواطئ الوطن!!! الم اقل لك لا تحزن؟ ولا تموت غما ولا حزنا على سجنك النبيل وصمودك وشموخ النخيل اللذي تمارسه يوميا منذ قرن من الزمن,,,حين سكنتك العزة والكرامه في سجنك الصغير ومخيمك وحارتك ووطنك ومنفاك وافاقك الوطني الواسع والشاسع, بينما الكرامة هجرت امة في وطنها الكبير التي رست على شواطئه سفن الدمار الغربي وحطت على ارضه طائرات الغدر والدمار تحمل حمولة الموت وليست الامان لشعوب قدمها الحاكم والقصاب العربي قرابين فرادا افرادا وجماعات جماعات على مذبح التاريخ الى ان صارت الاف النعوش والثوابيت امر يومي وعادي في بغداد الرشيد والعراق العريق, وإالى ان اصبحت طوابير الفلسطينيون الخارجون من كانتوناتهم على حواجز الاحتلال الاسرائيلي خبر عادي ولا يحتاج للتعليق في نشرات الاخبار الناطقه بالعربيه واللتي تبث لمجتمعات بين الحياة والموت وكأنها رضيت بمصيرها البائس واليائس!!....كيف حول الطغاه الناس الى مجرد جثث او اكوام لحم تتكور امام شاشات التلفزه دون ان تتضامن او تتفاعل مع محيطهه!؟.. سؤال يحتاج لنظرة عميقه وجذريه وليست لمجرد وجهة نظر تبرر الواقع ومن ثم تمضي في سبيلها الى تبرير الحدث القادم!!
هذا السجن الفلسطيني بكل مركباته الجغرافيه والانسانيه والاقتصاديه هو سجن سياسي بالدرجه الاولى, وهو سجن كثرت سجانيه وجلاديه من اسرائيل ومرورا بطبقة الانتهازيين والانبطاحيين من الفلسطينيين و حتى امريكا ومشتقاتها من عرب الرده وغيرهم,,.. هذه الاطراف مجتمعه اقامت السجن الفلسطيني السياسي وشرعنت قوانين الظلم والحصار, وكانت وما زالت بمثابة الحاكم والجلاد لابل الجلاديين الاسميين والموضوعيين ومشتقاتهم من من فقدوا حتى معالم الكرامه الانسانيه وما اكثرهم في اطار جغرافيا وخارج جغرافيا فلسطين,, وكان لي ان اقرأهذا الاسبوع في احد المواقع المواليه للسلطه الفلسطينيه تبرير ما يسمى بمستشار الرئيس الفلسطيني ورده على الاهانات المتتاليه للمستشاره الالمانيه للشعب الفلسطيني[ ميركل] خلال زيارتها لرام الله, وكان التبرير مخزيا وانبطاحيا الى درجة ان يُكذب المستشار المزعوم ماورد في المؤتمر المشترك بين عباس وميركل في رام الله والتي نُقل على الهواء حيا:: حيث طالبت المستشاره الالمانيه باطلاق صراح الجندي الاسرائيلي الاسير ولم تنطق بكلمه واحده حول مصير اكثر من سبعة الاف اسير فلسطيني في السجون الاسرائيليه لابل ملايين من الفلسطينيين في سجن غزه والضفه الكبير!!... مش معقول ان يكون الانبطاح والانحطاط السلطوي الفلسطيني الى هذه الدرجه,, ولكنه وصل الى هذه الدرجه الذي يبرر فيها الانبطاحيون مسلكية من يباركون سجن الشعب الفلسطيني ويرفضون زيارة الجدار العنصري,و ومن ثم يحصلون على دكتوراه فخريه من اسرائيل[ ميركل رفضت زيارة القدس الشرقيه وذهبت للقدس الغربيه وحصلت على شهادة دكتوراه فخريه تقديرا لوقوفها بجانب الاحتلال الاسرائيلي!!]!!
ليس هذا فقط لابل اننا امام حالة توطين الاهانه والقبول بمسلكية الاحتلال وعكاكيزه وتبريرها وجعلها جزء لا يتجزأ من الواقع الفلسطيني الموبوء بقياده فلسطينيه تعدت كل الحدود في انبطاحها وتبريرها لسجن الشعب الفلسطيني,, واسترخاءها وتعايشها مع هذه الحاله السياسيه الانبطاحيه ذات العواقب الوخيمه على الشعب الفلسطيني الذي يعيش سجنا سياسيا يحرسه من الداخل قوى انتهازيه وانبطاحيه ومن الخارج اسرائيل وامريكا وانظمة الحكم العربيه!!
السجن السياسي والجغرافي الفلسطيني اكبر بكثير من اختزاله في قضايا الراتب وتشكيل الحكومات الفلسطينيه ومبادرات الوهم العربيه ولقاءات عباس اولمرت والمؤتمرات والمبادرات الامريكيه الكاذبه وخارطة طريق بلا طريق و ولا حتى منفذ او معبر فلسطيني حر بين رام الله ومحيطها السكاني والقروي, والحديث يدور عن اللاجئين وكأنهم بضعة الاف وليست ملايين يتدبر امرهم زمن ضائع او قادم او مبادره سعوديه امريكيه تحاول شراء ذمم اللاجئين الفلسطينيين بالمال وذلك بالرغم من ان القضيه الفلسطينيه برمتها هي قضية لاجئين بالاصل وليست قضية تشكيل حكومه وتبرير الانبطاح الفلسطيني كما هو جاري اليوم.... السجن السياسي الفلسطيني كبير وشاسع وملفاته شائكه وكثيره والسلام والعدل المزعوم يبدو انه صرح بعيدا حيث اصبح من الصعب التلويح له في افق التيه السياسي,,, وا الرئاسه الامريكيه وخارطة كذبها الحاليه تُعتبر منتهيه سياسيا وزمنيا بعد وقت وجيز!!!..... وانطُر يا بعير حتى يأتيك الشعير!!!! وعودعلى بدء....انهم الفلسطينيون هنا وهناك على شاطئ غزه وغزه ورام الله مسجونون والبحر والجبل امامهم واسرائيل وامريكا وعرب الرده يقفون وراء دائرة الحصار الاولى وفي حصن دائرة الحصار الثاني والسؤال المطروح::: من سيخرج الشعب الفلسطيني من سجنه السياسي والجغرافي!!؟