بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 15.05.2010
ما إن رأوا اليهود حتى تبرز العرب في ملابسهم، نحن قبضة من الرجال، كنا نركب في سيارة واحدة، استطعنا أن نحتل قرية عربية بأكملها. هكذا كتب "يزهار سملنيسكي" في صفحة 78 من كتابه أربعة قصص، نشرها بالعبرية في تل أبيب سنة 1962. لقد ابتدع الكاتب اليهودي بطولة زائفة، وواصل بوعي منهجي سياسة الكذب، والإيهام بأن العربي جبان، وأن شخصية اليهودي "رمبام"، تعود من التاريخ، وتصنع البطولة اليهودية من جديد، ليكمل الأدب الصهيوني المؤامرة التي حيكت ضد شعب أعزل في ظلام.
لقد ابتدع اليهود سياسة التخوين، وإثارة الشك في العربي، وأنه جاهز للتعامل مع اليهود مقابل المال، والتجسس ضد قومه، وابتدعوا سياسة التخويف، وشن الحروب النفسية الهادفة إلى تشريد المواطنين العرب من ديارهم، بعد ترويعهم، فقد استعملوا السيارات المزودة بمكبرات الصوت، لتذيع تسجيلات مرعبة؛ فيها الصراخ، والعويل، والأنين المكروب للنساء العربيات، يقطعها صوت مخيف يصدر من أعماق القبور العربية ، ينادي على العرب:
" يا جميع المؤمنين أنقذوا أرواحكم ! أهربوا وانجوا بحياتكم!
اليهود يستعملون الغاز السام ، والأسلحة الذرية !
أسرعوا في الفرار .. ناجين بأنفسكم على اسم الله!!
ما سبق من نداء تخويف جاء في كناب تهويد فلسطين للدكتور إبراهيم أبو لغد، نداء ترافق مع قتل وذبح، وأنشطة يهودية إعلامية بين أوساط القرى العربية، أسهم فيها بعض الوجهاء، والعملاء، المندسين، بهدف ترحيل الفلسطينيين، والاستيلاء على الأرض الذي تحقق بالتدريج، وبالتنسيق مع القوات البريطانية قبل جلائها المعلن في 15/5/1948.
لقد كشف المؤرخ الإسرائيلي "أوري ميلشتاين" عن عملية المكنسة التي استمرت عشرة أيام، تم خلالها تهجير العرب من سهل "الحولة"، وقد كان أحد أقطاب عملية التهجير الوزير "رحبعام زئيفي" ـ الذي تمت تصفيته على يد الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى.
اكتملت نكبة الفلسطينيين مع تهجيرهم عن أراضيهم بالقوة اليهودية المسلحة، وبالمؤامرة الدولية، وبانقسام الزعامات المحلية، وتخاذل ملوك العرب، وباختلال موازين القوى لصالح الإمبراطوريات المتحالفة مع اليهود.
اثنان وستون عاماً على نكبتنا، وصرختنا التي ما زالت تدوي في الآفاق، حتى جاءت حرب غزة لتفشل سياسة التخويف، وتبطل مفعولها، وأزعم أن تحقق الوحدة الوطنية على برنامج المقاومة المسلحة للغزاة سيفشل سياسة التخوين، وسيعزز لدينا ثقتنا بأنفسنا، وبقدرتنا على مواجهة عدونا، وبمهارتنا في معاودة تصنيع الخوف، وتطويره، ومن ثم تصديره إلى عدونا "إسرائيل" الذي اغتصب كل وطننا فلسطين أمام أعيننا.