بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 25.09.2010
لا استبعد تحقيق المصالحة الفلسطينية في هذه المرحلة، هذه حقيقة، وليست أمنية ينام ويصحو عليها جميع الفلسطينيين، لأن الأحداث الجارية تستحث كل ذي عقل أن يتدارك الأمور التي استوت على عودها، وأوشكت على السقوط. والسياسي العاقل من يتدارك الخطأ، ويدرأ الخطر، ويعمل على ترميم هذا الواقع الذي لا ناقة فيه لحركة حماس كي تحلبها، ولا بعير فيه لحركة فتح كي تمتطيه.
إن ما دون المصالحة لهو الانكسار الفلسطيني، هذه الشظايا التي يجب أن تشكل المرآة المعلقة في صالونات السياسة في رام الله وغزة، لتصفع وجوه الساسة بمنظرهم المبعثر صباح مساء، وهي تكشف عن ضعفهم رغم إدعائهم القوة، وتفضح انشطارهم الذي شوه صورة الفلسطيني الذي ما زال قادراً على ترطيب وجدانه، وترميم جدرانه من التآكل.
لذا؛ لن أفترض عدم جدية السيد محمود عباس في السعي إلى المصالحة، وأن موافقته على لقاء وفدي حركة فتح وحركة حماس في دمشق قبل يومين من انتهاء القرار الإسرائيلي القاضي بتجميد الاستيطان، قد جاء من باب المناورة، والتلويح بالبدائل الفلسطينية في حالة تواصل البناء في المستوطنات. وحتى لو كان هذا الافتراض صحيحاً، فإن من حق السيد عباس أن يوظف كل طاقته لتحقيق أفضل شروط التفاوض الذي اقتنع فيه، وصدقه!.
وكذلك لن أفترض عدم جدية حركة حماس في الوصول إلى المصالحة، وأن موافقة قادتها على لقاء دمشق قد جاء من باب المناورة، وتفادياً لحرب قد تشن على غزة أقسى وأقصى عنفاً من حرب الرصاص المصبوب، ما انفك قادة الصهاينة يهددون فيها، ويلوحون بقربها، وسط صمت عربي، وانقسام فلسطيني. وحتى لو كان هذا الافتراض صحيحاً فإن من واجب حركة حماس العمل الدءوب على تجنيب غزة مزيداً من الحصار والدمار.
ولكنني سأفترض: أن ثلاث سنوات من الانقسام الفلسطيني قد أوصلت الجميع إلى النتيجة ذاتها، والتي تقول: إنني بدونك يا أخي صفر في الحرب وصفر في السلام، وإن الكيان الصهيوني هو الوحيد الذي يقطف ثمر الانقسام، ومن هنا جاء لقاء وزير المخابرات المصرية السيد عمر سليمان مع السيد خالد مشعل في مكة المكرمة وفق دراية بالحالة الفلسطينية، ولم يتم بالصدفة، وإنما هنالك أطراف عربية حريصة على المصلحة الفلسطينية، رتبت اللقاء، وشاركت فيه، وهي التي اختارت دمشق لاحتضان لقاء وفدي فتح وحماس كأصدق تعبير عن الإرادة العربية في الخروج من حالة الانقسام، وكأفضل رد فلسطيني يؤشر على فشل المفاوضات مع الإسرائيليين، ويعلن عن بداية مرحلة سياسية جديدة لا يحدد معالمها طرف فلسطيني واحد، ولا تحكمها مصالح من لا يخاف الله في المصلحة العليا للشعب الفلسطيني.