بقلم : أيمن اللبدي ... 28.09.2010
ما تسربه الصحافة الصهيونية هذه الأيام فيما يتعلق بقصة انتهاء مهلة تعليق النشاطات الاستيطانية الحكومية، يكاد ينحصر جوهره في وصفة ذهبية تتيح لنيتينياهو أن يستمر في الأمرين معاً، أي يستمر في تنفيذ برنامج يخص في الواقع إستراتيجية صهيونية قائمة أيا كانت طبيعة حكومة هذا الكيان، وفي ذات الوقت تنفيذ برنامج حزب ليكود المعروف سلفاً على لسان قادة هذا الحزب الذي يقوده نتينياهو الآن بدلا من آخرهم شامير، الذي أعلن أنه سيفاوض عشرات السنوات دون أن يتوقف ، ليس لأنه يؤمن بأن «الحياة مفوضات»، وليس كذلك لأنه يعتنق «لا بديل عن المفاوضات، سوى المفاوضات»، ولكن ببساطة لأنه يحقق في ظل المفاوضات مئات أضعاف ما قد يستطيع تحقيقه في غيابها، ولذا فهم هناك مرتاحون حتى وهم يبحثون عن الصيغة الذهبية لهذه الوصفة السحرية.
ثمة أسباب أخرى كثيرة تتيح لنتينياهو أن يكون منشرحاً ومتأكداً تماماً من سيطرته على هذه اللعبة طيلة الوقت، حتى في تلكم الأوقات التي يبدو فيها أن ثمة من يصدر ضجيجاً بأصوات مختلفة في مقاطعة رام الله أو حتى في الشوارع المجاورة لها، السبب بسيط أيضا كونه متأكد أن هؤلاء جميعاً سيكونون أمام طاولة موظف صغير في إدارته العسكرية التي خصصها تحت اسم «الارتباط» للحصول على خدمة شخصية لهم أو لعائلاتهم، وعن طريق بعضهم الذين هم في موقع رفيع من مواقع السلطة أو حتى في اللجنة المركزية لحركة عباس، ومهما كانت هذه الخدمة بسيطة أو معقدة تماماً فالمهم أنه متأكد من وصول موظف رفيع من قبلهم إلى موظفه الصغير في مساء اليوم نفسه، حاله أشبه بحال بعض مخاتير الأحياء في توفير علاقات مصلحية لبعض الموظفين أو الشخصيات، من خلال مقر الحاكم العسكري الصهيوني وتاليا في ذات المقر بعد تغيير اسمه إلى مقر الإدارة المدنية الصهيونية عقب اتفاقية «كامب ديفيد 79» مع مصر.
إذن في جانب نتينياهو لا يوجد قلق كبير ولا حتى أدنى إحساس بأن ثمة ما يمكن أن يكون طارئا فعلاً، وباستثناء مادة تجنب إغضاب أوباما لأنه رئيس الولايات المتحدة وهي «الحليف الأكبر» و مصدر الهواء الذي تتنفسه الحركة الصهيونية، لا يوجد شيء مفزع في هذه الصورة سيما وأنه استدرج هذا الكاوبوي المستورد إلى ما رفضه الكاوبوي الأصلي قبل نصف قرن في قصة يهودية الدولة، ولذا فلا غضاضة أن يجتهد للحصول على وصفة سحرية تنقذه من إحراج أوباما الذي يبدو أنه في نهاية الأمر سيستجيب لكل ما تعرضه حكومة نتينياهو إن أخذت هذه المطالب وقتها، وإن انتظرت حكومة نتينياهو خطوة جماعة عباس المعلومة لديهم سلفاً وعندها لن يجد أوباما أن غضبه مجدياً أو محقاً فيما قادته هواجسه له، والصحافة إياها تقول له منذ اليوم وهي تحضره للخطوة التالية: لماذا تكون ملكياً أكثر من عباس ؟!
يتمنى نتينياهو أن تأتي هذه الوصفة التي يبحث عنها من عباس نفسه ولجنة متابعته العربية التي أعلن عن انعقادها يوم الرابع من أكتوبر، وأظن أنه يراهن على أنها حتماً ستأتي من هناك لذا فهو ليس قلقا وإن تظاهر مكتبه بشيء من هذا القبيل، في وصفات من هذا النوع استهلكت قصة المفاوضات على نوعيها اليدوي «غيرالمباشرة» ،والأوتوماتك «المباشرة» ، وبما أن المواطن العربي قد يمل من الإعادة، فبالقطع ستكون المهمة لغوية أكثر منها مقاربة جدية، ولأنها كذلك نقترح على هذه اللجنة العتيدة أن تأخذ الوسط، انتصاراً لوسطية هذه الأمة بين الأمم، ولتوافق هذه المرة للتمديد لنتينياهو مسرحيته التي يجيدها، تحت تسمية «نصف مباشرة» حتى ضرورة قادمة.