بقلم : عاطف زيد الكيلاني ... 02.10.2010
نتفق جميعا ، بأن الجامعة في أيّ بلد هي الحاضنة الأكثر تأثيرا في تحديد ملامح مستقبل الشباب ، وبالتالي مستقبل الشعب ... أعني ، أن مستقبل أيّ شعب يبنى ويتطور وتتحدد ملامحه في الجامعة ، بما هي رافعة أساسية من روافع تشكيل الشخصية ( الأردنية في حالتنا ) الوطنية والإجتماعية والمهنية ... ومن هنا ، ليس من المسموح إطلاقا العبث ( وتحت أيّ مبرر ) بالأنماط السائدة للعمل الطلابي في الجامعة ...
مناسبة هذا الحديث هو ما طالعناه جميعا على أحد المواقع الإلكترونية ( الرائدة ؟ ) حول اجتماع لطلاب إحدى الجامعات من إحدى العشائر الأردنية الكبيرة ( والتي نجلّها ونحترمها ونقدرها ) ... اجتمعوا ، وانبثق عن الإجتماع ( اختيار مجلس يمثل العشيرة أمام الأطياف الطلابية في الجامعة ويدير شؤونهم المتعلقة في الساحة الطلابية )... وما بين القوسين هو اقتباس من نصّ الخبر ...
إذن ، نحن أمام ما يبدو أنه ظاهرة جديدة ستغزو جامعاتنا ، وهي تشكيل كتلة طلابية لكل عشيرة كبيرة ( أو ربما تحالف عشائر صغيرة ) ، لتخوض الإنتخابات لمجالس الطلبة ولتكون بالتالي بديلا لها ، مع كل ما سيرافق هذه الظاهرة من عصبيات عشائرية وجهوية وإقليمية ...
العشيرة المعنية اعلاه من شمال الوطن ، وغدا أو بعد غد ستفرّخ عشرات التجمعات العشاشرية ، ليس في جامعة واحدة ، بل في كل أو أغلب الجامعات الحكومية والخاصّة ... وسيكون منها عشائر من الشمال ومن الجنوب ومن الوسط ... وربما من شرق النهر وغربه ... ومن عشائر الشيشان والشركس والأرمن والشوام والحجازيين ... وهذا بالضبط هو ما يسمّى بالعودة الى عصر ما قبل قيام الدولة المدنية ...
وبعد تكوين هذه التجمعات الطلابية العشائرية ستنشأ بالتأكيد تحالفات بين بعضها ضد البعض الآخر ، وسنسمع ونرى وقتها ، أن تحالف طلاب عشائر الجنوب يخوض الإنتخابات الطلابية ضد تحالف مكوّن من طلاب عشائر الشمال ...وأن تجمع طلاب الأرمن انحاز الى تجمع طلاب عشائر الجنوب ، بينما الحجازيون كانوا مع ( تحالف الشمال ) ، ويا قلب لا تحزن ...
ومن يدري ؟ فلربما تتطور الأمور الى أن تتفتق أفكار أخرى ، كتكوين تجمع طلابي مسيحي ، يقابله تجمع طلابي مسلم ... والمسيحيون في بلادنا مذاهب وكنائس متعددة ... فهل سنرى تجمعا كاثوليكيا وآخر أرثوذوكسيا وثالث إنجيليا مثلا ؟
معيب أن ننقل أمراض مجتمعنا الى حرم جامعاتنا ... بل إنه خطير جدا أيضا أن نسكت على مثل هذه التصرفات والظواهر التي تنسف فكرة المجتمع المدني من أساسها لصالح فكرة رجعية الشكل والمحتوى تعيدنا الى بدايات القرن العشرين ... الى عصر ما قبل تكوين وتأسيس الدولة الأردنية ...
كلنا ابناء عشائر ، وعشائرنا كلها محترمة وذات أصول ضاربة في عمق التاريخ ، ولهذه العشائر كل التقدير والإحترام ... ونعترف جميعا بأهمية الدور الإجتماعي للعشيرة الأردنية ... ولكن يجب علينا جميعا أن نتكاتف ضد إعطاء العشيرة أيّ دور سياسيّ أو نقابيّ بأيّة صورة من الصور ... وأليس العمل الطلابي عملا نقابيا بامتياز ؟