أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
ازدواجية الوظائف في الجامعات الفلسطينية لمصلحة من!؟

بقلم : سامي الأخرس ... 07.10.2010

في حديث مع صديق أكاديمي حاصل على درجة الماجستير بالتربية، قدم عدة طلبات توظيف في جامعات قطاع غزة فلم يسعفه الحظ إلا بشعبة واحدة لأحد المساقات، قال لي أنا أدرس وادفع مواصلات خلال الفصل أكثر بكثير مما أتقاضاه من راتب في نهاية الفصل الدراسي، وهنا الحديث عن فصل دراسي، أي أن راتبه لا يتعدي المائة دينار أردني طوال مدة تدريسه للفصل، ويسرد لي بشجون وألم أن جل المدرسين في الجامعة هم ضباط في الأجهزة الأمنية، ويقومون بالتدريس كوظيفة إضافية، رغم أن رواتبهم مرتفعه، والغريب في الأمر ليس عمل هؤلاء بالرغم من أن القانون يمنع ازدواجية الوظيفة، ولكن الشيء اللافت للنظر أن هؤلاء الموظفين يتم منحهم معظم المساقات وأكبر عدد من الساعات لكي يحصلوا على أكبر مبالغ مالية، من قبل الجامعة، وهنا السؤال الرئيس والأساسي في هذا الموضوع، ما هي الأسس التي تقوم الجامعات الفلسطينية وفقها بعملية التوظيف؟ هل هي أسس علمية وقانونية؟ أم أسس الصداقة والمحسوبية والمعارف؟ وهو ما ساقني لكتابة هذا المقال الهادف بالأساس لحالات إنسانية لا تجد قوت يومها، وتعاني من بطالة أكاديمية، في حين أن من يمتلكون الوظائف الأساسية والحكومية يتمتعون بمزايا كاملة في وظائف إضافية بالجامعات الفلسطينية، بالرغم من أن معظمهم لا يمتلك المؤهلات العلمية والأكاديمية التي تميزه عن حامل نفس المؤهل العلمي للشخص الذي يعاني من بطالة وظيفية ومعيشية، وهو ما أعادني أنا وهو لاسترجاع الحالة الوظيفية لمعظم الكادر التدريسي المعين في الجامعات وخاصة أولئك غير المفرغين أكاديمين فوجدنا أن معظمهم موظفين بالأجهزة أو بالوزارات المدنية، وراتبهم مرتفعه جدًا أي أن أقل راتب يتقاضاه أحدهم ألف دولار أمريكي، وهو ما دفعني للتساؤل عن آليات التفكير المعتمدة لدى الحكومتين الفلسطينيتين في رام الله وغزة، ولماذا تجاهل هذا الأمر الذي يمكن من خلاله حل معضلة هامة ورئيسية تواجه مجتمعنا، ألا وهي البطالة الأكاديمية وتكدس الشهادات العلمية.
قامت الحكومة المقالة بغزة باتخاذ قرار هام وحيوي جدا من وجهة نظري وهو منع أصحاب الوظائف العمومية من العمل بوظيفة أو عمل آخر – حتى لو حر- وشخصيًا أعتبره قرار صائب وحكيم في ظل الأحوال التي نعيش فيها سواء في غزة أو الضفة الغربية، ولكن على متخذي هذا القرار متابعته جيدًا، وإلزام الموظفين على عدم العمل بعمل آخر وخاصة في الجامعات والمدارس والوزارات، وهو ما يتطلب من قبل القائمين على متابعة الأمر أن يعمموا هذه التجربة على الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، بل وفي الضفة الغربية، لإفساح المجال للمؤهلين علميًا بدون عمل أن يتوفر لهم مصدر من مصادر الدخل والحياة، ومنع احتكار الوظائف من قبل شريحة الموظفين التي بإمكانها كما تدعى بأنها تحب مهنة التدريس أن تقوم بالعمل تطوعيًا دون مقابل وبضمن هامش محدود، وعدم الاستحواذ على المساقات كاملة، وترك فتات للذين يعانون بطالة أكاديمية من حملة الشهادات العليا.
فهذا نداء للأخوة في حكومة غزة، وكذلك في حكومة رام الله أن تتخذ خطوات فعالة في القضاء على هذه الظاهرة، التي أصبحت سمة عامة في مجتمع يعاني من تراكم بالمؤهلات العلمية العليا، التي لم تعد لها مجالًا للعمل، في حين أن فئة الموظفين بالأجهزة الأمنية والوزارات المدنية يستحوذون على نصيب مضاعف من الوظائف، فهل تعقلون؟ وهل تفعلون؟!!