بقلم : د. عدنان بكرية ... 08.10.2010
أولا بودي أن اشكر ليبرمان على تصريحاته من على منبر الأمم المتحدة..ليس لأنها تكشف وتفضح النوايا الإسرائيلية ..فهي مفضوحة أصلا ..بل لأنها كشفت وعرت قيادات ال 48 والتي ومنذ النكبة أبعدت نفسها عن المشهد الفلسطيني وبقيت متفرجا صامتا وأحيانا مشجعا خجولا للطرف الفلسطيني .. اشكر ليبرمان لأنه يريد جلبها قسرا الى مكانها الصحيح ..هذا اذا قبلت بالعودة واقتحام محور الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بالشكل الصحيح ..إنني اشك بذالك !
عندما أعلن ليبرمان من على منصة الأمم المتحدة قبل أسبوع عن استراتيجية طرد العرب من البلاد تحت غطاء التبادل السكاني .. لم تتحرك قيادات الوسط العربي بالشكل المطلوب للتصدي لهذا المخطط والذي هو بحقيقة الحال مخطط قديم متجدد دوما ويحظى بإجماع كافة الأحزاب الصهيونية من يسارها الى يمينها !
فقد سبق للسيدة ليفني أن أعلنتها قبل عامين بأن الوطن القومي لفلسطينيي ال 48 هو الكيان الفلسطيني .
إعلان ليبرمان وعلى الملأ جاء لجس نبض الرأي العام العالمي والعربي وبالتحديد رأينا نحن .. لم تكن هناك أية ردة فعل تذكر باستثناء بيان هزيل صدر عن لجنة المتابعة العربية لفلسطينيي ال 48 ..يتهم ليبرمان بالجنون ! وهنا بودنا أن نوضح بأن ردة الفعل الخافتة والتعامل مع التصريح بلامبالاة..هو الجنون بحد ذاته ..لو كنا نحن عقلاء لتعاملنا مع مشروعه ومشاريع من سبقوه بجدية وليس بهذه "البلاهة"!
فليبرمان يعبر عن رأي الغالبية الساحقة في المجتمع اليهودي والاستطلاعات أثبتت ذالك ..ويعبر عن استراتيجية الأحزاب الصهيونية للتخلص من عرب ال 48 كونهم الخطر الأكبر الذي تواجهه الدولة على حد تعبيرهم ..وقد صرحها احدهم بأن عرب ال 48 هم اخطر من النووي الايراني على مستقبل إسرائيل !
التناغم بين ليبرمان ونتنياهو بهذا الخصوص بلغ ذروته عندما طالب نتنياهو الطرف الفلسطيني الاعتراف بيهودية الدولة .. فالاعتراف بيهودية الدولة هو "الترانسفير" بحد ذاته لكن بلهجة أخرى .. كان رد أبو مازن.."لا شأن لي فلتسموا دولتكم ما شئتم"! هذا الرد أعطى ليبرمان الحافز لقول كلامه من على منبر الأمم المتحدة .
المخجل في الأمر ردة فعل أبو مازن .والذي لا نعول عليه كثيرا ..إذ كان عليه أن يرفض هذا الطرح لما يحمله من خطورة على مستقبل فلسطينيي ال 48 وعلى قضية اللاجئين ..
وعودة الى جنون ليبرمان كما وصفته القيادات العربية في مناطق ال 48 .. نقول ..إن الجنون بعينه هو أن نستهتر بطرح خرج من رحم الفكر الصهيوني وهو قابل للتنفيذ في أي لحظة .. والجنون هو أن نصمت على أقوال ليبرمان وكأنها هواجس..ومن هنا نسأل الأحزاب العربية .. هل تمتلك الإجابات على طروحات ليبرمان ولماذا لم تهيئ نفسها لخروج مخطط ليبرمان الى حيز التنفيذ؟!
من تجربتي المتواضعة .. فإنني أشك بأن الأحزاب السياسية أدرجت على أجنداتها هذا الموضوع.. واذا كانت قد أدرجته فإنما في اطار الخطاب أو البيان السياسي لا أكثر .. وهي غير مهيأة لمواجهة تحد حاسم وخطير من هذا النوع !
لا نبالغ اذا جزمنا بأن وجودنا أصبح في خطر .. خاصة بعد موافقة نتنياهو على تشريع او تعديل قانون المواطنة .. فالقانون بحد ذاته يعتبر تحد كبير لعرب ال 48 وسيكون بداية لنزع شرعية وجودهم في وطنهم .. القانون يشترط الجنسية أو المواطنة مقابل الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية للشعب اليهودي .. ولا نبالغ اذا جزمنا بأن القانون يجيء كثمرة مرة للمفاوضات العبثية التي دخلها محمود عباس وما زال يتأمل منها !..
عندما حذرنا من دخول هذه المفاوضات كنا ندرك بأن اسرائيل ستذهب إليها بمشروع تصفوي للقضية الفلسطينية ولضرب الحق الفلسطيني أينما تواجد .. وكنا ندرك ايضا انه في حال نجحت المفاوضات او لم تنجح فالمتضرر الاكبر هو الشعب الفلسطيني .. نجاحها يعني فرض حل مؤلم على الشعب الفلسطيني .. وفشلها يعني إمعان صهيوني بالتمادي على شعبنا وبالتحديد في مناطق ال 48 ..كوننا الحلقة الأضعف وفي متناول يد الحركة الصهيونية.
ما يحصل اليوم .. هو تنفيذ المشروع الصهيوني بإرادة عربية ودولية وبمشاركة فلسطينية .. وتحت خيمة مفاوضات "السلام"..والأخطر هو ما سيحصل مستقبلا إذا بقيت الإرادة العربية مكبلة والرأي العالمي مغيب !
واذا كان البعض ما زال يعتبر ليبرمان وتصريحاته تعبر عن بلاهة وغباء ! اذا ماذا نسمي قانون المواطنة الذي يتبناه نتنياهو ؟! وماذا نسمي الإصرار الاسرائيلي على نزع اعتراف فلسطيني وعربي "بيهودية اسرائيل"؟!