بقلم : د.عدنان بكرية ... 11.10.2010
بعد إقرار الحكومة الإسرائيلية قانون الجنسية والذي يشترط الحصول على الجنسية بالاعتراف بيهودية الدولة.. يطرح السؤال .. ما هو المطلوب من فلسطينيي ال 48 عمله للتصدي لهذا المشروع الذي يحمل في طياته تداعيات متعددة على وجودنا هنا في وطننا ؟
اسرائيل تدرك ومن تجاربها السابقة أنها لن تستطيع تطويع وتدجين هذا الجزء من الشعب الفلسطيني .. ولن تنجح بفرض فكرتها الصهيونية عليه .. فهي حاولت سابقا وفشلت واليوم تكرر المحاولة من خلال تشريع قوانين عنصرية تمكنها من محاكمة وسجن وترحيل من لا يقبل بفكرها الصهيوني ! وهي تدرك أيضا أننا لسنا دخلاء على هذا الوطن بل نحن أصحابه الشرعيين ولا يمكن لأي قوة مهما بلغت ان تقطع نسيج بقائنا في وطننا .. هذا هو الواقع الذي يدركه الجميع.. وهذه هي الحكمة التي يجب ان يعيها حكام اسرائيل .
سبق وان حذرنا ومنذ سنوات بأن غول الفاشية بدأ يكشر عن أنيابه ملتهما كل القيم والأعراف السياسية والأخلاقية...لكن تحذيراتنا لم تلق إذنا صاغية من قياداتنا المحلية لأنها كانت وما زالت تؤمن بالكوابح والضوابط الأخلاقية "التي يجب أن تتحلى بها المؤسسة الحاكمة في إسرائيل .. وهي أي القيادة وحتى الآن ما زالت لا تصدق أن مشروع الترحيل قد يدخل حيز التنفيذ في أي وقت !
التدريب العسكري الذي أجراه الجيش الإسرائيلي قبل أيام معدودة والذي يحاكي تهجير فلسطينيي ال 48 يثبت بالدليل القاطع على ان هناك مخطط جهنمي لترحيل اكبر عدد من المواطنين العرب الى الضفة الغربية .. وقانون الجنسية جاء ليكمل شكليات مشروع التهجير وليضفي الصبغة القانونية والدستورية على ترحيلنا .
مستقبلا سنكون أمام خيارات مؤلمة.. إما الاعتراف بيهودية الدولة وفكرتها الصهيونية الأمر الذي يعني (الكفر بحق العودة ونزع شرعية وجودك على هذا التراب وفي الوطن ) وإما أن ترحل وبأمر عسكري !وبين الخيارين يتأرجح الفلسطيني متمسكا بوجوده رافضا الاعتراف بيهودية الدولة !
ما هو المطلوب ؟!
اسرائيل بقوانينها العنصرية يجب تدخلنا الى حيز الجدية في التعاطي والتفاعل مع الامور ..وترك اللامبالاة وانتظار الفرج الذي لن يأتي لا من اليسار الصهيوني ولا حتى من العالم العربي .. وعليه يجب البحث عن وسائل وطرق ترتقي الى مستوى التحديات التي نواجهها .. بعيدا عن الشعارات التي لا تجدي نفعا..فزمن الشعارات قد ولى الى غير رجعة .. والصمت من شأنه أن يحفز اسرائيل على الإمعان في عنصريتها والتمادي أكثر .
على جماهيرنا الفلسطينية في الداخل ان تتهيأ لما هو أسوء وان تضع في اهتماماتها كيفية التصدي لهذه القوانين التي ستحولنا الى "هنود حمر" وربما الى لاجئين خارج وطننا .. وهذا مطلوب من القيادات السياسية لفلسطينيي ال 48 ..فاذا كانوا قد تعاملوا مع الموضوع بهامشية حتى اليوم ..فان نواقيس الخطر بدأت تقرع وعليهم ان يتهيئوا لما هو اخطر وأعظم .
علينا ان نعمل على عدة مسارات برغم ادراكنا الى ان المؤسسة الحاكمة هنا لن يردعها لا قانون دولي ولا تدخل عالمي وعربي !
اولا – المسار الاعلامي .. يتوجب علينا ان نعمل على المسار الاعلامي كرافعة للمسارات الأخرى السياسية والميدانية ..وفضح الممارسات الاسرائيلية في المحافل الدولية ودفع قضيتنا الى الواجهة كجزء من الثوابت الفلسطينية الغير قابلة للتصرف ..ملخصها عدم المساس بهذا الجزء من الشعب الفلسطيني لا من خلال قوانين عنصرية ولا من خلال ممارسات قمعية تهدف الى ترحيل هذا الجزء .. فلو كانت القيادة الفلسطينية حريصة على ثوابت الحق الفلسطيني لاشترطت هذا الأمر كشرط لأي تسوية سلمية مستقبلية .. إذ لا يمكن الحديث عن السلام ومفاوضات السلام في ظل تشريع قوانين عنصرية تهدف الى ترحيلنا ونزع شرعية وجودنا في وطننا على ارض فلسطين .. والمؤسف في الأمر إننا لم نسمع ردة فعل فلسطينية أو عربية على ما يحصل.. حتى ان الاعلام العربي الذي اظهر الأمر لم يتعامل معه كقضية لها جوانب قومية ووطنية .. لم يتعامل مع تداعيات القانون بقدر ما تعامل مع صيغته اللغوية وديباجته المجردة !
ثانيا- المسار السياسي العام تدويل قضيتنا وطرحها على المحافل الدولية كقضية تحتاج الى معالجة عالمية ففي زمن سقوط الاحتلالات والعنصريات في العالم ..تقف اسرائيل محاولة فرض فكرها الصهيوني على مجموعة سكانية...فلسطينية .. جاعلة من قوانينها العنصرية أداة لقمع وتهجير هذه المجموعات .. ولهذا فان المطلوب طرح الموضوع على جامعة الدول العربية برغم عدم تعويلنا عليها .. وتنوير القادة العرب بحقيقة ما يحصل هنا .. والاهم اطلاع الشعوب العربية على حقيقة العنصرية وما قد يتأتى عنها مستقبلا ... قضيتنا يجب أن ترفع الى الهيئات الدولية وفي مقدمتها مجلس حقوق الانسان لان هذه القوانين تضرب أدنى الحقوق التي يمنحها القانون الدولي .
ثالثا– المسار القضائي..بالرغم من عدم ثقتنا بنزاهة القضاء الاسرائيلي إلا انه يتوجب رفع دعاوى قضائية لإلغاء هذه القوانين وحتى لو لم يتم إلغاؤها .. إلا أن القضية ستأخذ وضع إعلامي مميز وستفضح جهاز القضاء الاسرائيلي .. وهنا يتوجب تشكيل فريق من القانونيين العرب والأجانب ومن مختلف الدول لفحص جدوى رفع قضية في المحاكم الدولية ضد حكومة اسرائيل .. حتى تأخذ القضية طابع أممي ..
رابعا – المسار النضالي ..الميداني وهذا المسار وبرغم ما يلفه من خلافات فئوية إلا انه يبقى المسار الوحيد لتنفيس الغضب الشعبي .. وهنا نؤكد على ان تفعيل هذا المسار بالشكل المطلوب يتطلب قيادة جريئة وشحذ كل القوى ورصها في حلف متراص ومتماسك .. ونؤكد على ضرورة إقامة لجان شعبية في كل قرية ومدينة عربية تقود النضال الميداني ضد مشاريع القوانين .. على ان لا يتم احتكار هذه اللجان من قبل أحزاب معينة لخدمة أجندات حزبية ضيقة.. فالقضية المطروحة اعلي من قامات الأحزاب واكبر من كل الشعارات..
وحول شكلية النضال .. الاعلان عن إضراب شامل لفلسطينيي ال 48 دفاعا عن الوجود والبقاء وتنظيم مسيرات جماهيرية في كل القرى والمدن العربية كخطوة نضالية أولية تتقدم وتتطور وفق التطورات الحاصلة .
اعتقد ان الظروف تحتم مثل هذا الإجراء الأولي !وهنا لا أريد ان أطيل بل انوه وأنبه الى ان التحديات التي تواجهنا هي تحديات خطيرة للغاية ويجب إدراك حجمها والرد عليها بأساليب مشروعة وقانونية ..دون تهور ودون مساس بوضعيتنا .. فنحن لسنا بحاجة لان نمنح حكام اسرائيل المزيد من الذرائع لضربنا وضرب وجودنا .