بقلم : د.عبد الستار قاسم ... 18.10.2010
من المعروف أن قضيتيتن مرفوعتان ضدي بتهمة الذم والقدح: إحداهما من قبل عنصر في المخابرات الفلسطينية، والأخرى من قبل عنصر في الأمن الوقائي. وهنا أقدم بعض الملامح من كفاءة الادعاء الفلسطيني والقضاء الفلسطيني:
حضر المشتكي الأول يوم 21/ نيسان 2009، واتهمني بتشويه صورته عبر وسائل الإعلام، وعبر نشرات ورقية. سألته فيما إذا كان قادرا على تسمية برنامج إعلامي ذكرت فيه اسمه، فأجاب بالنفي. سألته فيما إذا كان قد قرأ نشرة ذكرت فيها اسمه، فأجاب بالنفي. قلت للقاضي إن أسئلتي انتهت. توقعت أن ينهي القاضي القضية على الفور، لكن القاضي سأل المشتكي فيما إذا كان لديه شهود، فأجاب أن لديه عشرات الشهود. طلب منه القاضي أن يسمي شاهدا واحدا فلم يستطع. وبالرغم من ذلك لم تنته القضية. طلب معاون الادعاء استدعاء شاهد وهو الشرطي الذي ذهبت أشتكي إليه فوضعني في النظارة. لم يأت هذا الشاهد حتى الآن على الرغم من انتظارنا له عدة جلسات.
وبالرغم من ذلك، ما زالت القضية في المحكمة. يقولون إن هناك إجراءات قضائية لا بد أن تأخذ مجراها، وأنا أقول إن البينات أهم من الإجراءات، وطول الإجراءات لا يعبر عن رغبة في إقامة العدالة. على أي حال، من المتوقع أن يصدر قرار بشأن هذه القضية يوم 24/تشرين أول/2010.
حضر المشتكي الثاني يوم 23/نيسان/2009، وأنا كنت موقوفا مع الجنائيين. هذه القضية تدور حول لقاء هاتفي مع تلفاز الأقصى وشاهده آلاف الناس. قال المشتكي إنني لم أذكر اسمه في البرنامج، لكنني قلت، حسب قوله، إن الذي أطلق النار على الشيخ حامد البيتاوي عميل لإسرائيل، على اعتبار أنه هو الذي أطلق النار على الشيخ البيتاوي. وطلب شاهدا. لم يحضر الشاهد إلا بتاريخ 28/نيسان/2010، أي بعد سنة ونيف. لصالح من هذا الاستنزاف؟
أخيرا جاء شاهد لصالح المشتكي، وحصلت طرفة:
سأل القاضي المشتكي يوم 21/نيسان/2009: هل ذكر اسمك في المقابلة التلفزيونية؟ أجاب المشتكي بالنفي. وكررت أنا السؤال عليه، فأجاب بالنفي. سأل محامي الدفاع الشاهد يوم 28/نيسان/2010 عدة مرات: هل ذكر اسم المشتكي في المقابلة التلفزيونية؟ دار حول السؤال دون أن يجيب، ووسط تدخل معاون النيابة ضد تكرار السؤال، طلب القاضي من محامي الدفاع التوقف، وأخذ السؤال على عاتقه: هل ذكر اسم المشتكي في المقابلة؟ دار حول السؤال. كرر القاضي السؤال فأجاب الشاهد: نعم ذكر اسمه وقال إنه عميل للموساد. طبعا كان الشاهد قد أقسم على القرآن. لم يستطع الشاهد تحديد تاريخ على الرغم من تذكره لبعض ما جاء في المقابلة حول تحريض قيادات لبعض الشباب ما يؤدي إلى صراع داخلي.
والطريف أن الشاهد كرر كلمة الموساد مرارا ما يدل على عدم معرفة بالأمر. لو كنت سأتهم أحدا لقلت إنه عميل للمخابرات الإسرائيلية أو الشين بيت، ولن أقول الموساد لأن الموساد مخابرات إسرائيل الخارجية.
وهنا أعيد نشر النص الحرفي للمقابلة التلفزيونية:
سأل المذيع: كيف يمكن أن توظّف هذه الاعتداءات في الضفة المحتلة والتي توجت بمحاولة اغتيال النائب حامد البيتاوي، في هذه الحالة التي تتحدث عنها؟
جوابي: هنا محاولة لتوتير الأوضاع، وربما أنت قرأت ما كتبه أو ما قاله آبي ديكتر في الأيام الأخيرة. طبعا نحن نعرفه، وهو ما أتى بشيء جديد. قال بأن هناك من يتعاونون معنا من القيادات الفلسطينية بهدف أن يبقى هناك شق وخلاف في الساحة الفلسطينية ويبقى اقتتال. وطبعا لم يبتعد الاقتتال عن سلوك قيادات فلسطينية دائما تقوم بأعمال صعبة واعتداءات وانتهاك للأعراض وانتهاك للممتلكات من أجل توليد رد الفعل الآخر. وكلما ولدت رد الفعل الآخر يزداد التوتر في الساحة الفلسطينية وتزداد الشقة وبنضلنا ملتهيين مع بعض. فالذي حصل مع الأخ الشيخ حامد البيتاوي لا يخرج عن هذا الإطار. أنا سمعت البيان الذي يقول أن هذا عمل فردي. لا ما في عمل فردي، حتى لو كان فرديا كان قد سبقه تحريض كبير وأحمق من أجل القيام بهذه الأعمال. وطبعا قبل ذلك أنت تعرف سيارتي أيضا حرقوها. لماذا هذه الاعتدءات وكلهم يقولون بأن والله أعدنا الأمن إلى نابلس وإلى آخره. لا هم ما فعلوا ذلك، هم طلبوا الهدوء وتركوا الذين يعتدون على الناس (هنا كلمة غير مفهومة بسبب نحنحة المذيع) في زاوية معينة فيما إذا اضطروا أو وجدوا أن الحاجة تتطلب ذلك بفلتوهم. طبعا ما هي الحالة التي تتطلب ذلك؟ طبعا ليس الحالة الفلسطينية، وإنما ربما هناك مصالح، بالتأكيد هناك مصالح لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. وبالتالي لا تخرج هذه الأعمال عن مسلسل الفساد الذي عشناه عبر سنوات. انتهى الجواب
الصوصور (الصوت والصورة) متوفر
الشهود
جاء دوري في تقديم الشهود، وكما يبدو أن السيد القاضي لم يقرر بشأن الوثيقة الخطية التي قدمتها له، ولم يقرر بالنسبة للصوصور (الصوت والصورة) الذي قدمته على قرص مدمج.
حضر شاهدان يوم 7/تموز/2010، لكن القاضي لم يستمع إلا لأحدهما بسبب ضيق الوقت. وقد سبق أن قال لي بان آتي بشاهد واحد، لكنني آثرت أن آتي بشاهدين من قبيل الاحتياط. ستستمع المحكمة يوم 24/تشرين 1/2010 لشاهد ثان من أصل خمسة تقدم محامي الدفاع بأسمائهم للقاضي. علما أن لدي القدرة بأن آتي بألف شاهد.
الشيء الذي ما زال يثير تساؤلا كبيرا لدي هو دور الادعاء العام. لماذا يتبنى الادعاء العام قضيتين خاسرتين من هذا القبيل؟ ولماذا لا يترك المشتكي يقدم بيناته؟ ما الذي يدفع الادعاء إلى تبني شكوى المشتكي والتي لا تشتمل على بينات، ولا يتبنى الدفاع عن الذي يملك البينات؟ هل هناك من يتدخل في القضاء والادعاء بخاصة من الأجهزة الأمنية؟ هل من العدالة أن يرضخ الادعاء لضغوط أجهزة أمنية؟ وهل أراح الادعاء أجهزة أمنية من اعتقالي سياسيا فاعتقلني مدنيا في تعمد واضح لتشويه صورتي؟ هذا موضوع سأثيره بقوة على الساحتين الفلسطينية والأوروبية.
هذا علما أن الادعاء قد أوقفني ثلاثة أيام مع السجناء المدنيين. وهنا أبوح أمام العالم بأن الشرطة الفلسطينية قد وضعت الأصفاد بيدي. وللمقارنة: أقول إن الضابط الصهيوني قد صرخ بأحد جنوده عندما حاول وضع الأغلال بيدي عندما اعتقلوني عام 1990، قائلا: لا تفعل. ببساطة، شرطي فلسطيني لا يجد غضاضة بأن يفعل ذلك.