أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
حتى لو رقصوا على خراب الأقصى والصخرة!!

بقلم : رشاد أبوشاور ... 13.10.2010

ذلك المشهد لن يهّز مشاعر(هم) .. ( هم)! ..أنت تعرفون(هم)!.. مشهد الجندي الصهيوني الذي كان يرقص متلويا بفجور ومياصة حول الفتاة الفلسطينيّة (الأسيرة) المقيدة،المغطاة العينين، إحسان دبابشة، من بلدة نوبا قضاء الخليل، على إيقاع تطبيل جنود لم نرهم، لم يكن وحده، بل كان هناك آخرون من جيش (الدفاع) يشاركون زميلهم الانتصار على بنت فلسطينيّة مقيدة، معصوبة العينين، بالتطبيل والتصفيق، فجيش (طهارة السلاح) يحتاج (لوحدة) من خيرة (أبطاله) لتحقيق الانتصار على الفتاة الفلسطينيّة المقيّدة!.
ليس لأحد عذر بالإدعاء بأنه لم ير المشهد، فالفضائيّات نقلت حفلة الرقص حول الفتاة الفلسطينيّة المقيدة، والمثل يقول: السمع مش مثل الشوف، بالفصحى (أن تسمع ليس كأن ترى)..فهل رأوا، أم تراهم يتجنبون متابعة عذابات شعب فلسطين؟!.
هم يدسون رؤوسهم في..وسائدهم، أو في أحضان..ولماذا يشغلون أنفسهم، ويبددون سعادتهم، ومباهج أيامهم، في متابعة مشاهد تقبض نفوسهم، وتنكّد عليهم، ف(هم) يتجنبون التنغيص، وتوتّر الأعصاب، فالثروات هبطت عليهم، والمُلك آل إليهم دون جهد، أو سعي، فليتمتعوا، ولتنشرح نفوسهم بما ملكت أيمانهم، فلا أحد يحاسبهم، فهم آمنون مطمئنون، والفضائيات التي يتابعونها، إن تابعوا..هي التي ينفقون عليها، والتي هي كباريهات تسلية، ونعنشة!
ملايين العرب رأوا المشهد المُذّل، العرب المقهورين، المقيّدين مثل إحسان، المقيّدين بقيود(هم)، الذين يرون ويعجزون عن نجدة إحسان، وكسر قيدها، بنخوة المعتصم!
ولكننا نعيش في زمن أشباه الرجال، سبب عجز الأمّة وهوانها، ومهانتها...
وماذا لو رأوا يا إحسان؟! عيونهم إن رأت ستكون من زجاج لا تندى ـ يرحم الله الكاتبة الفلسطينيّة الكبيرة سميرة عزّام صاحبة قصّة (حتى العيون الزجاج تندى) ـ ونفوسهم من إسفنج تمتص ولا تنفعل.
ليست في(هم) نخوة المعتصم يا إحسان.
إن(هُم) من صاح بهم غاضبا مظفر النوّاب:
أدخلتم كلّ زناة الأرض
إلى غرفتها
ووقفتم تسترقون السمع
أبناء القحبة
ما أشرفكم!
هل تسكت مغتصبة؟!
تلك هي أمنا فلسطين التي أدخلوا إلى غرفتها كل زناة الأرض المجلوبين من أربع جهات الدنيا، وأدخلوهم عليها، ووقفوا يتنافخون شرفا، متباهين بما قدموه في الذود عن عرضها، وتباروا في تقديم لوائح تضحياتهم لأجلها، وهي في (الأسر) مقيدة مستباحة، يرقص حولها أبناء الـ... تبلّدت مشاعر(هم) يا إحسان الفلسطينيّة، فما يخجلون، ولا تفور الدماء عربيّة في عروق(هم)..فأي دم في العروق يا إحسان؟!
أنت لست أغلى، ولا أقدس من القدس، والخليل..يا أختاه!
أما رأيت كيف صمتوا، بل باركوا تقسيم (الحرم) الإبراهيمي، ومزّقوا قلب الخليل!
ها(هم) يسمعون بما يجري للقدس، فيسدون آذانهم حتى لا تزعجهم تلك الأخبار، ف(هم) مشغولون بما هو أجّل عند(هم) وأبقى، و(أقدس)!
أنت تنتمين لنساء جبل الخليل، نساء فلسطين، سليلة النساء اللواتي اعتدن الصعود دعما لأزواجهن بأرغفة الخبز، والزغاريد، والرصاص للبنادق.
أنت سليلة النساء اللواتي كنّ يتعزين بكبرياء، وحزن مُترفّع، عند استشهاد الزوج، أو الأب، أو الإبن، أوالأخ:
طلّت البارودة والسبع ما طّل
يا بوز البارودة من الندى مبتّل
استشهد البطل الشجاع، وبجواره تتمدد بارودته التي ضمخها ندى الصباح، عاليا عند قمة الجبل..وجبال الخليل العالية تنادي دائما رجالها، وهناك، هناك عرف الغزاة الإنكليز من يواجههم، ومن هناك هبط أولئك الرجال وانقضوا على الصهاينة المجلوبين تحت العلم البريطاني.
لو يا إحسان رقص المستوطنون الصهاينة، وجنود العدو، على أطلال المسجد الأقصى، وقبّة الصخرة، فاعلمي أن(هم) سااااااايدعون إلى مؤتمر(قمّة) و..ساااااا يطالبون برفع شكوى عاجلة لمجلس الأمن، وسااااايطلبون إدانة العدوان على المقدسااااات..وسيقررون دعم القدس، وصمود أهلها بـ500 مليون دولار، غير التي قررت في مؤتمر(سرت) السابق، والتي لم يصل منها شيء..وسااااا يوعزون لفضائيات(هم) ببث أغان حزينة، وآيات من الذكر الحكيم، وتعليقات حامية كلها جعجعة..ثمّ سيعودون إلى واقعيـتـ(هم)، ويطالبون كأنذال محترفين خانعين بـ..تقاسم (المكان) المقدّس للأديان السماوية!
إن(هم) يا أُختاه الذين التقوا في (سرت) وقرروا منح أمريكا أوباما فرصة شهرـ سيكون شهر عسل جديدا بين الحبيبين أمريكا والصهاينة، وسيترجم مزيدا من الطائرات، والصواريخ، والأسلحة المتطوّرة لزوم التفوّق على همل العرب! لتتدبر أمر وقف الاستيطان، آو تجميده لشهرين فقط، على كيف نتنياهو، وهو فتى أمريكا المدلل، وأوباما يتذلل له باسمه وباسم(هم) ليمنح الجميع مخرجا يحفظ ماء الوجه، لا ماء الضفّة الغربيّة!
لم يعد الصراع على فلسطين، فـ(هم) اختزلوه، واختصروه، ومسخوه، إلى: تجميد الاستيطان.. لشهرين، بس شهرين يا (معلّم) نتنياهو!
هذا هو مآل القرار المستقّل!
هكذا تكون القضيّة في أيدي (أصحابها) ..وأصحابها أنت يا أختاه، والفتى الذي طار فوق سيّارة المستوطن في القدس، والمشهد أيضا رآه العالم باستثناء من التقوا في (سرت)، فهم كانوا مشغولين في التخطيط الاستراتيجي لـ..انتزاع قرار بتجميد الاستيطان لشهرين!
وماذا بعد الشهرين؟!
هل في غضون شهرين ستزال المستوطنات، والأحياء التي بلعت القدس؟!
هل سيعاد زرع جبل (أبو غنيم) بأشجار السرو والصنوبر، وتكشط الأبنية التي زرعت وحرمت بيت لحم من التواصل مع القدس؟!
هل ستنتهي عملية سرقة مياه الضفّة، لترتوي منها الحقول التي جفّت أشجارها، أعنابها وتينها ونخيلها؟!
هل سيعود الحرم كما كان قبل المذبحة والتقسيم؟!
هل ستفرح قلوب الأسرى بمعانقة الأهل، والبيوت، والأبناء، والبنات والزوجات، والآباء، والأمهات، والجيران؟!
هل سيعترف الكيان الصهيوني بحّق عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم، وفقا للشرعيّة الدوليّة؟!
ليس لنا يا أختاه.. ليس لنا يا فتى افتخرنا بجسارته وهو يهاجم سيّارة المستوطن بالحجر ـ يا فتى يستحّق قيادة تليق به وبشعبه ـ وينهض مدمّى، سوى أن ننهض بكامل وعينا فنغيّر حالنا الفلسطيني، فمنّا يبدأ كل شيء، لا من(هم)، فهم ارتاحوا من هّم فلسطين، و(هم) يريدون تكريس قيادات مثل(هم) علينا..لا مثيل لها في سرعة تقديم التنازلات، والمزيد من التنازلات، بمباركـتـ(هم)!
ليس لنا إلاّ نحن يا أختاه، يا عمّاه، يا أمّاه، يا إبناه، يا إبنتاه...
فطريقنا غير طريق(هم)، قاتلهم الله...