بقلم : مصطفى محمد أبو السعود ... 23.10.2010
المساهمةُ في حَلِ مشاكل الوطن، يقتضي اصطحاب ما صحَ مِنْ التَجاربِ، وتجهيزُ شراعٍ قويٍ، للغوصِ في بحرِ الحياةِ، استعداداً لملاقاةِ العواصفْ، ولتكونَ مُرشداً في الطريق،لأن الحياةَ كالمسائلِ الرياضيةِ ،لا تُوصلُ لنتيجةٍ سليمةٍ، الا بإتباعِ الخطواتِ المطلوبة، كي تتلاشى شبح الانهزامْ ، ولا تكون الخيبةَ الضَيفَ المحتمل ، وتُجبُر الإنسانَ على السجودِ أمام المستقبل ،ما تبقى من عمرِه، بعدما قضى نصفه الأول ، راكعاً أمام الحاضر، دون جدوى، لأنه سمحَ لسيفِ الأنانية أن يغرسَ أنيابه في كبدِ الطموح ، فأكل كل ما يشاءْ .
ففي الوقتِ الذي يُفترضُ أن يكونَ فرصةً لإعلانِ المواقفْ، يَخرجُ علينا أبطالُ مسلسلِ الحياد والذين لم تُحركْ فيهم نوباتِ الوجع، المنتشرة في أوردةِ الوطن ، من الشمالِ إلى الجنوبِ، شيئاً، ولم يثر فيهم ذبح الوطن ومستقبله،على أعتابِ مسلخ الأنانية، شهوة الابتعاد عن حوضِ الأماني الخاصة، والتضحية بكل غالٍ من أجلِ كلمةِ صدقْ ، والبحثُ عن صفٍ يدافعونَ من خلالِه عن الوطنْ، فأبدعوا في صناعةِ فكر اللامبالاة، وفضلوا السكنَ في برجِ الموضوعيةِ المريحة ، ومصادقة الخوف وإنجاب التردد ، طول العمر، على مصافحةِ الجرأة والشجاعة، مرةً واحدةً في الحياةِ ، وأصروا دوماً على تغليفِ ضعفَهم بأجملِ الأزياءِ، ليؤكدوا بقائهم (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) ونسوا أن حصانَ الحيادِ والاستقلاليةِ الذي يركبونَه ، قد ثَبتْ عرَجُه ، وأنه لم يُصلحُ في الأمرِ شيئاُ، بل ساعدَ في إطالةِ عمرِ سلاسل القهرِ في معصمِ الأبرياء.
أيها الحياديون، على امتداد الجراح التي رسمها صمتكم من الخليج إلى المحيط ، أُخرجوا من القصرِ الوهمي،وانضموا لقوافل الحق، وانطلقوا إلى المستقبلِ الذي ينتظركم ، وسَيُعطيكم ما تشاءون، لكن لا تذهبوا إليه ونفوسكم فارغة من العزيمةِ والأملْ، ولا تكونوا كالذين ينأون بأنفسهِم عن سنابكِ المصائب إذا وقعتْ، ويكونونَ أولَ من يَقطِفونَ الزهورَ حينما يأتي الربيعُ، فمنْ لم يكنْ له حلمٌ وأنشودةْ ، فقد خاب عملَه، وخانَ هدفَه، وحادَ عن دربِ النجاحْ ، فاختاروا الموقفَ المشرفْ، "فالحياةُ التي لامجال فيها للاختيارِ، ليست جديرةً بأن يحياها أحدْ" ،هكذا قال سقراط.