بقلم : ... 23.09.2011
في مخيمي صبرا وشاتيلا في بيروت، لا يعول اللاجئون الفلسطينيون على طلب الاعتراف ب “دولة فلسطين” في الأمم المتحدة لإحداث تغيير في واقعهم المزري، فالحلم الجميل الذي لازمهم طويلاً، سرقت وهجه عقود من البؤس والفقر والتهميش، وهم الذين تعرضوا، مع لاجئي مخيم صبرا، لإحدى أبشع المجازر في تاريخ البشرية .ويسأل محمود ندوة (17 عاماً) بإحباط واضح “ما الذي يمكن أن يغيّر الاعتراف بدولة فلسطينية في واقعنا؟ . .في الشارع الذي اجتاحته الوحول ومياه الصرف الصحي وامتزجت فيه بقايا الأطعمة مع روائح النفايات، يحمل قاسم أبو جموس (76 عاماً) بطاقة هوية تعود الى الانتداب البريطاني بفخر ويقول “لا يمكن لأحد ان يغادر بلاده الى الأبد . لقد رمونا في الشارع، هل هذا معقول؟” . ثم يضيف بصوت متهدج وبتأثر “لا بد من حل . . . بأي ثمن” ..وكما معظم اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان والبالغ عددهم ثلاثمئة ألف تقريباً، يعبر قاسم عن الأمل برؤية بلده الأم مجدداً، ولا سيما بلدته عكا . لكنه يدرك في قرارة ذاته صعوبة تحقيق هذا الحلم، سواء تم الاعتراف بدولة فلسطين ام لا .ويقول مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية في المخيم أبو ماهر ان “الاعتراف بدولة فلسطين أمر ايجابي . لكن بالنسبة إلينا، الأهم هو حق العودة”.ويقول محمود هاشم (44 عاماً)، وهو يملك متجراً متواضعاً لبيع العصير، “أعرف في قرارة نفسي أنني لن أعود أبداً الى فلسطين”.ويضيف الرجل الذي يتحدر من ترشيحا في قضاء عكا “الدولة انجاز معنوي . إنه رمز . لكن عملياً، لا شيء سيتغير هنا” . ويحمل على القيادة الفلسطينية قائلاً “انها بعيدة عن فلسطينيي الشتات . ويجب ان يضخ فيها دم جديد”.ورغم ضآلة الآمال، حرصت المخيمات الفلسطينية في لبنان، على المجاهرة بدعمها لخطوة الرئيس الفلسطيني . فقد رفعت لافتات كبيرة حملت صورة مقر الأمم المتحدة في نيويورك، مع صور لعباس وللزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وعبارة “سبتمبر/ايلول: استحقاق الدولة الفلسطينية، حق لا رجوع عنه”.في مخيم البداوي في شمالي لبنان، تقول عايدة الناصر (53 عاماً) وهي تضع زهوراً على قبر والدها “وعدت بأن أخبره عندما يتم انشاء الدولة الفلسطينية أو عندما أعود الى فلسطين".في مخيم برج الشمالي في الجنوب، يقول التاجر أبو بكري “لا يمكن اقامة دولة فلسطينية برؤوس عدة . لا بد من ان يتوحد الفلسطينيون أولاً”.وتقول هدى الأسمر، وهي ام لأربعة أبناء، “أريد أن أعود الى فلسطين، حتى لو كان الثمن ان أعيش في خيمة . ستون عاماً هذا يكفي” . لكن الشاب محمود ندوة في مخيم شاتيلا يرفض العيش في الأوهام . ولو انه يتمسك برغبة وحيدة . “أود ان امتلك جواز سفر فلسطينياً على الأقل . هكذا، لا يشار إلي بعد اليوم ب(اللاجئ)، بل تكون لي جنسية”!!