بقلم : عائشة التاج ... 07.03.2010
المراة تؤثت فانتازم الإبداع :
كتب الكثير عن "المراة " منذ غابر الحضارات والثقافات . اعتبرت ذلك الكائن الغريب العجيب ،الحامل للكثير من الأسرار والمتناقضات عندما كان هناك نقص في الاختلاط ما بين الجنسين وباتت معرفة الآخر جد جزئية وتعتمد في غالبية معطياتها على جموح الخيال لدى من يمتلك مهارات الكتابة والإبداع من كتاب وشعراء وفنانين....
و من ثم شكلت الموضوع الرئيسي لإلهام النخب على اختلاف مشارب اهتماماتها ،باستثناء الساسة طبعا لأن هؤلاء لا تلهمهم إلا السلطة وآلياتها الخشنة مثل وخز الأشواك الجافة جفاف واقعنا الموبوء هذا بعفن الساسة
ورهاناتهم النتنة .
هل هناك شاعر أو رسام أو مطرب أو مخرج سينمائي بإمكانه أن يتألق في إبداعه بدون أن تحرك أوتار إلهامه أنامل أنثوية ولو من خلف الستار؟
المبدع الشفاف هو بكل تأكيد من يستطيع تحريك أشجان جمهوره عبر بوابة المشاعر التي تتربع على عرشها الأنثى بكل غنج ودلال وكبرياء .
ويعتبر اللاشعور بوابتها الخلفية وخزان منابعها التي لا تنبض .
المشاعر حاجة وجدانية ووجودية :
المشاعر حاجة وجدانية ووجودية بامتياز . ولربما كانت الحاجة الأكثر إلحاحا وطلبا حسب ما تنبيء به الكثير من المؤشرات المجتمعية.
وليس عبثا أن يعتبر نجما من ينجح في هكذا رهان . فتلتف حوله حشود القلوب المتعطشة لدفء المشاعر ، بمتعها وانكساراتها ،بلواعجها وعتاباتها ، بعذوبتها ومراراتها ، بزخم كبير .
هذا في الوقت الذي يموت فيه عمالقة العلم وهم نكرات حيث لم تشفع لهم اختراعاتهم العظيمة ،والخالدة حتى ، في تحقيق الاعتراف الجماهيري على الأقل إلا بعد فوات الأوان في الغالب الأعم.وتلكم حكاية أخرى .
لا شك أن تيمة الحب في معناها الأنطولوجي ، تشكل أحد أهم روابط النوع البشري ،إن لم يكن أهمها على الإطلاق و تعتبر الجاذبية حجر الأساس في انهمار تيار المشاعر ما بين شرايين كائنين ارادت الطبيعة ان يكونا متكاملين
لا متنافرين .
ومن ثم يكون الطابع الأصلي لهذه المشاعر بالضرورة ذي نكهة إيجابية .
هذا هو الأصل عندما كان الإنسان على الفطرة يحتكم لقوانين الطبيعة الكونية
بحكمتها وحصافتها وشموليتها .
او لم تكن الربة أنثى ،عندما كان تقدير المجتمع للمراة يصل درجة التقديس ؟
ذلك أسمى أشكال الحب البشري تجاه الكائن الأنثوي كما عبرت عنه العديد من الأساطير التي تتربع على عرش حكاياتها آلهة من النوع الأنثوي .
و من خلال العديد من الحضارات الغابرة كما تبين ذلك الدراسات الأنطروبولوجية والأركيولوجية لعهود غابرة لم تصلنا من إنجازاتها إلا شذرات من المعطيات لا زال البحث جاريا لاستكمالها ؟
توازن النوع البشري جزء من التوازن الكوني :
لقد خلق الله من كل شيء ذكرا وأنثى ، وحرص على تحقيق التوازن بينهما كي يتحقق من خلالهما التوازن الشمولي عبر هذا الكون الشاسع الذي لازال عصيا على الإدراك البشري في غالبيته العظمى ،قبل ان تنفرز ثقافات بشرية تعتمد على قيم الاستقواء والقوة والعنف والإقصاء عوض الالتحام و التكامل والانسجام . .وأسست بذلك آليات مجتمعية تنتج عدم التوازن من خلال القوانين والأعراف والعادات والتقاليد وبات تراكم الاختلالات ثقيلا من خلال تواتر قرون من الاضطهاد وعلى رأس اللائحة يأتي اضطهاد النوع النسوي.
ثم انبلجت أضواء عصر الأنوار فبدأت البشرية في السعي لتصحيح الأوضاع المختلة من خلال آليات جد حديثة لا زالت فتية أمام صلابة الموروثات العتيقة .
بالتأكيد عندما ينعدم أو يتناقص العدل ينعدم أو ينقص السلم بين بني البشر
جميعا فأحرى بين المرأة والرجل .
وعندما تغيب قيم المساواة بين الجنسين تنتكس أعلام المحبة والتلاحم والاندماج ليحل محلها التنافر والتنازع والتخاصم وفي احسن الأحوال النقاش الحاد والجدل .
وقد يخفت وهج المشاعر الصادقة ليحضر وهم الحب الذي قد يكون
عابرا او مجرد فقاعات تنطفيء مع انطفاء النزوات العابرة أو ينزوي في ركن من القلب أمام سطوة حسابات المصالح ذات الطابع العقلاني حد الجفاف القاتل .
ليس عبثا ان تطغى على اجندات الفعل النسائي الآن عبر العالم برامج لمحاربة العنف ضد النساء . ذلك ان الواقع يبين فعلا حجم التردي الخلقي الذي ينغمس فيه بني البشر حيث يستبيح القوي الضعيف بصفاقة واضحة رغما عن كل القوانين والآليات الحداثية التي يبدو أن فعاليتها لا زالت محدودة أمام حجم
الشر الذي يطغى على هذا الكوكب .
لربما كنا نعيش عهدا عنيفا بامتياز يطغى عليه عنف السياسة والاقتصاد و القيم وحتى عنف الطبيعة : حروب وبؤس وفقر وكوارث بالجملة تؤثت مشهدنا اليومي صباح مساء.
كرامة الكائن البشري عموما مستباحة من طرف لوبيات السياسة والاقتصاد وحتى الإعلام ، .
ألوان من استغلال الإنسان لأخيه الإنسان تعج بها الحياة اليومية هنا وهناك .
أشكال من القهر تتناسل عبر العديد من التفاعلات البشرية لتثمر جبالا من الكراهية في شكل عنف او إجرام أو إقصاء أو احتقار حتى .
فلم لا يكون الكائن النسوي ، وهو المتموقع أسفل الهرم الاجتماعي حسب معايير التراتبيات المجتمعية مستباحا فعلا من خلال أشكال من العنف التي تمارس عليه واحيانا بمباركة من قيم ثقافية لا إنسانية ويمكن القول بأنها لا أخلاقية حتى .؟
الحب والإهانة لا يلتقيان .
الإهانة والإذلال يبتران شرايين الحب فيتم هدر المشاعر بدون رحمة في مستنقعات الحياة اليومية التي تلف فضاءنا العام .
الحب يتولد بالضرورة من الإعجاب والتقدير والاحترام وعندما تغيب احد هذه الأركان تتداعى بالتأكيد أركان الحب .
الإنسان المهدور في كرامته عاجز عن الحب . وإن عبر عن حاجته المحمومة إليه من خلال عالم الفانتازمات المتعددة .
ومن خلال كل البهارات الاصطناعية لإسكات أنين الذات ووجع المشاعر الموؤودة او المصادرة بسياجات المنع اللامتناهية .