بقلم : محمد السروجي ... 21.12.2010
انتهت الانتخابات المصرية الأخيرة بجملة من المخاطر والتداعيات فرضها نظام الحكم بإصراره على الاستبداد والفساد لنهاية المطاف ، تولدت قناعات عدة لدى عموم المصريين أهمها استحالة التغيير عبر صندوق الاقتراع في وجود هذا النظام وإصراره على إهدار كيان الدولة المدنية بتحويل المؤسسة التشريعية إلى ناد للحزب الوطني وتعطيل المؤسسة القضائية بتجميد الأحكام التي تولد ميتة بسبب عدم التنفيذ فضلاً عن تغول السلطة التنفيذية ، من هنا طرح البعض مفهوم العصيان المدني كوسيلة فاعلة للتغيير السلمي بديلاً عن أساليب أخرى قد تتسم بالخطورة والعنف ، لكن تبقى الإشكالية في مدى واقعية أو نظرية هذا الطرح ؟، نعم العصيان المدني نشاط شعبي متحضر يعتمد أساساً على مبدأ اللاعنف كما أنه أحد الأساليب الأساسية للمقاومة السلمية وهو مشروع لدى العديد من الدول والمجتمعات لكن من الممكن أن يتحول في لحظة لحالة حرب لا هوادة فيها في ظل أنظمة بوليسية مستبدة وفاسدة ، لذا من الضروري أن نتساءل عن مدى توفر عوامل النجاح أو غلبة معوقات الفشل ، هل هذا النوع من المقاومة السلمية مناسب لطبيعة الشعب المصري والنظام الحاكم بل والمنطقة العربية التي لم تنجح بعد في وسائل أقل كلفة وخطورة ؟ وهل هو مجرد دعوة جماهيرية أم أنه مشروع متكامل الأركان يحتاج لنشر ثقافته والتدريب عليه وتحمل تبعاته والإصرار على مواقفه وقبل كل هذا ضمانات الحفاظ على الوطن من فوضى متعمدة وجهات متربصة ونظام بوليسي متهور؟ نعم غالبية الشعب يعاني ومحتقن وغير راض لكنه ينتظر مخلص يتقدم الصفوف ويدفع الثمن هو دون غيره ، لقد عشنا وتربينا في مؤسساتنا الوطنية ، في البيت والمدرسة ، المسجد والكنيسة ، المعهد والجامعة ، على الفردية لا المؤسسية والموسمية لا الديمومة والاستمرارية على ردود الأفعال لا الأفعال ، على قصر النفس وثقافة الاستسهال بل على الخسارة القريبة أفضل من المكسب البعيد ، نحن بحاجة لتغيير جذري في أنفسنا كشعوب حتى نمتلك إرادة مزاحمة وإزاحة هذه النظم المستبدة الفاسدة ، نحن بحاجة ملحة لتحديد ماذا نريد ؟ وكيف نحققه ؟ ومتى؟ نعم ... المطلوب عسير والمشوار صعب وطويل وبحاجة إلى إعداد من نوع خاص يكافئ حجم مشروع الإصلاح والتغيير!!