بقلم : نواف الزرو ... 03.01.2011
في احدث تطورات المشهد الفلسطيني الممتد من اقصى شمال الضفة الى اقصى جنوبها نتابع :
الاحتلال يهيئ لعام استيطاني جديد برصد ميزانية ضخمة لمصلحة الاستيطان خلال العامين المقبلين/ د .ب .أ
السبت ,01/01/2011"، ما يشر الى إصرار دولة الاحتلال على إنهاء عملية السلام وضرب الجهود المبذولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه كما اعلن الناطق بلسان السلطة الفلسطينية. وكشفت صحيفة هآرتس العبرية على موقعها الإلكتروني "أن الحكومة الإسرائيلية خصصت نحو مليارين من الشواكل (نحو 563 مليون دولار) من ميزانيتها لمصلحة المستوطنات للعامين المقبلين، إضافة إلى مئات ملايين الشواكل (المخبأة) جيداً بين بنود الميزانية، مشيرة الى أن هذه الميزانية رصدت لتقديم الخدمات في المستوطنات وتأهيل البنية التحتية وحماية وتوفير الأمن للمستوطنين وبناء أحياء جديدة في مستوطنات "معالي أدوميم" و"جبل أبو غنيم"، إضافة إلى شق طرق تربط الأحياء الجديدة التي سيجري تنفيذها .
وعلى الصعيد السياسي، وجهت "اسرائيل"ضربة أخرى للسلطة الفلسطينية، حيث ابلغ المبعوث الاميركي جورج ميتشل الرئيس محمود عباس خلال لقائهما الاخير بان واشنطن قد تستخدم الفيتو ضد مشروع القرار الذي يطالب اسرائيل بوقف الاستيطان فورا ويدعو الى توفير حماية للمدنيين الفلسطينيين وتطبيق حل الدولتين.
ومن جانب آخر رفضت الخارجية الإسرائيلية تصريحات الرئيس عباس التي طالب فيها المجتمع الدولي بوضع خطة سلام جديدة لحل النزاع مع اسرائيل معتبرا ان عملية السلام بشكلها الحالي اصبحت عقيمة"،
وقال عباس "نطالب اللجنة الرباعية الدولية والمؤسسات الدولية المختلفة، وفي طليعتها مجلس الامن، صياغة خطة سلام تتفق وقرارات الشرعية الدولية بدل الاستمرار في عملية اصبحت في الحقيقة ادارة للنزاع لا حله/01/01/2011". و"تنقل فرانس برس عن متحدث باسم الخارجية الاسرائيلية قوله ان "اسرائيل مصرة منذ اشهر على محاولة جعل الفلسطينيين يجلسون مع الاسرائيليين حول طاولة المفاوضات، ويجب ان لا نفكر في حلول اخرى الا بعد استنفاد هذا الخيار"، مضيفا:"لم نصل بعد، على الاقل من الجانب الاسرائيلي، الى مرحلة التخلي عن المفاوضات".
فهل هناك يا ترى وقاحة وصلافة اشد من هذه الوقاحة الاسرائيلية...؟!
فلماذا تتمادى "اسرائيل" على هذا النحو مع الفلسطينيين...؟!
يحتلون ويسيطرون ويضمون ويهودون الارض والتاريخ والتراث..ويواصلون حروب التدمير والتخريب والالغاء للوجود والحقوق الفلسطينية...!
ويرفضون كافة القرارات الاممية المتعلقة بهذه الحقوق...!
ويرفضون كافة التدخلات والوساطات الدولية لصالح تسوية سياسية حقيقية...!
ويرفضون كافة المطالبات والتوجهات الفلسطينية والعربية للمجتمع الدولي والامم المتحدة ...!
الى كل ذلك، ففي المشهد الفلسطيني الماثل المزيد والمزيد :
فجيش ومستعمري الاحتلال يصولون ويجولون ويعيثون فسادا وتخريبا وتهديما وتهويدا...!
وقطعان المستوطنين اليهود يشنون-تحت حماية الجيش- حربا مسعورة على الارض والمزارعين وعلى شجرة الزيتون الفلسطينية على مدار الساعة...
يقطعون ويخربون ويحرقون ويسرقون ويدمرون موسم الزيتون الفلسطيني.
ويقتلون اصحاب الارض والشجر..!
وفي القدس يعربدون ويستولون على المنازل في الشيخ جراح وفي شعفاط والطور وفي سلوان وحي البستان، فيتصدى لهم الشبان والفتية في معارك يومية والحرب تدور من حي لحي ومن منزل لمنزل..
وفي منطقة بيت لحم تواصل قطعانهم مدعمة بقوات الجيش عربدتها كذلك ضد الارض والانسان...
وفي خليل الرحمن فحدث بلا حرج...!
فهذا الذي نتابعه على امتداد مساحة فلسطين بعامة، من حملات تخريبية وهجمات تدميرية، ومن حملات حرق وقطع وابادة لشجرة الزيتون الفلسطينية..وهذا الذي نتابعه من حملات اعتقالات ومحاكمات جماعية لاطفال فلسطين والقدس وسلوان على وجه الحصر...وهذا الهجوم الاستراتيجي الذي تشنه حكومة نتنياهو على الفلسطينيين والعرب لابتزاز اعترافهم ب"يهودية اسرائيل"..!
كل هذا الذي نتابعه ونشاهده من كم هائل من الاحداث والتطورات المتلاحقة انما يأتي في اطار مخطط استراتيجي صهيوني يستهدف الاجهاز على القضية والحقوق والامل في المستقبل لدى اصحاب القضية والحقوق...!
فما يجري على ارض القدس والضفة الغربية هو سطو صهيوني مسلح في وضح النهار على الارض والقضية والتاريخ والتراث...!
وما يجري هو انتهاك صارخ متواصل لكافة المواثيق و القرارات الدولية...!
وما يجري هو استخفاف بالعرب واحتقار سافر لهم ولمبادرتهم العربية...!
وما يجري تغطيه دولة الاحتلال بالقوة الغاشمة..!.
وكل ذلك يجري في وضح النهار على مرأى من المجتمع الدولي...!
فماذا نحن فاعلون فلسطينيا وعربيا في ضوء كل ذلك...؟!
سؤال كبير عاجل ملح مزمن على الاجندات الفلسطينية العربية..!
عالميا- بينما يجمع العالم كله تقريبا اليوم من امريكا الى اوروبا الى الامم المتحدة، ناهيكم عن الاجماع العربي والاسلامي على رفض الاستيطان الصهيوني، الا ان "اسرائيل" تستحضر دائما تلك المعادلة في العلاقات الدولية التي كان وضعها بن غوريون:" ليس المهم ما يقوله الغوييم-اي الآغيار- وانما المهم ما يفعله اليهود"....!
وليس ذلك فحسب، فهم يغطون عمليا السلب والنهب والسطو المسلح والجرائم بالايديولوجيا والاساطير الدينية، فالحاخام ياكوف سافير يعبر عن ذلك قائلا:"ان الانتقادات الدولية للاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية "سخيفة لان الله هو الذي وعد اليهود بهذه الأرض وعلى العرب ان يرحلوا الى مكان آخر"، ويضيف:"ان هذه الأرض هي ارض يهودية-انها ديارنا"؟.
وفي السياق كان ما يسمى بـ"حاخامات أرض إسرائيل" قد وجهوا رسالة تحمل في طياتها تهديداً صريحاً وواضحاً لرئيس الحكومة نتنياهو(الذي لا يحتاج قطعا الى تهديد) ينصحونه بألا يقوم بخطوات متسرعة من قبيل ترك -ما أسموه- بأرض إسرائيل لأعدائها لأنها ستجلب كارثة على الإسرائيليين وعلى نتنياهو بشكل شخصي حسب تعبيرهم".
عمليا على امتداد مساحة الارض في الضفة الغربية لم يتوقف بلدوزر التجريف والاستيطان عن العمل في جسم الضفة، اذ تكشف لنا احدث عناوين مشهد الاستيطان ونهب الاراضي العربية النقاب عن معطيات مذهلة حول مناطق نفوذ المستوطنات وامتداداتها وتداعياتها على مستقبل الوحدة الجيوديموغرافية الفلسطينية وعلى مستقبل الدولة الفلسطينية التي ما تزال تراوح في دائرة الحلم التاريخي...!
فهناك "38,3% من اراضي الضفة واقعة تحت سيطرة المستوطنات الاسرائيلية".
ولكن لترتفع هذه النسبة الى" 40% من الضفة الغربية تقع تحت سيطرة الامبراطورية الاستيطانية-كما وثق الدكتور صائب عريقات".
وعلى نحو مكمل تفيد المصادر الفلسطينية بان " المخطط الإسرائيلي التهم حتى الآن حوالي 40- 50% من الضفة والذي ما زال ساري المفعول"، مشيرة إلى "أن الحركة الاستيطانية الإسرائيلية أعلنت عن خرائطها وتصوراتها للحل مع الفلسطينيين، والذي يتضمن حصرهم في معازل على مساحة 35% من الضفة في حين إسرائيل تقوم بالتهام بقية الأراضي"؟..
إذن ، هي حروب شاملة على الارض والشعب الفلسطيني تتقدمها حروب الاستيطان والضم والتهويد، وهي سطو مسلح حقيقي يتسابق مع عملية المفاوضات والسلام العقيمة المماطلة، وتهدف إلى تطويب الضفة الغربية جزءا من"ارض اسرائيل الى الابد"...!
وكل ذلك جرى ويجري ليس فقط تحت مظلة المفاوضات والسلام الخادع المستمر منذ نحو عشرين عاما،
وانما بغطاء عربي وفي ظل حالة عربية بائسة ل لم تعرف حتى الآن سوى منح الادارة الامريكية الفرصة تلو الفرصة لاستئناف عملية المفاوضات، بدل ان ينتفض العرب لاعادة ترتيب اولوياتهم وخطاباتهم لصالح امنهم القومي المستباح موساديا كما تبين عبر الانكشافات الجاسوسية الاخيرة في مصر...!