بقلم : علي الكاش ... 22.01.2011
ما جرى مؤخرا في تونس أمر رائع ومثير يدعو للفخر والإعتزاز، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشعوب الواعية لمصيرها وحاضرها ومستقبلها شعوب حية لا تموت أبد الدهر، ربما تسكن قليلا كإستراحة مقاتل لسبب أو آخر لكنها سرعان ما تنشط وتنهض من جديد مفجرة طاقات أكبر. الشعب التونسي اثبت بجدارة منقطعة النظير بأنه النموذج الأصلح والأقوى والأثقف والأدرى والأوعى ما بين الشعوب العربية، نموذج راقي يصلح للإقتداء به، وأسلوب أنجح وأسهل للتخلص من الطواغيت، والمضي قدما حتى بزوغ فجر الحرية.
ثورة تونس، ثورة بيضاء ناصعة، بل هي ثورة عروس فعلا رغم التضحيات المحدودة التي قدمتها(حسبما أعلنته السيدة سهير بلحسن رئيسة الفدرالية الدولية لروابط حقوق الإنسان، بأن 58 شخصًا قتلوا منذ اندلاع أعمال العنف في تونس ووصفتها بـالمجزرة)، فالثمن أقل بكثير من المكسب مقارنة بأية ثورة أخرى وهذا مقياس لنجاحها. ثورة تونس صنيعة التونسيين أنفسهم وليس بضاغة مستوردة فالثوار الحقيقيون ليسوا بحاجة لأن يصبحوا عملاء ليشحذوا وقود الثورة من محطات المخابرات الأجنبية أو يقدموا المعلومات الإستخبارية عن دولهم للأعداء لتكون لقمة سهلة للإبتلاع. التونسيون أصحاب ثورة وطنية مائة بالمائه ثورة شريفة طاهرة لم تمد يدها المباركة للمساعدة الأجنبية والعربية.
ثورة تونس بنيت على أسس شعبية متينة، وعندما تكون الأسس صحيحة فإن النجاح سيصاحبها حتما ولا يتخلى عنها، ثورة تتألق وتزهو بنفسها كفراشة تتنقل بين الزهور ولا يمكن أن تتحول إلى عقرب تأكل أبنائها كما يروج بعض المنظرين السياسيين. يحيط بالتونسيين أشقاء عرب من كل الجهات يشاركونهم القومية والدين والتأريخ والمصير بل ورابطة الدم أيضا. لكنهم لم يطلبوا مساعدتهم لسبب بسيط وهو أن تبقى روح الثورة وجسدها تونسيا مائة بالمائة وهذه السمة هي الميزة الرائعة فيها.
ثورة تونس ثورة وطنية النكهة والطعم والرائحة لا أثر فيها لنفس عنصري ومذهبي وقومي، ثورة علمانية لم تكن بحاجة إلى مرجع ديني وآية عظمى يوجه مسارها أو يحرفه لطائفة ما. ولم يروج ثوارها إلى تعاليم مذهبية زائفة وشعارات بمظلومية فئوية تخص الثوار فقط، بل مظلومية التونسيين جميعا. فالظلم كالإرهاب لا قومية له ولا دين ولا مذهب ولا هوية، والظالم إرهابي وفق نفس المقاييس. ومحاربته هو الجهاد بأسمى معانيه. الجهاد ضد الظلم ليس بحاجة إلى فتوى من مرجع وآية فطريق الإسلام واضح ليس فيه متاهات ولا إنحرافات لمن يفهمه.
رجال الدين التوانسة كانوا رجال دين حقا وهم خير خلف لأجدادهم الصحابة وآل البيت، فالجوامع والمساجد هي ساحة عملهم والوعظ والإرشاد وتوعية الناس من صلب واجبهم. وعندما شجعوا الثوار في مسعاهم المبارك لم ينطلقوا من قاعدة مذهبية وإنما من قاعدة سماوية بتحدي الظالم والوقوف بقوة أمام سلطان جائر. لم يفكروا بثروات أو مكافأت ولا مقاعد برلمانية ولا مناصب لأبنائهم. فما إن استتبت الأمور حتى قفلوا راجعين إلى مساجدهم وصومعاتهم مباركين الثورة ورجالها ليؤدوا وظائفهم الدينية تاركين شؤون السياسة لمن هم أدرى منهم بها.
دول الجوار بموقفها المحايد كانت بحد ذاتها عنوانا راقيا لإحترام إرادة الشعب التونسي وسيادة البلد وإستقلاله وعدم التدخل في شؤونه الداخلية. دول الجوار لم تنظر للثوار نظرة مذهبية ولم ترسل فيالق الشياطين من تحت عبائتها، لتفرض نفوذها على البلد في خضم الفوضى والفراغ السياسي اللذان يصاحبا الثورة عادة في بدايتها. ولم تسخر دول الجوار وسائل الإعلام المنظورة والمخفية لنصرة فئة من الثوار دون غيرهم أو تحريض بعضهم على البعض الآخر. ولم تخصص دول الجوار فضائيات بملايين الدولارات لدس السموم الطائفية وزرع الفتنة بين صفوف الشعب الواحد، أوتوجيه الثورة إلى منعطفات خطرة ومتعرجة. لم ترسل دول الجوار عيون مخابراتها داحل تونس وتسيطر على المناصب الحيوية في الدولة وتسيرها وفق مصالحها عبر مواطنيها أو المتجنسين بجنسيتها وتنصبهم كوزراء وبرلمانيين ومسئولين في الدولة. ولم تكدس دول الجوار مستودعات ومخازن من الأعتدة تكفي كذخيرة لحرب طويلة في جميع أرجاء تونس لغايات مشبوهة. ولم ترسل الإسلحة من الصواريخ إلى المسدسات كاتمة الصوت لأغتيال من يهدد مصالحها. موقف دول الجوار كان موقفا مشرفا رغم ان دول الجوار علمانية ولا تتخذ من الإسلام عنوانا دعائيا لثورتها ونهجها السياسي كما تفعل بعض الدول المتسترة بالإسلام وهي الأبعد عنه.
ثوار تونس الخضراء ليسوا كثوار المنطقة الخضراء، انهم ثوار حقيقيون وليسوا عملاء تركهم الغزاة خلفهم كالروث ولربما للروث فائدة أكثر منهم. وثورتهم ليست حزبية فلم يتخذ أي حزب من أحزاب الساحة موقف المبادرة ويسرق الأضواء من بقية الأحزاب. أو تتفجر عنده ملكة البطولة دون سابق إنذار فيشيع بأنه الحزب الواحد الذي أشعل فتيل الثورة وهم الذي يمتلك نواصي الذكاء ومقومات النجاح. فالأحزاب التي شاركت في الثورة لم تنطلق من توجهات حزبية أو مواقف ربحية وكسب أنصار جدد. وإنما من موقف وطني واحد موحد. رافعين شعار جمعي(عندما ينادي الوطن أبنائه ويستغيث بهم. يجب تلبية النداء مهما اختلفت الرؤى والمواقف والتوجهات عند المواطنين، فالوطن يسمو فوق جميع الإعتبارات.
لم تكن ثورة تونس بحاجة إلى منظرين سياسيين وخطباء وزعماء سياسيين وقادة ثوريين، طالما هناك وعي عميق يمثل القاسم المشرك بين الجماهير الثائرة. مقومات الثورة مذهلة تكاد أن تكون ضربا من الخيال. قصة الثورة لا تتجاوز بضعة أسطر. خريج جامعة لم يتمكن من الحصول على وظيفة حكومية فتوجه إلى القطاع الخاص وإستخدم مسطر صغير لبيع الخضروات لإعالة أسرته الكبيرة, لكن الشرطة لم تسمح له بذلك. وخلال مناقشة حادة معهم لشرح ظروفه القاهرة صفعته شرطية على وجهه. الرجل استخدم الوسائل القانونية لرد الإعتبار لنفسه وولج إلى أبواب السلطات الحكومية فلم تسعفه وأقفلت الأبواب بوجه. أراد أن يلفت الإنتباه إلى قضية أمة وليس قضية خاصة تتمثل بمارد البطالة الذي يهدد خريجي الجامعات وإعتداء عناصر الشرطة عليه وفشله في الحصول على حقه فأشعل نفسه دون أن يدرك إنه أشعل معها فتيل ثورة كبرى. قصة بسيطة كبساطة الثائر نفسه لكنها كبيرة المعنى.
ثارت المدينة تلو المدينة بطريقة الأواني المستطرقة وتساوى الغضب الجماهيري في كل بوتقة تونسية دون أن يسأل الثوارعن هوية ودين ومذهب وقومية وعشيرة الشهيد. إنه مواطن تونسي أضطهد بطريقة مجحفة من قبل السلطة الغاشمة. الوعي الجمعي يكفي لإندلاع شرارة الثورة ولا حاجة إلى أسباب أخرى. المثير في المشهد التونسي ان الشهيد لم يثور بسبب معاناة من أزمة السكن، ولم يعاني من جرائم الإحتلال، أو نقص الكهرباء وشحة المياه الصالحة للشرب، ولا تلوث البيئة بالفسفور الأبيض. ولا تهديدات الميليشيات المسعورة، ولا نقص الخدمات التعليمية والصحية واليلدية. إنه لم يعش في دولة محتلة بلا سيادة، ولم يعش في أقذر دولة في العالم. أو دولة فيها أعلى مستوى من الفساد المالي والإداري( تونس المرتبة 59 والعراق 175 حسب مؤشرات منظمة الشفافية العالمية). ولا في دولة غنية تصدر النفط بمليارات الدولارات(300) مليار دولارا خلال 4 سنوات) في حين نصف مليون من شعبها يعتاش على المزابل. ولا في دولة حصلت على المرتبة الثانية بعد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مجال إنتهاكات حقوق الإنسان ليعبر عن غضبه بهذه الطريقة.
الشهيد لم تكن له أخت كعبير حمزة تغتصب وتقتل مع أفراد أسرتها دون أن يطال القضاء المجرم ذي الحصانة الخارقة. ولا أخ أو أبن قتل على الهوية من قبل التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وحزب الله وعصائب الحق وفيلق بدر وجيش المهدي أوميليشيات عائدة لدول الجوار. الشهيد لم يقض وقته في البحث والتفتيش عن جثة لقريب له في مستشقيات البلد ويعود فارغ اليدين، غير مدرك بأن الجثة غدت غذاءا للأسماك أو الكلاب السائبة التي تعتاش على حاويات القمامة.
لم يكن عند الشهيد أخ أوقريب مشتبه به وشى به المخبر السري وأختفى في سجون الدولة الديمقراطية منذ سنوات بلا مذكرة توقيف ولا محامي. الشهيد لم يترك بيته ليعود في اليوم الثاني ليجد هناك من أحتله وإستولى على ممتلكاته ويرفض أن يتركه, وعندما توجه إلى القضاء وجد أبوابه مغلقة أيضا كما وجدها الشهيد. الشهيد كانت له أسرة موحدة متماسكة رغم فقرها وليست اسرة مهجرة قسرا موزعة في أشتات العالم لا يعرف شيئا عن مصيرها. الشهيد كان يعود إلى بيته في منتصف الليل دون أن يخشى ما يهدد سلامته من لصوص الدولة ورعاع الطرق ولم يكن يخشى أن تقحم عناصر الشرطة بيته وتفتك بأسرته وتسرق ما تيسر لها. الشهيد لم يسجن ظلما ويغتصب شرفه من قبل العيون الساهرة، أو تجلب أخته لتغصب أمامه إذا لم يعترف بجناية هو بريء منها فيثأر لنفسه ممن إنتهك عرضه.
الشهيد لم يك في قاعة إمتحانية ودخل عليه وزير التربية مع زمرة من المجرمين ليطلقوا الرصاص ويصيبوه بجروح ويبرأ القضاء الأعمى الوزير وعصابته من الجريمة التربوية. الشهيد لم تقطع عنه الحصة التموينية أو يوزع عليه الطحين مخلوط بمواد سامة، ومواد غذائية غير صالحة للإستهلاك البشري مستوردة من جارة مسلمة كما تزعم. الشهيد لم يحرم من الوظيفة لأن منافسيه من حاملي الشهادات المزورة أو الصادرة من حوزة علمية في بلد مجاور! وبدلا من أن يطردوا من وظائفهم بسبب هذه الجريمة المخلة بالشرف ويفسحوا المجال أمام أصحاب الشهادات الصحيحة. يصدر رئيس الوزراء إمرا بإعفائهم! مببرا جريمة التزوير بطريقة ساذجة. دون أن يجرأ على القول بأن شهادته وشهادة الكثير من وزرائه ووكلائهم وعدد من البرلمانيين مزورة ايضا.
الشهيد لا يعيش في بلد هو الأول في نسبة البطالة كالعراق حيث تبلغ 40% فنسبة البطالة في تونس لا تتجاوز 14،1% فقط, كما ان الحكومة التونسية لم تقف ساكنة أما هذه النسبة كحكومة المنطقة الخضراء. فقد عملت على تخفيضها من 15،6% العام الماضي إلى هذه النسبة، وخططت بجدية الى تخفيضها خلال السنوات القادمة. كما إن تونس تقفز في مجال الإستثمار الصناعي رغم قلة مواردها فقد سجلت خلال العام الماضي زيادة بنسبة 4،19% . وليس كالعراق ألذي فشل في توظيف رؤوس أمواله الضخمة في مشروع إستثماري صناعي واحد منذ الغزو لحد الآن.
متوسط دخل المواطن التونسي الثائر(3772) دولارا في حين يبلغ متوسط دخل نظيره العراقي الخامد(710) دولارا! كما أن إجمالي ميزانية الحكومة التونسية لهذا العام (19،192) مليار دولارا بزيادة اكثر من مليار عن العام الماضي، بمعنى إن الحكومة رغم دكتاتورية النظام لكنها كانت تسعى لتنمية البلد ولس نهبه كحكومة العراق الديمقراطية التي بلغت ميزانيتها (67) مليار دولارا لنفس الفترة وبعجز بلغ(18) مليار دولارا. النظام الدكتاتوري في تونس لاتتجاوز فيه مخصصات رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان 5% من مخصصات نظيره العراقي التي بلغت(831) مليون دولارا!
ما نهبه الدكتاتوريون في تونس لا يساوي0.1 % من ما نهبه الديمقراطيون في العراق. فزوجة الرئيس التونسي ليلى الطرابلسي إصطحبت معها خلال هروبها إلى دبي(60) مليون دولارا فقط! حسب ما ذكرته صحيفة اللوموند الفرنسية والطريف في الأمر إن المبلغ لم يكن بعهدتها او في القصر الرئاسي بل في البنك! كما إن محافظ البنك المركزي رفض تزويدها بالمبلغ وكذلك زوجها الدكتاتور، ولكنه في النهاية رضخ لطلبها. أما الديمقراطيون في العراق المحتل فقد نهبوا خلال عام واحد (841،620،458) مليار دينار عراقي فقط! ومصدر هذه المعلومة الحكومة نفسها وليس مصدر معارض حاقد على العملية السياسية الفاشلة. فقد صرح بذلك (رحيم العكيلي) رئيس هيئة النزاهة العامة في مؤتمر صحفي تداولته وسائل الاعلام.
كل مقومات الثورة موجودة في العراق و1% من هذه المقومات موجودة تونس التي ثارت وخمد الشعب العراقي كالرماد تحت شعلة تونس ليعبث به الهواء وينثره. الشعب العراقي لا يثور رغم إنه غارق من رأسه إلى أخمص قدميه في مستنقع الظلم والذل والعار. لأنه ببساطة يخشى أن يفقد أتباع آل البيت دفة الحكم الذي سلمهم أياه حلفائهم الغزاة الامريكان وأي شرف في ذلك! علما أن الحكام الحاليين ممن يسمون أنفسهم أتباع آل البيت هم أشد من المغول ظلما وافتك منهم بأرواح الأبرياء. العراق لن يثور لأنه مخدر بأفيون المرجعية الفارسية في النجف التي تتلاعب بعقول أبنائه وتبتزهم بالخمس، وتصبرهم على حياة الذل والعار والإستعباد لغاية خروج صاحب الراية السوداء كحظنا الأسود الذي أبتلانا بأكثرية جاهلة وساذجة وذليلة لا تميز بين الحق والباطل، ولا بين الصح والخطأ، ولا بين الأيمان والكفر، ولا بين المقاومة والإرهاب، ولا بين الوطني والعميل.
المرجعية الصامتة عن قول الحق لقرون خلت متشبهة بصمت المقابرة ليلا، خرجت مع الغزو عن صمتها وأظهرت لسانها الطويل الثرثار ليسبح بحمد الرئس بوش ويمجد العملاء ويزين الوجه القبيح للولي الفقيه القابع في قم الذي طوي مبتسما خارطة العراق تحت أبطه النتن. لا ثورة في العراق حتى خروج (غودو آل البيت) من سردابه المظلم. فالظلم والذل والإستعباد لم يملأ الدنيا بعد ليحل ظهوره. لا تزال الصين واليابان ودول أوربا والقارتين الأمريكيتين واستراليا ومعظم دول افريقيا بخير ولم يملئها الجور الذي حدده غودو وفق مقايس ريختر للمظلومية العالمية.
شرائع الله معطلة فلا جهاد ولا ثورة على الظالمين والطغاة لأن في ذلك خروح عن طاعة المهدي! ومنزلة المهدي فوق منزلة الخالق لأنه يتمكن من تعطيل الفروض والشرائع التي سًنها الخلق للمخلوق، فأي جبروت لدى المهدي؟
الشعب العراقي لا يثور لأنه شعب طائفي وعشائري بإمتياز، لا مثيل لطائفيته سوى عند أسياده الفرس. والطائفية لديه بمنزلة عظمى كآيات الله العظمى، تسمو على كل القيم السماوية والوضعية. أما مفاهيم الوطنية والقومية والعروبة والسيادة والكرامة فهي مفردات عاهرة أسقطت عمدا من قاموسه ودستوره التوراتي – الفارسي الذي صيغ بأمهر الاصابع الفيلدمانية- الخامنئية.
الشعب العراقي لا يثور لأنه لا يومن بشيْ أسمه الثورة، فالثورة خروج عن توجيهات المهدي، لكنه من جهة ثانية يمجد ثورة الخميني رغم إنها تمثل خروجا عن طاعة المنتظر فأي مفارقة هذه؟ الأنكى منه ذلك إنه يتغنى بالثورة الحسينية ويمجدها ويتخذ منها شعارا أبديا، لكنه لا يقتدي بها ولا يلتزم بمبادئها! أليس هذا هو النفاق في أبشع صوره، والدجل في أحقر أنواعه.
الشعب العراقي لا يثور لأنه لا يوجد بين ملايينه المسحوقة (بو عزيزي) واحدا! ولو إفترضنا جدلا وجود مليون بو عزيزي أحرقوا أنفسهم منتفضين ضد الطواغيت، لمً أهتزت شعرة واحدة من شارب وزير أو نائب عراقي أو شعروا بوخزة ضمير. منذ تسعة شهور وحرب الكراسي ما تزال مستعرة بين الأحزاب الحاكمة.
الشعب العراقي لا يثور لأنه لا يوجد وزير شريف في الحكومة العراقية مثل وزير الخارجية التونسي كمال مرجان الذي إستقال من منصبه إحتجاجا على سقوط قتلى من المدنيين، وقدم تعازيه لعوائل الشهداء قبل سقوط النظام، واعترف أمام الشعب بأن " النهب والسرقات القائمة تتم من قبل عصابات تابعة للنظام العاجز والشعب التونسي منها براء" وينهي كلامه بعبارة وجييزة" عاشت تونس حرة وديمقراطية".
الشعب العراقي لا يثور لأنه لا يفهم الرسالة التونسية ولن يفهمها رغم أن رسالتي الحسين وبو عزيزي تصبان في مصب واحد.