بقلم : ابراهيم أبو صعلوك ... 21.5.07
تتوالى ذكرى النكبة التي صادفت يوم الاثنين 2007/05/15 على مر السنين على مسجد دهمش، الذي بني في القرن التاسع عشر؛ على يد احد أبناء مدينة اللد دون أن يندمل جرحه الذي أحدثته المجزرة التي نفذتها القوات الإسرائيلية عام 1948 بداخله، عندما احتلت المدينة، ولكن شموخه الذي عاد إليه بعد أن أصبح يزهو في حلته الجديدة التي اكتسى بها بعد عملية التحرير والترميم التي تمت على يد كوكبة من أبناء مدينة اللد، وبمساعدة الجماهير العربية في البلاد، لم يفلح أن ينسيه تلك المجزرة البشعة التي راح ضحيتها 173 شهيدا، فهي تلوح في أفق الذاكرة على الدوام وتنتقل إلى واجهتها كلما سقط شهيد أو جريح، وما أكثر الشهداء والجرحى في هذه الأيام، حيث أن كثرتهم لم يبقها وحيدة فما أكثر المجازر أيضا فلا يكاد يمر يوم دون أن ترتكب مجزرة هنا أو هناك إلى درجة أن أصبحت هذه المجازر مبعثا للحيرة لدى من يريد الحديث عن أيها يتحدث لكن لا ضير فليتحدث كل عن مجزرته وان كانت جميعها مجازرنا فكما قيل " الجرح واحد".
يقع مسجد دهمش الذي بناه احد أبناء المدينة، خليل دهمش، عام 1948 ونسبة لاسمه سمي "بمسجد دهمش" في وسط مدينة اللد التي كان يبلغ عدد سكانها عام 1948 حوالي 19 ألف نسمة من العرب حيث لم يساكنهم فيها سواهم احد لكن هذا العدد تقلص إلى حوالي 1052 عربي فقط بعد إن طردت القوات الإسرائيلية باقي أهلها لتستبدلهم بغيرهم حيث قامت لأجل تسهيل عملية تقليص عدد هؤلاء السكان وكي تتمكن من اقتلاع أهل اللد كغيرهم من سكان فلسطين بشكل عام بقتل حوالي 173 من سكان المدينة الذين احتموا بالمسجد ظنا منهم أن هذه القوات ستراعي حرمة دور العبادة لكنها لم تفعل بل تمادت في فعلها إلى درجة أنها رفضت حتى تمكين السكان من دفن هؤلاء الشهداء وأمرت بحرق جثثهم الطاهرة لتقول بذلك لمن بقي من أهل اللد فيها، ولمن قدموا إليها فارين بعد أن طردتهم هذه القوات من قراهم ومدنهم المحيطة بالمدينة ليشكلوا في هذه الأيام حوالي 27% من مجموع السكان المدينة الكلي الذي يبلغ 72 ألف نسمة لن يكون حالكم أحسن من حال أجدادكم فهي وان لم تطردهم بشكل مباشر كما فعلت مع أجدادهم إلا أنها تمارس عليهم صنوف الاضطهاد والحصار والتجهيل الذي يتمثل في عدم توفير الظروف الملائمة للتعليم في المدينة فها هم طلاب المدرسة الثانوية الوحيدة فيها يتعلمون في الملاجئ بسبب تزايد عدد الطلاب وقلة الغرف الدراسية في المدرسة، بالإضافة إلى عدم تطوير إحيائهم ومحاصرتها بالحواجز الشرطية بين الفينة والأخرى بحجة مكافحة المخدرات وقد يكون الهدف الحقيقي من وراء ذلك هو اقتلاعهم من مدينتهم كما تم اقتلاع أجدادهم من قبل ولكن في بعض الأحيان "تجري الرياح بما لا يشتهي السفن" حيث شكلت مجزرة مسجد دهمش وما تلاها من مضايقات وحيا للسكان العرب في مدينة اللد للتوحد والتعاضد لأجل التمسك بما سلم من عمليات الهدم والتجريف من الآثار العربية والإسلامية في هذه المدينة العربية أصلا التي يعود تاريخها إلى الكنعانيين العرب.
على رأس هذه المعالم والآثار مسجد دهمش الذي تم افتتاحه عام 1996 حيث صادف يوم إعادة افتتاحه لاستقبال المصلين مجددا ذكرى النكبة أي بعد مرور ما يزيد على أربعين عاما على إغلاقه على ما فيه من أثار لدماء الشهداء الطاهرة لينضم إلى ما تم بناؤه من مساجد ومراكز ثقافية في المدينة كمسجد الدعوة في حي شنير ومسجد النور الواقع في الحي العربي في المدينة ومركز باب لد الثقافي الواقع بمحاذاة المسجد الكبير الذي خضع هو الأخر لعمليات ترميم واسعة في السابق وكنيسة مار جورجيوس، ليوحي ذلك كله إلى مرتكبي المجازر في العالم بأسره أن الحق لا يموت وان مات أهله حيث قيل من "خلف ممات" والى جميع أصحاب الحقوق في الدنيا إن عبق دماء الشهداء الزكية يشكل حرزا حاميا وحافظا لهذه الحقوق ودافعا إلى الإخاء والتوحد حولها.