بقلم : وليد دقه* ... 27.03.2011
*رسالة الأسير وليد دقة بمرور ربع قرن على أسره (منذ 25.3.1986)، وما يزال يخوض نضالاً لتحديد عدد سنوات محكوميته وللسماح له بإلإنجاب من زوجته، فيما ترفض السلطات الإسرائيلية السماح له بالإنجاب لـ"إعتبارات أمنية".
أكتب لطفل لم يولد بعد..
أكتب لفكرة أو حلم بات يرهب السجان دون قصد أو علم، وقبل أن يتحقق..
أكتب لأي طفل كان أو طفلة..
أكتب لابني الذي لم يأت الى الحياة بعد..
أكتب لميلاد المستقبل، فهكذا نريد أن نسميه/نسميها، وهكذا أريد للمستقبل أن يعرفنا..
عزيزي ميلاد..
اليوم، أنهي عامي الخامس والعشرين في السجن – تسعة آلاف ومئة وواحد وثلاثون يوماً وربع (۹١٣١).. إنه الرقم الذي لا ينتهي عند حد.. إنه عمري الاعتقالي الذي لم ينته بعد.. وها أنا قد بلغت الخمسين، وعمري قد انتصف بين السجن والحياة.. والأيام قد قبضت على عنق الأيام.. كل يوم أمضيته في السجن يقلب "شقيقه" الذي أمضيته في الحياة، ككيس يحاول إفراغ ما تبقى به من ذاكرة.. فالسجن كالنار يتغذى على حطام الذاكرة.. وذاكرتي، يا مهجة القلب، غدت هشيماً وجف عودها.. أهرّبها مدونة على ورق حتى لا تحترق بنار السجن والنسيان.. أما أنت، فأنت أجمل تهريب لذاكرتي.. أنت رسالتي للمستقبل بعد أن امتصت الشهور رحيق أخوتها الشهور.. والسنين تناصفت مع أخواتها السنين..
أتحسبني يا عزيزي قد جننت؟؟ أكتب لمخلوق لم يولد بعد؟؟
أيهما الجنون.. دولة نووية تحارب طفلاً لم يولد بعد فتحسبه خطراً أمنياً، ويغدو حاضراً في تقاريرها الاستخبارية ومرافعاتها القضائية.. أم أن أحلم بطفل؟؟
أيهما الجنون.. أن أكتب رسالة لحلم أم أن يصبح الحلم ملفاً في المخابرات؟؟
أنت يا عزيزي تملك الآن ملفاً أمنياً في أرشيف الشاباك الإسرائيلي.. فما رأيك؟؟
هل أكف عن حلمي؟؟
سأظل أحلم رغم مرارة الواقع..
وسأبحث عن معنى للحياة رغم ما فقدته منها..
هم ينبشون قبور الأجداد بحثاً عن أصالة موهومة..
ونحن نبحث عن مستقبل أفضل للأحفاد.. لا شك آت..
سلام ميلاد.. سلام عزيزي..