بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 06.04.2011
زغرد شجر الثورات العربية، وتفتح الزهر، وانعقد الثمر الذي أرعب قادة أمنين إسرائيليين، ورؤساء سابقين لجهاز "الشاباك الاستخباري"، وقادة في جهاز "الموساد"، وأجهزة أمن أخرى؛ وهي مؤسسات تحظى بثقة واحترام الصهاينة والجمهور الإسرائيلي، وبدءوا بنشر مبادرتهم الرامية إلى انسحاب إسرائيل إلى حدود سنة 67 ، ومن هضبة الجولان السورية المحتلة، والدعوة لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية!.
لا شك أن الحس الأمني، والإدراك المبكر بالخطر المحدق بوجود إسرائيل كان المحرك لهؤلاء كي يتقدموا بمبادرة تقول إحدى فقراتها: استنادا إلى ما يحدث في الوطن العربي، وفهم جنرالات إسرائيل لأبعاد هذه التظاهرات، فإنهم قرروا الضغط على حكومتهم للعودة إلى مفاوضة السلطة الفلسطينية.
هذا الحذر الذي يأتي على هيئة حراك سياسي، والذي سيفرض نفسه لاحقاً على وجدان المجتمع الإسرائيلي، يعود بالذاكرة العربية إلى الوراء لمدة عام، حين لهث بعض القادة السياسيين الفلسطينيين المتشيعين للمفاوضات إلى أبد الآبدين، لهثوا خلف الوهم، ونشروا مبادرة السلام العربية في الصحف الإسرائيلية على هيئة إعلان مدفوع الأجر، كي يؤثروا في الرأي العام الإسرائيلي، الذي سخر في حينه من العرب ومبادرتهم!
وسأعود بالذاكرة إلى يوم الخميس الماضي، إلى استطلاع رأي نشرته صحيفة هآرتس، يخلص إلى توجه الشبان اليهود نحو التطرف، ودعم القرارات الأكثر تطرفا في إسرائيل، وإلى دعم الزعماء الأكثر قوة، خاصة زعماء اليمين الإسرائيلي، وأظهر الاستطلاع أن 75% من الشبان اليهود غير مقتنعين بان المفاوضات مع الجانب الفلسطيني سوف تتوصل إلى اتفاقية للسلام، ويحبذون بقاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على حاله.
المشهد السطحي الإسرائيلي يوحي بالتباين بين موقف قادة أمنيين إسرائيليين جنحوا للاعتدال، وبين موقف الفتية اليهود الذين ما زالوا ينهجون التطرف، ولكن الرؤية العميقة لما يتفاعل في الوعي، يؤكد صحة استشعار قادة أجهزة الأمن للمستقبل، فهم الأكثر دراية بانعكاس المتغيرات على وجود إسرائيل، وعلى وجدان الفتية قليلي التجربة، والذين ما زالوا يعيشون تحت تأثير للمرحلة العربية السابقة، بالتالي هم في حاجة إلى مزيد من الوقت كي يدركوا هول المتغيرات، التي ستنعكس على ورقة الانتخابات الإسرائيلية القادمة.
فهل سيدرك القادة السياسيون الفلسطينيون الذين حركوا في ميدان رام الله مظاهرة تعادي جماهير مصر في ميدان التحرير، وتؤيد نظام مبارك، هل سيدرك أولئك ما أدركه قادة أجهزة أمنية إسرائيلية؟ وإن أدركوا متأخراً؛ فهل سيقصدون مصالحة فلسطينية تلتقي على برنامج سياسي يرفض الاعتراف بإسرائيل، ويدير الظهر لأوسلو؟ وهل سينصاعون لهيئة قيادية فلسطينية عليا؛ لها حق الفصل في القرار السياسي الفلسطيني؟!.