بقلم : سهيل كيوان ... 13.01.2011
مفاجآت سارة لم أتوقعها حدثت لي منذ مطلع العام الجديد، دخلت صديقة أعرفها منذ أشهر في حديث معي على(المسنجر)، وقالت لي بعد السلام والتهنئة بالعام الجديد...هل تعلم أن هناك سيدة تحبك...
أحقاً!من هي؟
لا لن أخبرك...
لماذا..!من حقي أن أعرف من هذه التي تحبني..
وما الداعي لأن تعرف؟
لأن الحب من وراء الظهر نميمة، مؤسف جداً أن يكون هناك من يحبك ولا يبوح لك بذلك، يجب أن نتحلى بالشجاعة الأدبية، يجب أن نعترف لمن نحب بأننا نحبه سواء أعجبه ذلك أم لم يعجبه....
إنها تستحي...
بل هي جبانة، تفعلون'السبعة وذمتها' في الخفاء ثم تستحون من الحب، لا حياء في الحب..
على كل حال لن أخبرك من هي فأنت تعرف أنني لا أغتاب أحداً...
انشغلت بعض الوقت محاولاً تخمين من هذه التي تغتابني حباً!
لم تمض ساعة على هذه المحادثة التي أعادت لي شيئا من ثقتي بنفسي التي أصيبت بشيء من الفتور حتى رن الهاتف، كان هذا صوت رجل...أنا من المصرف الذي تدير حسابك فيه...نحن مستعدون لخدمتك...إذا أردت قرضا لإتمام بناء بيتك فلا تضايق نفسك، لك أن تحصل على قرض إسكان لمدة عشرين عاماً بدون كفلاء وبفائدة رمزية، أنت من أفضل زبائننا، هل تعلم أنك من أوائل زبائن فرعنا، منذ ثلاثين عاماً لم تحدث أي مشكلة في حسابك، أنت زبون عريق ومحترم...نحن هنا لخدمتك!
- أشكرك يا سيدي...إذا احتجتُ بالفعل ستكون أول من يعلم..
نهارك سعيد...
- نهارك سعيد يا سيدي...
ياه...إنه شعور جميل مثل هطول المطر بعد يأس ورجاء.
سيدة تحبك من وراء ظهرك، وآخر يعرض عليك قرضاً طويل الأمد بفائدة بسيطة وبلا كفلاء، هذا بالفعل يشبه المعجزة ولا يحدث إلا نادراً. قبل سنوات طلبت قرض إسكان كهذا، فطلبوا مني عشر شعرات من شاربي الغول وعشرين شعرة من عانة الغولة، وعندما فاجأتهم وأحضرتها بعد سبع ميتات قالوا لي.. عليك الآن أن تعيدها من حيث أتيت بها وتحضر وصلاً بذلك...
يبدو أن الدنيا تتغير من حولي، أشعر بسعادة حذرة، إنها بداية سنة جديدة موفقة جدا، وليس كما توقعته الأبراج لمولود الميزان،على كل حال فليضرب المنجمون سواء صدقوا أم صدفوا.
في آخر الليل فتحت بريدي الألكتروني فوجدت رسالة من شركة الهاتف..تحية وبعد، أولاً نود أن تقبل اعتذارنا لحضرتك، لقد تبين أننا أدنا حسابك في الأشهر الأخيرة بمحادثات أكثر مما استخدمت بالفعل..نحن مدينون لك بمبلغ يصل إلى 1123 شيكل، سوف تحسب في رصيدك في الأشهر القادمة.
يا سلام...أنا لا أصدق، مرات عدة ذهبت الى مكاتب شركة الهاتف وملأت القاعة صراخاً واتهمتهم بالسرقة، وكان الموظفون بلباسهم الموحد يستقبلون غضبي وتهديداتي باللجوء إلى الصحافة والتحريض ضدهم بابتسامات باردة، بينما الحارس المسلح ينظر إليّ بصمت تمثال ويده على مسدسه في حالة تأهب قصوى لأي طارئ، وبالمقابل تعدني فتاة خصبة الأنوثة بفحص الأمر، وتقدم لي حبة ملبس على روح النعناع، أخجل من رفضها وأخرج مبتلعاً غضبي! ها هم أخيراً يعترفون وهذه المرة حتى دون الذهاب إليهم ودون صراخ وحرق أعصاب وملبس على روح النعناع. تنفست الصعداء، ونقلت الخبر السعيد للأصدقاء والأسرة والزملاء في العمل.
الآن بقيت مشكلة الماء...ارتفع ثمنه في الأشهر الأخيرة بأربعة أو خمسة وحتى ستة أضعاف بعد تسليم الأمر لشركة خاصة، ولكن هل يعقل أنني صرفت تسعين كوباً في شهرين...يعني تسعين ألف لتر في ستين يوما، وهذا يعني أنني أصرف لتراً من الماء في كل دقيقة..حتى عندما يكون الجميع في العمل والدراسة أو النوم! وهذا رغم حرصي الشديد، فقد جمعت أبناء أسرتي وحثثتهم على التوفير بالماء، ليس بسبب سعره الباهظ فقط، ولكن بسبب الدعاية في وسائل الإعلام التي تحذر 'إسرائيل سوف تجفّ'. وأنا مواطن أمشي على حد السيف، وأتجنب الوقوع في الشبهات، لأنه بهذه الوتيرة من القوانين الليبرمانية قد يصبح صرف المياه الزائد تهمة أمنية هي التآمر على تجفيف إسرائيل، ثم إذا هي جفت بالفعل لا سمح الله، ألن تكون المنطقة كلها هدفاً لريّ غليلها! لهذا صرت أراقب ابنيّ الإثنين المراهقين عند دخول أحدهما الحمام، أسمع خرير المياه، وبعد دقيقتين لا غير أتساءل...من يستحم هناك!كفى سكباً للمياه، حرام عليكم 'إسرائيل سوف تجف'...أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولهم!
لم يمض أسبوع على (مسنجر المحبّة) حتى لاحظت حركة غريبة وراء البيت حيث عداد المياه، رأيت رجلا غريبا بيده مفتاح مواسير وأشياء أخرى...
من حضرتك، وما الذي تفعله!
يا أخي أنت مواطن صالح، ولست مبذراً للمياه كما يفعل بعض المستهترين بالقضايا الاستراتيجية، ولكن العدّاد عندك من النوع القديم، إنه يضاعف ما تستهلكه عدة مرات، نحن نعرف حرصك على مياه الدولة، ولهذا أرسلوني كي أثبّت لك عداداً جديداً على حسابهم، يبدو أن لك أصدقاء يحبونك من فوق فوق فوق وأنت لا تدري...
نظرت إلى فوق فوق فوق..يا إلهي..ما الذي يحدث في هذه البلاد...! هل نحن في فيلم هندي - تركي- عربي مشترك أم ماذا!ماهذه الأمور الجميلة التي تحدث وبهذه الوتيرة! على كل حال ما دام الأمر كذلك، فقد بت أتوقع أن تعيد لي مصلحة الضرائب نصف ما جبته مني في السنوات السبع الأخيرة، ولا بد أن يعترف قسم الجباية في المجلس البلدي بوقوع خطأ غير مقصود، لأنني رغم دفعي المنتظم للضرائب منذ سنين طويلة فإن ديوني تزيد بدلاً من أن تتلاشى، الآن بت متفائلا بكل شيء، سنة تبدأ بحب من وراء الظهر لا بد أن تحمل معها خيراً كثيراً.....
في اللقاء التالي مع صديقتي (المسنجرية) حاولت مرة أخرى أن أعرف من هذه التي تحبني من وراء ظهري، فقالت لي 'بصراحة مزحتُ معك، أحببت أن أمنحك شعوراً بالسعادة'.
لم أعد أصدقها، فالحقيقة هي ما قالته أولاً، وسوف أمضي في تفاؤلي، وما يؤكد حدسي بأن الدنيا تتغير إلى الأفضل، هو موقف (الشاباك)..نعم جهاز الأمن العام...فقد عارض اقتراح سحب الجنسية من مواطني إسرائيل العرب الذين يدانون أو أدينوا في قضايا أمنية، (الشاباك) ياجماعة بات أقل تطرفاً من مُركبّات الحكومة الحالية نفسها، هذه الحكومة التي يقول رئيسها إن الهدم في القدس الشرقية والاستيطان والمصادرة وقتل الناس في غرف نومهم قانوني لا غبار عليه، ثم يتساءل ببراءة..شو القصة...ليش زعلانين يا فلسطينية..حدا غلط معكم شي...إرجعوا للمفاوضات المباشرة وخذوا كل حقوقكم..من عيني هاي قبل هاي....