بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 12.05.2011
لا ينكر عربي دور سورية الوطني في التصدي للمشروع الأمريكي، وفتح الأبواب لتزويد حزب الله بالسلاح، ودعم المقاومة الفلسطينية، ولكن لا ينكر عربي حق الشعب العربي السوري في اختيار حاكمه، واعتماده الديمقراطية نهجاً في اختيار ممثليه في البرلمان، ولاسيما أن اختلاف الرأي، وتعدد الرؤى السياسية من مقومات الديمقراطية التي صارت من أولويات حقوق الإنسان في هذا الزمان، ولنا في عدونا الإسرائيلي الذي يغتصب أرضنا خير مثال في تطبيق الديمقراطية، وتبادل السلطة بين الأحزاب السياسية؛ التي تتنافس فيما بينها على سلامة الدولة الغاصبة، وضمان قوتها، وتفوقها على العرب.
وماذا يضير أي حاكم عربي لو أطلق العنان لحرية الرأي، وتعدد الأحزاب السياسية، وفتح باب الخلافات في الرأي، والاجتهاد في طريقة التودد للشعب، والتقرب منه بالقول والفعل؟ وماذا يضير لو اعتمدت سورية العربية نهج الديمقراطية في تبادل السلطة؟ وما الذي يمنع أن يكون بشار الأسد رئيساً لسوريا من خلال الانتخابات الديمقراطية، وأن تكون "آية نور الدين الأتاسي" في موقع "تسفي لفني" زعيمة حزب المعارضة الإسرائيلي، التي تناظر حزب نتانياهو، وتقارعه أمام صندوق الاقتراع بالعمل وسط الجمهور، وتنافسه على مرضاة الشعب، وفي الوقت نفسه تقف من خلفه في أي معركة عسكرية؟. وماذا يضير لو صار بشار الأسد بعد ذلك زعيماً للمعارضة، وصارت "أية نور الدين الآتاسي" رئيساً لسوريا؟ الدولة التي لن تكون ملكاً لشخص، ولن تصير مطية لحاكم على مر الأجيال.
لا يصح لعربي توجع من الاغتصاب الإسرائيلي لأرضه، واكتوى من نار الاحتقار الإسرائيلي لحقوقه الإنسانية، أن يصمت أمام ما يجري في سوريا، ولا يصح لعربي تأذى من الغزوٍ الأمريكي، أو أهين يوماً من حاكم مستبد، لا يصح له أن يمر على الأحداث التي تحري على الأرض السورية دون أن يتعاطف مع الشعب السوري في محنته، ودون أن يدعو لهذا الشعب بالنصر المبين، ولاسيما حين يقرأ كلمات المرأة العربية "آية نور الدين الأتاسي" ابنه الرئيس السوري نور الدين الآتاسي، الرئيس الذي انقلب عليه وزير دفاعه "حافظ الأسد" سنة 1970م، وأودعه الزنزانة اثنين وعشرين عاماً، تجرعت خلالها ابنته "آية" ألم الفراق، وحين خرج أبوها من الزنزانة، سافر إلى فرنسا للعلاج من مرض السرطان، ولكنه مات بعد أسبوع واحد من خروجه. تقول "آيه الآتاسي": يمر وجه أبي بين وجوه المعتقلين السياسيين، ليذكرني كم هي كثيرة الحكايات التي تشبه حكاياتنا. آباء يختفون في السجون، وأطفال يكبرون خارج الزمن، لا نريد لأطفال سورية مستقبلاً يشبه ماضينا.
إنها دعوة إلى الحرية دون انتقام، فكيف لا يجاري دمع الأحرار الدمعة التي تسيل على خد سوريا؟ وكيف لا تبكي الثاكل للثاكل، بينما الحزن بحر يضرب موجه شواطئ العرب التي غرقت موانئها بحكم الفرد، وتسلط الحزب الحاكم؟.