بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 30.05.2011
سألني السيد فاروق الإفرنجي ـ رئيس هيئة التقاعد الفلسطينية ـ السؤال الذي يجب أن يسأله كل فلسطيني، ويتوجب أن ينتظر الجواب عليه كل عربي تهمه قضية فلسطين، سألني قائلاً: هل سيتوجه الرئيس عباس إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول، أم سيتراجع عن هذه الخطوة في اللحظة الأخيرة؟
دون تردد، وبكل ثقة أجبت: من المؤكد أن السيد عباس سيتوجه إلى الأمم المتحدة، ولاسيما أن حكومة "نتانياهو ليبرمان" قد عقدت العزم على دفع الفلسطينيين دفعاً للتوجه إلى الأمم المتحدة، فإذا أضيف إلى هذا التعنت اليهودي المتطرف العقدي، موقف الرئيس الأمريكي "أوباما" في خطابه الشهير أمام منظمة إيباك" اليهودية، وندمه على ما قاله بحق العودة إلى حدود سنة 67، وتراجعه المهين عن أقواله، ثم، موقف مجلسي النواب والشيوخ الأمريكي الذين صفقوا ـ بشقيهم الديمقراطي والجمهوري ـ لمواقف "نتانياهو" السياسية المتطرفة، كل ذلك يجرد السيد عباس من أي أمل في تحقيق أدنى حلم لأبسط امرأة فلسطينية عافت الحرب، ويعجل في دفع القضية إلى ما هو أبعد من أروقة الجمعية العمومية، لتبدأ المواجهة الدبلوماسية التي تلقي حجاباً أسوداً على المفاوضات، ويبدأ تكشف الواقع الفلسطيني المؤلم، والمحرج لكل من حكومة "نتانياهو" والإدارة الأمريكية..
فهل السيد عباس مهيأ للمواجهة مع إسرائيل؟ وهل قادة العرب قادرون على تحدى الإدارة الأمريكية؟ وهل السيد عباس على استعداد لتغيير الخيارات الفلسطينية، وتشريع أبواب الشعب الفلسطيني على كافة الاحتمالات؟
في تقديري المتأني والشفاف، وبعد التدقيق في تجربة السيد عباس التفاوضية مع إسرائيل على مدار عشرين عاماً، اكتشف أن تاريخ أيلول لن يكون مقدساً، رغم أن السيد عباس قد بشر فيه قبل عامين، وانتظره كملاذ من الإحباط لمده عامين كاملين، وتحدث عنه السيد فياض بإفاضة، ووعدا كلاهما الشعب الفلسطيني بالدولة والسيادة، وللدلالة على تقديري الشفاف هذا أعود إلى كلام السيد عباس نفسه، خلال افتتاح اجتماع القيادة الفلسطينية يوم الأربعاء 25 مايو في مقر الرئاسة في رام الله، حين قال: إن خيارنا الأساسي هو المفاوضات، وإذا لم يحصل تقدم في المفاوضات قبل أيلول فسنتوجه إلى الأمم المتحدة"
إذن، فالرجل ما زال يأمل في أن يتحقق تقدم ما في المفاوضات قبل أيلول، تحرك يساعده على التخلص من الموعد الذي صار مشئوماً؛ لأنه صار سيفاً مسلطاً على مستقبل عباس السياسي، كما هو مسلط على عنق المفاوضات!
لقد التقى مع السيد عباس في كلامه هذا المبعوث الأمريكي الأسبق "جورج ميتشل" الذي قال: إن انسحاب الفلسطينيين وعدم اتجاههم للجمعية العمومية فى الأمم المتحدة، سيجعل "أوباما" يعمل على مساعدة السلطة الفلسطينية. وأضاف: إن حل القضية الفلسطينية موجود في الولايات المتحدة وليس في الأمم المتحدة.
نستنتج مما سبق أن أي مساعدة الأمريكية ستكون مقرونة بعدم التوجه إلى الأمم المتحدة، وهذا ما ينتظره السيد عباس، وما لا يستغني عنه، وما يأمل تحققه قبل حلول موعد أيلول، ولاسيما أن السيد عباس نفسه يعرف أن فكرة أيلول كانت أمريكية الأصل، بدعم أوربي، ولا جدوى لها طالما قد تخلت عنها أمريكا، وقررت الوقوف ضدها، وللدلالة على ذلك، سأشير إلى ما قاله الرئيس الحالي للجمعية العامة السويسري "جوزيف دايس"، عندما سئل: إذا ما كان هناك سبيل لحصول الفلسطينيين على عضوية الأمم المتحدة إذا رفضت الولايات المتحدة ذلك. فقال الرجل بجلاء: لا يمكن.
زيادة على ما سبق فإن ميثاق الأمم المتحدة يقول: إن الجمعية العامة هي التي تعترف بالأعضاء الجدد، ولكن بتوصية من مجلس الأمن الذي يضم 15 دولة تتمتع من بينها خمس دول بحق النقض، ورأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية.
فهل نحن أمام تأخير عرض تقرير "غولدستون" على الأمم المتحدة من جديد، وتبرير ذلك من خلال عقد جلسة خاصة للجنة المتابعة العربية، تجيز التراجع والتريث والتعقل!؟ وهل سيفاجئنا السيد عباس، قبل أيام من شهر أيلول، بما يحول دون نيل عضوية فلسطين في الأمم المتحدة. هذا ما ستنجلي عنه الأسابيع القادمة. وتوقعوا كل شيء.