بقلم : إبراهيم حسين أبو صعلوك ... 04.06.2011
لم تقتصر التأثيرات التي أفرزتها الثورات العربية على الأوضاع الداخلية في الدول التي اجتاحتها هذه الثورات كالسيل الجارف، وحققت ما لم يكن أحد يحلم به خلال أيام، وفاجأت الصديق قبل العدو، ولعل أهم هذه التأثيرات على المشهد الفلسطيني على المدى القريب هو زوال أثار الوكسة بإنتهاء الانقسام بين الفلسطينيين أنفسهم، وعودة اللحمة، ووحدة الصف بينهم، وتسيرهم مسيرات عودة ضخمة نحو الحدود في ذكرى النكبة لتأكيد على حق العودة وكمؤشر منهم على إصرارهم على ضرورة زوال أثار النكسة وأثار أحدى أبرز نتائج النكبة بعودة اللاجئين إلى وطنهم.
ولعل هذه الثورات هي السياج الواقي والحامي للوعي الراسخ لدى الجيل الحالي من الفلسطينيين الذي يعتبر أن النكبة هي التي ورثت هذا الشعب هذا الشتات وورثته أيضا نكسة عام 1967 ووكسة الانقسام الذي كان الاحتلال دون أدنى شك هو السبب الرئيس فيه وكان يود لو يؤبد إلى ما لانهاية لأنه أولا وأخيرا يخدم مصلحته ويكرس احتلاله للأرض العربية.
لقد أعادت الثورات العربية وخاصة في مصر العرب، العرب إلى ربيعهم وبثت الحياة في عروقهم فهذه الثورات أخرجت دون شك الشعب الفلسطيني من مرحلة الوكسة التي خلفها الانقسام الفلسطيني، وزرعت البذور الفعلية الأولى الإنهاء مرحلة النكسة، والتي سيتم حصادها بشكل نهائي عند إعلان الدولة الفلسطينية، وزوال الاحتلال عن الأراضي المحتلة، وكذلك بدأت تظهر بفضل هذه الثورات وبركاتها بوادر انتهاء اثأر أحدى أبرز نتائج النكبة أيضا، والتي ستكتمل عند عودة ألاجئين إلى أراضيهم.
بالإضافة لهذا كله فقد أصابت خيرات هذه الثورات فلسطينيي الداخل أيضا فها هو وعيهم لما يحاك لهم قد ازداد أضعاف، أضعاف ما كان عليه في الماضي ليس بالبعيد عندما كانت إسرائيل تغررهم بالمساواة والديمقراطية الزائفة، كما وأدركوا إن الوحدة هي الطريق الوحيد للتصدي لمكائد السلطات الإسرائيلية. من هنا هاهي بشائر الوحدة بين شقي الحركة الإسلامية في الداخل قد بدت تلوح في الأفق، ولا محالة أن هذا الوعي سيدفع مع الأيام باقي الأطر السياسية الأخرى في البلاد إلى توحيد الصفوف فان تعذرت الوحدة الفعلية فسيكفي التعاون الحقيقي، والجاد بين هذه الأطر في سبيل التمسك بالأرض والبقاء عليها، لان الصغير قبل الكبير أصبح يدرك إن هم إسرائيل الوحيد وشغلها الشاغل في المرحلة الحالية هو التخلص من الوجود العربي في البلاد بشتى الطرق ابتداء بالمناداة بيهودية الدولة وانتهاء بالتبادل السكاني وتبادل الأراضي بذرائع الحفاظ على الأمن، لتصل إلى التخلص من الوجود العربي في الداخل.
أن الوعي الذي يتمتع به الشعب الفلسطيني والقراءة الصحيحة لمجريات الأمور في المنطقة والعالم لكفيلان بأن يجعلا الفلسطينيين يتنبهون ويدركون جيدا لما يجري حولهم وأن يغتنموا الفرص بشكل واع ومدروس فالعالم بعد الثورات العربية لم يعد كما كان قبلها وأصبح يعلم أن الكلمة أصبحت للشعوب التي لا يستطيع احد ولو كان أقوى الحكام والأنظمة في الدنيا الوقوف أمامها ولا شك أن الشعوب العربية تحب فلسطين وتحب القدس فإن كان حكام الماضي قد حولوا قضية فلسطين وقضية القدس لقضية الفلسطينيين وحدهم فليسعى الفلسطينيون الآن في عهد حكم الشعوب إلى إعادة القضية الفلسطينية وقضية القدس لتكون كما كانت سابقا قضية العرب والمسلمين كافة وهذا هو الضمان الوحيد لمحو أثار النكسة بزوال الاحتلال وأثار أحدى أبرز نتائج النكبة بعودة اللاجئين كما زالت أثار الوكسة بزوال الانقسام.