بقلم : ديمة اللبابيدي ... 24.05.2011
الشعوب تريد تحرير أمريكا”.. هذا هو الشعار الذي لابد من رفعه فوراً لنتلخص جميعاً (فلسطينيين وعرب وغيرهم) من مشاكلنا، فقد أثبتت هذه الدولة “واحة الديمقراطية الثانية بعد إسرائيل”، أنها أكثر بلاد العالم التي تعاني من الاحتلال الإسرائيلي. الرئيس الأسود الذي أراد أن يثبت للعالم أن لونه ليس لون العبيد كما كان يعتقد السفهاء، فشل في اختباره. ليس بسبب لون بشرته بالطبع، فــــ”نيلسون مانديلا” مثلاً خير دليل على حرية من أرادهم الله أن يكونوا مميزين بسمرتهم، لكن هذا الرجل كان يجب عليه أن يتخلص من عقدة العبودية التي لحقت به وبأجداده، بتحرير عقله. اليوم وفي خطاب جديد للرئيس الأمريكي “باراك أوباما”، ألقاه أمام اللجنة الأمريكية للشؤون العامة لإسرائيل ايباك، وهي جماعة ضغط مؤيدة لاسرائيل، عادت لهجة المهزوم لتسيطر على الأجواء. تلك اللهجة التي يعرفها العرب تماماً لكثرة ما شعروا بها في أصوات رؤسائهم،
وبدل أن نتوقع مزيداً من الصرامة في الموقف الأمريكي تجاه تعنت إسرائيل، وجدنا لهجة مختلفة تماماً. فقبل هذا الخطاب، أفردت الصحف الاسرائيلية الرئيسية الثلاث صفحاتها الأولى لصورة الاجتماع داخل المكتب البيضاوي وما عكسته من تشنج وعدم اتفاق يكاد يكون مطلقا، وعلق عليها الكتاب الإسرائيليون بالقول:” حين دخلنا المكتب وجدنا شخصين بوجهين غاضبين يحملان الكثير من علامات التحدي وقد جلسا على كرسيين دون حراك وكأنهما تمثالان من الشمع″!. أعتقد أن المصورين لن يجدوا ابتسامة أكثر جاذبية من ابتسامتي “الصديقين” كما أحب نتنياهو أن يُطلق عليهما، وربما تتهافت شركات الإعلان للالتقاط صور لهما للترويج لمعجون أسنان جديد يذيب الجراثيم في الفم، والجليد في القلوب أيضاً! كيف لا وخطاب السيد “الديمقراطي” يجدد تأكيد رؤية أمريكا للسلام (راجع كلمة “السلام” في القواميس الحديثة.. لقد تغير معناها)، كما أنه يتحدث بطريقة حضارية عن حق الإسرائيليين والفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة على حدود الأراضي المحتلة عام 67، مع تبادل للأراضي بين الجانبين آخذاً في الاعتبار الواقع السكاني والديمغرافي الجديد، بما يعني أن حدود 67 التي نعرفها تختلف عن تلك التي يتحدث عنها هذا الرجل، ويبدو أن على الفلسطينيين الكف عن التكاثر حتى لا يختل التوازن الديمغرافي أكثر!. المثير في خطاب الرئيس الفذ أيضاً، أنه لا يريد للفلسطينيين الذين يدعوهم لإقامة دولتهم (بالشروط الامريكية) أن يتوحدوا، ويريد منهم الاعتراف بشكل كامل بإسرائيل وإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المختطف “جلعاد شاليط”، بينما موضوع إطلاق سراح 6 آلاف فلسطيني، سيتم بحثه لاحقاً، كما يتعهد الرئيس الأمريكي بحماية إسرائيل والحفاظ على تفوقها العسكري. لن أعلّق على ما سبق لأن الكل بات يعرف قواعد اللعبة جيداً، ولكن الذي يحيرني.. كيف يرضى المواطن الأمريكي أن يعاني من الفقر والبطالة بينما مئات الملايين من الدولارات تسخر لـــــ”الحفاظ على أمن إسرائيل”، وكيف ترضى دولة “عظمى” مثل أمريكا أن تخضع لإسرائيل. يبدو الآن واضحاً وبجلاء لماذا فاز “باراك أوباما” في الانتخابات الرئاسية. أولاً بدعم اللوبي الإسرائيلي الذي يراقصه الآن على أنغامه كيفما يشاء حتى بات لا يجيد الرقص على أنغامٍ أخرى، وثانياً لأن الشعب الأمريكي تغلب عليه صفة العبودية حتى لو اختلفت ألوانهم عن لون رئيسهم، وهو بالتالي ليس مختلفاً عنهم. أرى أن الواجب يدعونا، نحن الأحرار الذين لا نملك شيئاً مما تملكه أمريكا ونصرخ رغم ذلك في وجه محتلنا بتحدي، أن نمد يد العون لهؤلاء الذين يعانون من الاحتلال الإسرائيلي أضعاف ما نعاني، ونعلمهم معنى “الحرية” بمفهومنا وليس بمفهومهم.